يُبقي حزب “القوات اللبنانية” قنوات التواصل مفتوحة مع مرجعيات روحية وسياسية عدة، سعياً الى ترجمة “فعل المقاومة” الذي دعا إليه رئيس الحزب سمير جعجع أخيراً. وعلى صعيد “تنسيق الخلاف” مع الحلفاء المفترضين، حصل أخيراً تواصل على خط معراب ـ “بيت الوسط”، جرى خلاله الاتفاق على التعامل مع الاختلافات، وشَمل تَمنّي الرئيس المكلف سعد الحريري على جعجع الانتظار الى ما بعد تأليف الحكومة للحُكم عليها.
التواصل بين معراب و”بيت الوسط” جرى إثر سوء التفاهم الاعلامي الذي حصل بعد “تغريدات” الأمين العام لتيار “المستقبل” أحمد الحريري، وذلك بهدف وَقف هذه الحملات بين “الحليفين الاستراتيجيين” المختلفين عملياً حول الأمور المتصلة بمقاربة الملفات الآنية. واتُفق خلال هذا الاتصال على أنّ لكلّ طرف الحرية في التعبير وفق طريقته. وأكدت معراب أنّها لا تستهدف الحريري بل هي تتحدث عن الأكثرية الحاكمة لا عنه، وأنّ موقفها من الرئيس المكلف أيّاً تكن هويّته هو نفسه في هذه المرحلة، فهي تعتبر أنّه في هذه المرحلة لا يمكن لأي رئيس حكومة، في ظلّ الأكثرية المتحكمة بالقرار، إنجاز أي شيء، وأنّ موقف «القوات» المتشدّد يمكن أن يَستغلّه الحريري وأن يستخدمه لتحسين شروطه التفاوضية. أمّا من جهة “بيت الوسط” فتم تأكيد ضرورة الحكم على النتائج وليس على ما يجري الآن أو على ما يُشاع أو ما يُسرّب عن عملية تأليف الحكومة، وأنّ الحريري متمسّك بحكومة اختصاصيين مستقلين.
وتم الاتفاق بين معراب و”بيت الوسط” على إبقاء الأمور بين التفاهم والنقاش والحوار، حتى لو حصل خلاف في وجهات النظر، وألّا يتحوّل خلافاً سياسياً وإعلامياً.
الى ذلك، هناك تواصل “مفتوح” بين “القوات” وأكثر من فريق سياسي بهدف الاتفاق على “برنامج عمل وطني” لهذه المرحلة. وفي هذا الإطار، عُقد لقاءان سياسيّان مع “لقاء سيدة الجبل”، الهدف منهما توحيد القراءة السياسية في هذه المرحلة، ووضع خط فاصل لكلّ المواضيع الخلافية، والتأسيس للمرحلة المقبلة. كذلك، إنّ تواصل “القوات” مع “الحزب التقدمي الاشتراكي” قائم ومفتوح، وهناك حوار قوّاتي مع بعض قيادات “ثورة 17 تشرين” والكادرات الحريصة على الذهاب في اتجاه أنّ “يدنا بيَد كلّ من يريد خلاص لبنان وإنقاذه وقيام الدولة”.
وفي حين أنّ الحوار بين “القوات” والبطريركية المارونية مفتوح ودائم، فإنّ جعجع يُرسل وفوداً للقاء المرجعيات الدينية والروحية والتواصل معها، بهدف “تَمتين أواصر العيش المشترك، وترسيخ وجود الناس في أرضهم وإبعاد اليأس والإحباط عنهم، وتزخيمهم بخطاب تدعيمي إيماني”. وتبحث الوفود القواتية مع الجهات الروحية والسياسية في الوصول الى أفكار مشتركة للخروج من هذه الأزمة.
كلمة “المقاومة” تركت تساؤلات لدى جهات عدة عن معناها وطريقة ترجمتها، بعد أن قال جعجع أخيراً إنّ هناك «حاجة الى روح مقاومة كالتي كانت لدينا بين عامي 1975 و1990، لأنّ هناك خطة جدية من محور المقاومة للسيطرة على الوضع في لبنان”. كذلك، قال أحد المسؤولين في “القوات” أخيراً إنّ “الحزب قد يصل للدعوة الى العصيان المدني”. فما هي خطة “القوات” لمواجهة هذه المرحلة؟
تركّز “القوات” جهدها في هذه المرحلة على 3 مستويات أساسية:
ـ المستوى الأول، الذي تحدث عنه جعجع، وهو المقاومة السلمية الهادفة الى مَد الناس بجرعات من الزَخم لكي لا ييأسوا ولا يُحبطوا في ظلّ أزمة لم يشهد لبنان مثيلاً لها في تاريخه، وبالتالي للحفاظ على هذه “الروحية المقاوماتية النضالية الايمانية” تجنّباً للانهيار والاستسلام والتسليم بالأمر الواقع، وذلك لتثبيت هذه الروحية أو استعادتها في هذا الزمن الصعب بغية مواجهة الصعاب الكبرى التي تواجه اللبنانيين في مرحلة دقيقة، لكي لا يسلّموا بسياسة الأمر الواقع فيتمكن الطرف الآخر من إمرار مشروعه للبلد.
ـ المستوى الثاني، التفكير في الغرف المقفلة داخل “القوات” ومع القوى السياسية الأخرى، بـ”ما العمل؟”، إذا استمرت الأمور على ما هي عليه الآن، ولم يتحقق أيّ من الهدفين الاستراتيجيين اللذين حددتهما “القوات”، وهما: حكومة اختصاصيين مستقلّين وإجراء انتخابات نيابية مبكرة. وإنّ “القوات” في إطار التفكير والبحث العميق في البديل إذا لم تتألف حكومة من هذا القبيل، ولم يُصَر الى تقصير ولاية مجلس النواب. وهي تبحث في كلّ الخيارات المطروحة، ومنها النزول الى الشارع ودعوة الناس الى التحرك مجدداً من أجل تحقيق التغيير. تنزل مجدداً من أجل التغيير.
ـ المستوى الثالث، التواصل مع بعض القوى السياسية للاتفاق على تشخيص مشترك حول الأزمة، إذ انّ هناك خلافات في وجهات النظر حول ملفات عدة، ولا يُمكن الذهاب الى برنامج عمل وطني مشترك من دون الاتفاق على تشخيص مشترك يؤدي الى أهداف مشتركة، ومنها عناوين: إسقاط رئيس الجمهورية وما بعد ذلك، الانتخابات المبكرة ووفق أيّ قانون تجري… إذ يجب بالنسبة الى «القوات» الاتفاق على العناوين الاساسية كلّها لوضع خريطة الطريق المطلوبة.