«القوات» لـ «الديار»: عون انقلب على اتفاق معراب منذ الأسبوع الأول لتشكيل الحكومة لأهداف توريثية
اعتبرت مصادر قيادية في «القوات اللبنانية»، أن مشكلة العهد هي مع جميع اللبنانيين بسبب إدارته السياسية التي أوصلت لبنان إلى ما وصل إليه، وقالت لـ «الديار»، انه إذا كانت ظروف الفراغ الرئاسي والتراجع عن ترشيح الدكتور سمير جعجع في العام 2016، والمبادرة إلى تبنّي مرشح من 8 آذار، قد جعلت «القوات» تتبنى ترشيح العماد ميشال عون، إلا أن هذا الترشيح كان وفق أسس سياسية أُعلنت من معراب ضمن ما عُرف بـ «البنود العشرة». وأوضحت هذه المصادر أن هذه الأسس ركزّت على السيادة والإستقلال ومشروع الدولة وتحييد لبنان ودوره ضمن الشرعيتين العربية والدولية، وبالتالي، يُلام اليوم الطرف الذي تراجع عن هذه البنود السياسية وانقلب على هذا الإتفاق.
وأكدت المصادر نفسها، أنه لو تم الإلتزام بهذا الإتفاق، لكان حضور الدولة ودورها قد توسّع، ولكن الحسابات الرئاسية «التوريثية» لفريق العهد، قلبت الأمور رأساً على عقب، فتم التبرؤ من اتفاق معراب بشقه الوطني – السياسي، كما التبرؤ منه بشقه المتعلّق بإدارة الدولة، ومنذ الأسبوع الأول لتشكيل أولى حكومات العهد، تم رفض تشكيل لجنة مشتركة بين الفريقين لمتابعة جدول أعمال مجلس الوزراء، وبدأ «التخبيص» في الملفات على اختلافها، وفي طليعتها ملف الكهرباء.
وقالت المصادر القواتية، أن هذا الفريق لا يستطيع أن يتذرّع بالجملة الشهيرة «ما خلّوني»، لأنه عدا عن كونه يمارس صلاحياته الرئاسية على أكمل وجه، فإن لديه أكثرية نيابية ووزارية وفي كل الحكومات، ومدعوماً بشكل أساسي من «حزب الله»، وبالتالي مقولة «ما خلّوني» ساقطة، فيما الحقيقة أن اهتمامه في غير مكان.
وذكّرت المصادر، بأن انتخاب عون كان سيحصل من دون «القوات» في ظل دعم «حزب الله» له، وسعي بعض القوى في 14 آذار السابقة إلى ترشيح شخصية من 8 آذار لوضع حدّ للفراغ المتمادي، ورأت أن الناس قالت كلمتها في انتفاضة 17 تشرين، وما هو مطلوب اليوم ليس فتح سجالات لا طائل تحتها، إنما وضع الخطط الإنقاذية المطلوبة، لأن الشعب ملّ من الخطابات والسجالات والمواجهات، ويريد أن يتجنّب الجوع، علماً أن أكثر من نصف الشعب اللبناني بات تحت خط الفقر، وبالتالي، فإن المطلوب وبقوة وإلحاح التفكير بطرق الإنقاذ، و«القوات» تجد في الإنتخابات المبكرة التي يتم اللجوء إليها في كل بلد تعصف فيه الأزمات الطريق الأساس لهذا الإنقاذ، فكيف بالحري في ظل أزمة وطنية وسياسية ومالية وشعبية، ولاختصار المعاناة فإن المطلوب اليوم واحد، وهو جبهة سياسية تحت عنوان أوحد الإنتخابات النيابية المبكرة، لاستبدال الأكثرية الحالية بأكثرية جديدة.
وتعتبر المصادر القواتية، أن الأولوية اليوم هي لإخراج لبنان من أزمته المالية والإقتصادية والمعيشية والإجتماعية، الأمر غير الممكن تحقيقه سوى عن طريق الإنتخابات المبكرة التي تعيد إنتاج كل السلطة، ومن ضمنها رئاسة الجمهورية، لأنه يستحيل فرملة الإنهيار عن طريق الأكثرية الحالية التي أوصلت لبنان إلى القعر، وبالتالي، يخطئ كل من يظن أن هناك فرصة للإنقاذ مع الفريق الحاكم.
ومن هنا، ترى المصادر، أن ما حصل مع الحكومة المستقيلة سيتكرّر مع أي حكومة مقبلة، لأن الفريق القابض على السلطة لن يقدم على الإصلاح الذي يتناقض مع طبيعته، ما يعني أن الوضع سيواصل انزلاقه من السيىء إلى الأسوأ، ولا إمكانية لوقف معاناة اللبنانيين سوى بوحدة موقف بين القوى المعترضة على هذا الواقع، لأنه خلاف ذلك سيكون الفريق الحاكم هو المستفيد من الشرذمة الموجودة.
وتؤكد المصادر، أن الأولوية في المرحلة الحالية هي في التعالي عن الحساسيات والحسابات الضيقة، والتلاقي ضمن مساحة مشتركة تشكل قوة ضغط شعبية وسياسية لفرض تقصير ولاية مجلس النواب، والذهاب إلى الإنتخابات المبكرة الكفيلة باستبدال الأكثرية الحالية ووضع البلد على سكة الإنقاذ، ومن لديه خطة أخرى فإن «القوات»على أتم الإستعداد لمناقشتها، إلا أن التغيير في كل الدول الديموقراطية يحصل عن طريق صناديق الإقتراع بالعودة إلى الناس، معتبرة أن من يرفض هذه الإنتخابات هو الفريق الحاكم الذي يقدِّم أقوى دليل على خوفه من نتائجها التي لن تأتي لمصلحته، باعتبار أن الناس تحمِّله عن حق مسؤولية الإنهيار الحاصل.
وتخلص المصادر، بأن إنقاذ لبنان يكون من خلال تكوين جبهة تضم المكوّنات المؤمنة بالتغيير، كما تعتبر أن أي تأخير يخدم فريق السلطة، ويخطئ أي فريق إذا اعتقد أنه باستطاعته تحقيق أي شيء منفرداً، والتجارب التاريخية أكبر دليل، فلو لم تجتمع القوى المسيحية ضمن لقاء «قرنة شهوان»، وتنفتح على القوى الأخرى ضمن لقاء «البريستول»، لما نجحت بإخراج الجيش السوري من لبنان، وكل هذه القوى مطالبة اليوم بوحدة موقف وصف لإنهاء معاناة اللبنانيين، فهل من يلاقي «القوات»؟