اخصامه يتحدثون عن «عملية انتقامية موسعة»
لا يكاد حزب «القوات» ينهي خلافا حتى يطلق شرارة خلاف جديد. هو فعلياً اليوم على خلاف مع معظم القوى السياسية وان تفاوت حجمه بين فريق وآخر. الارجح هي استراتيجية وسياسة قررت معراب انتهاجها للتعامل مع المرحلة الراهنة، فتح نيرانها على الجميع من دون التمييز بين حليف وخصم سابق او راهن. هي تضعها في خانة تعاطيها مع كل طرف «على القطعة» وحسب الملف، فالتفاهم الذي قد يقارب التحالف في ملف ما قد يقابله في ملف آخر خصومة لحد العداء. وليس أبلغ مثال على ذلك الا خوض العونيين والقواتيين المواجهة يداً بيد بملف قانون الانتخاب و التدقيق الجنائي قبل عودتهم الى متاريسهم على اثر الهجوم الذي شنه رئيس «القوات» سمير جعجع على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، متّهماً إياه بالكذب ومحمّلاً إياه مسؤولية تعاظم دور حزب الله في الداخل اللبناني، ليعيد العلاقة بين الطرفين الى ما دون الصفر.
مطلع الاسبوع الحالي وعلى خلفية المواقف المنسوبة لقائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني، علي حاجي زادة، بدأ القواتيون حملة غير مسبوقة منذ فترة طويلة على حزب الله بعد مرحلة من اعتماد سياسة ربط النزاع التي ينتهجها ايضا تيار «المستقبل» والحزب «التقدمي الاشتراكي»، توجه جعجع بهجوم لاذع على الامين العام للحزب حسن نصرالله محملاً المقاومة مسؤولية كل ما يتخبط فيه لبنان.
ولا يبدو ان القواتيين بصدد بذل اي جهد يذكر في المرحلة الحالية لوصل ما انقطع مع تيار «المستقبل»، وهم يردون ذلك لرفض «المستقبليين» انفسهم ملاقاة اليد القواتية التي مدت لهم لفترة طويلة، من هنا كان قرارهم عدم تسمية الحريري مؤخراً ورفض المشاركة بحكومته.
واذا كانت المعارك «القواتية» تتركز بشكل اساسي بوجه الثلاثي السابق ذكره، الا ان باقي الفرقاء ينالون نصيبهم ايضاً من «الفورة» القواتية، ومنهم مؤخرا ًرئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي خاضوا مواجهة عنيفة في وجهه على خلفية قانون الانتخاب. ولكن الصفعة التي تلقتها معراب من حيث لا تدري، اتتها من رئيس «المردة» سليمان فرنجية الذي اعتقدت انها طوت معه صفحة الخلاف، فاذا به ينسف مؤخراً كل المساعي والجهود التي بذلت منذ اتمام المصالحة ليعيد العلاقة بين الطرفين الى نقطة الصفر. وقد بذل «القواتيون» جهداً لمنع الامور من التفاقم اصلاً، فاستوعبوا مواقف فرنجية وتجنبوا الى حد بعيد مجاراته بالتصعيد.
وتتمسك معراب حالياً بعنوان اوحد تطرحه كمخرج للازمة الا وهو الانتخابات النيابية المبكرة، وهو طرح لا تجاريها فيه الكثير من القوى السياسية ما جعلها تتأنى بالقيام بأي خطوة متقدمة في هذا المجال، من هنا، كان قرارها عدم استقالة نوابها من المجلس النيابي تزامناً مع تقديم عدد من النواب الآخرين ومعظمهم مستقلين استقالاتهم بعد انفجار مرفأ بيروت.
وبحسب مصادرها، تعتبر «القوات» ان الاولوية اليوم يجب ان تكون للعودة الى صناديق الاقتراع والوقوف عند رأي الناس بعد التغيير الجذري الذي طرأ بعيد «انتفاضة 17 تشرين الاول 2019»، لكن واذا كانت الاكثرية النيابية غير متجاوبة، فالخيار البديل تشكيل حكومة اخصائيين مستقلين وليس على شاكلة الحكومة المنوي تشكيلها التي تتناتش القوى الحاكمة الحصص فيها وكأنها لم تتعلم شيئا بعد 17 تشرين وانفجار المرفأ.
ولا ترى القيادة القواتية اي امل بالتغيير المنشود في ظل المشهد الحالي، لذلك تراها ناقمة على الجميع وعلى كل شيء.
الا ان المثالية التي تنادي بها معراب، تبدو لأخصامها «مجرد عناوين زائفة تندرج باطار تنفيذ اجندة خارجية وبالتحديد اميركية- سعودية»… هؤلاء يعتبرون القواتيين «انتهازيين يستغلون الفرص لكسب تأييد شعبي اكبر، ومن هنا، كان جهدهم الاساسي منصب على ركوب موجة «الثورة» وتصوير انفسهم معارضين شرسين، علماً انهم كانوا اكثر من شركاء في الحكم على مر السنوات الماضية».
ويشدد اخصام «القوات» على انه «بعدما حاول جعجع في المرحلة الماضية التقرب من الجميع ومن بينهم حزب الله ظناً انه بذلك يعبد طريقه الى قصر بعبدا، يحاول اليوم انتهاج سياسة معاكسة اي مخاصمة وتهميش الحلفاء والاخصام على حد سواء، فهل بعدما فشلت السياسة السابقة تنجح السياسة الحالية؟ طبعا لا، فهي سياسة تندرج حصراً في اطار عملية انتقامية موسعة»