يقف حزب «القوات اللبنانية» بين رشقات «التيارين»، فتيار «المستقبل» يكيل الاتهامات لـ»القوات» على مواقف قديمة وجديدة، ومنها موضوع رفع الحصانات عن المدّعى عليهم في ملف جريمة تفجير مرفأ بيروت، وخرجت أصوات تعتبر أنّ «القوات» تحمي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أمّا «التيار الوطني الحر» فيتهم «القوات» بعرقلة سلفة الكهرباء، وقبلها خطط لهذا القطاع، فضلاً عن اعتباره أنّ كلّ هدفها وغايتها من تمسُّكها بالانتخابات النيابية المبكرة ومعارضتها لأي إجراء آخر، توسيع شعبيتها، اعتقاداً منها أنّها اللحظة المناسبة لاقتناص تراجع شعبية «التيار».
الى ذلك، يسأل البعض عن «الصمت القواتي» حيال قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفع الدعم كلياً عن المحروقات، مع ما يؤدّي إليه هذا القرار من تجويع للشعب اللبناني. ويرى هذا البعض، أنّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع يتفرّج على الأزمات، لأنّها تُسقط عون ومن خلفه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
لكن بالنسبة الى «القوات»، إنّ هذا الكلام «تعمية عن الحقيقة. فرفع الدعم ليس قراراً اتُخذ بين ليلة وضحاها، بل بعد فترة طويلة من التمهيد والتحضير له، وبعد تحذيرات من حاكم مصرف لبنان من أنّه لم يعد يملك أموالاً، وبالتالي لم يعد هناك من خيارات أمامه، وليس لإضعاف عون، بل مسار سياسي لسلطة فاشلة. والجميع كان يعلم أنّ هناك وقتاً محدّداً، حيث ستنضب الأموال ويجب البحث عن بديلٍ منها، وهذا الوضع غير جديد، ومعروف منذ أكثر سنة. ولا نتحدث عن مسألة مفاجئة بل عن مسار طويل، كانت لـ»القوات» خلاله مواقف عدة، حذّرت فيها ونبّهت ودعت الى ترشيد الدعم لكي لا نصل الى ما وصلنا إليه، وآخرها اعتبار جعجع أنّه لا يجوز أن تُصرف كل هذه الأموال هدراً على التجار والسماسرة والمهرّبين، ولم يستفد منها الشعب اللبناني، لأنّه لم تكن هناك إرادة للاستفادة منها بالشكل المطلوب بل على العكس، هناك إرادة لإبقاء الأمور على هذا المنوال».
لذلك، بالنسبة الى «القوات»، إنّ «مسألة وضع الناس أمام خيارات مستحيلة بين السيئ والأسوأ غير مقبولة، وهناك سلطة حاكمة عليها أن تسوس وتدير أحوال الناس وشؤونهم، وإذا كانت عاجزة عن ذلك، عليها أن ترحل. فلم نصل الى هنا بالصدفة، بل نتيجة سياسات وإدارة سيئة، ولأنّ أحداً لا يريد أن يستمع الى التحذيرات. وبالتالي هناك فريق سياسي يتحمّل مسؤولية الوضع الذي وصلنا إليه، ورفض الاستماع الى أنّنا سنصل حكماً الى هذا الوضع نتيجة السياسات الخاطئة، وكان يُفترض به اتخاذ قرارات وتدابير تحول دون ذلك ولم يتخذها».
وإذ تؤكّد مصادر «القوات» موقفها الواضح هذا، تشير الى موقفها الواضح أيضاً بالنسبة الى رفع الحصانات عن النواب الوزراء السابقين المُدّعى عليهم في جريمة المرفأ، وأنّها لا تعارض طرح تيار «المستقبل»، لجهة التعديل الدستوري لرفع الحصانات عن الجميع، بدءاً من رئيس الجمهورية. فالطرحان قد يلتقيان في مكانٍ ما، لكن الملحّ هو رفع الحصانات التي طلبها المحقق العدلي، ويُفترض النظر بالقرار الذي أصدره، ويجب تسهيل عمله. أمّا اقتراح «المستقبل» فيتطلّب مساراً طويلاً». وإذ تلفت الى أنّ جعجع قال لوفد كتلة «المستقبل»: «إنّ للبحث صلة»، توضح أنّ «طرح «المستقبل» يأخذ وقتاً، بينما هناك طلب ملحّ يجب الاستجابة له». وتجزم أنّ «لا خطوط حمراً على أحد، لا حول عون ولا غيره، وعلى الجميع التزام التحقيق»، مذكّرةً «أنّنا عندما نرفض تكليف رؤساء حكومات، فانطلاقاً من أنّ أي رئيس حكومة سيكون عملياً مكبلّاً ومحاصراً بين العهد و»الحزب»، وإذا قال بيطار يجب التحقيق مع الرئيس فيجب ذلك».
بالتالي، لا خطوط حُمراً لـ»القوات» في هذا الإطار، بل إنّ الخط الأحمر، بالنسبة إليها الآن، هو حول الاحتياطي الالزامي لدى مصرف لبنان. وترفض «القوات» اتهامها بترك اللبنانيين يغرقون في العتمة والجوع، معتبرةً «أنّنا إذا ذهبنا الى استخدام الاحتياط الالزامي، فهذه أموال محّددة وستنضب أيضاً، وهذا شراء للوقت ولا علاج في شراء الوقت، لأنّ لا سياسات إصلاحية ولا جدّية لمعالجة الأمور، وإلّا لما وصلنا الى هذا الوضع». وترى «القوات»، أنّ «هذا الاحتياط الإلزامي سيكون مصيره كالأموال التي صُرفت، مع هذا الفريق السياسي الذي استخدم كلّ أموال الناس وأوصل الدولة والبلد الى الانهيار والفشل، ولن نسمح له باستخدام الاحتياط الإلزامي، وهو ما تبقّى من مدخرات الناس وجنى عمرهم، لكي تستعملها دولة فاشلة هدرت مليارات الدولارات على قطاعات تستفيد منها، لأنّها لا تريد إجراء إصلاحات جدّية وجذرية فيها، لأنّها تشكّل لها مساحة للاستفادة الزبائنية ومن خلال الفساد. وبالتالي على الفريق السياسي أن يرحل. وهذه المسألة ليست قرارات شعبوية وتنظيراً سياسياً، بل هي وقائع، وكان هناك تحذيرات منذ أكثر من عام من قوى عدة وفي طليعتها «القوات».
وتقول مصادر «القوات: «بعد الاحتياط الالزامي سيأتون الى استخدام الذهب تحت حجة «لكي لا نُغرق الناس في العتمة»، وبالتالي نكون نتجّه في مسار، لكي يبقى هؤلاء الفاشلون في مناصبهم، نستخدم كلّ مدخرات الناس من جهة وكلّ ارتكازات الدولة التاريخية من جهة ثانية. ولن نسمح لفريق سياسي أن ينهب الدولة ويسرق كلّ أموال الناس، وهو يتلطّى خلف الناس فيما هدفه كسر الضغط عليه والبقاء في السلطة».
والحلّ الوحيد لأزمة المحروقات، يكمن الآن، بحسب «القوات، في أن «يحدّد وزير الطاقة فوراً جدول أسعار المحروقات تبعاً لقرار حاكم مصرف لبنان، وأن تلتئم الحكومة استثنائياً، لإقرار البطاقة التمويلية، فلا حلول أخرى. والدعم تحوّل سرقة للناس وللبنانيين وسرقة موصوفة من قِبل النظام السوري، والأرقام واضحة ولا تُكذّب، والدليل كيف صُرفت الاموال هدراً منذ لحظة تكليف الرئيس حسان دياب، ولو أُقرّت البطاقة منذ ذلك الوقت لما كنا وصلنا الى ما وصلنا إليه الآن».