IMLebanon

من استرداد الدولة لممتلكاتها إلى خزانات الأخوين الصقر… فتِّش عن المستهدَف

 

مساء الخميس 23 تموز 1992، أنهى مجلس الوزراء جلسته، وخرج وزير الإعلام آنذاك ميشال سماحة ليتلو مقرراته، ومن أبرزها: قرر مجلس الوزراء استعادة ممتلكات الدولة.

 

كانت الساعة قرابة التاسعة مساءً، وما هي إلا ساعات قليلة حتى بدأ الجيش ينفِّذ قرارات مجلس الوزراء والبداية كانت مع الـ lbc حيث وصلت قوة “مؤللة جدًا” من الجيش اللبناني على رأسها اللواء الشهيد فرنسوا الحاج، وكان آنذاك قائداً للكتيبة 51. وكان المطلوب استرداد مبنى دار المعلمين في صربا لصالح وزارة التربية، كأنها كانت في حاجة ماسَّة إليه قبل ثلاثة اشهر من بدء السنة الدراسية، وهذا الإلحاح دفع بالسلطة التنفيذية إلى إعطاء الأمر للجيش بتنفيذ القرار تحت جنح الظلام.

 

القرار “المتوازن” لمجلس الوزراء شمل: المجلس الحربي في الكرنتينا، حيث مقر قيادة القوات اللبنانية، مبنى الـ lbc ، قصر بيت الدين ومكتبة بعقلين وثكنة مهجورة للجيش اللبناني في بعلبك هي ثكنة الشيخ عبدالله.

 

اعترض النائب وليد جنبلاط ورفض تسليم قصر بيت الدين ومكتبة بعقلين، فكان له ما اراد.

 

ثكنة الشيخ عبدالله كانت مهجورة، واستردادها مزحة.

 

هذا يعني ان القرار كان يستهدف القوات اللبنانية: مقر القيادة و”القوة الإعلامية الضاربة” المطلوب إسكاتها قبل شهر بالكمال والتمام من الإنتخابات النيابية التي بدأت في 23 آب 1992 أي بعد شهر تماماً من استرداد مبنى دار المعلمين حيث لم يكن المقصود فتحه أمام المعلمين بل إقفال الـ lbc. لكن ما أغضَب الذين اتخذوا قرار الإقفال، وجعلهم في هستيريا، وهُم ليسوا مجلس الوزراء، بل مَن كان يتخذ القرار بالنيابة عن مجلس الوزراء، ان الإرسال، من مكانٍ ما، لم يتوقَّف لحظة، واثنان عرِفا به، ففشل مخططهم.

 

لم تتجرأ السلطة على جنبلاط. لعبت لعبة مع “حزب الله” فاستردت ثكنة مهجورة، كان المقصود تطويع القوات اللبنانية والـ lbc لدورهما في دفع الرأي العام إلى مقاطعة الانتخابات النيابية وهي كان انتخابات فضيحة الفضائح وسميت بانتخابات الـ 13 في المئة حيث قاطعها 87 في المئة من اللبنانيين.

 

بين تموز 1992 وآب 2021 ، أوجه شبه مع بعض الفوارق:

 

مبنى الـ lbc في صربا كان موجوداً منذ 1981 وافتتِح في 23 آب 1985 ، فلماذا استفاقت عليه السلطة في 23 تموز 1992؟

 

استفاقت عليه لأنها كانت تريد تطويع القوات اللبنانية من خلال نزع “القوة الإعلامية الضاربة” من يدها، لتمرير الإنتخابات بأقل إعلام ممكن وبتعتيم إذا لزم الأمر.

 

مع فارق التشبيه بينها وبين الـ lbc ، خزانات الصقر “السريَّة” يستغرق بناؤها أكثر من عام، ويستغرق ملؤها شهوراً، فكيف استفاقت السلطة عليها الأسبوع الماضي وكأن الخزانات بُنيت بساعات ومُلئت بدقائقَ!

 

هُم يعرفون بها لحظة البدء ببنائها ولحظة البدء بملئها.

 

إنتظروا التوقيت ليس، لاستهداف الأخوين الصقر بل لاستهداف القوات اللبنانية، علماً ان القوات أعلنت أن لا علاقة لها بالخزانات، وللمفارقة، الانتخابات النيابية على الابواب، كما كانت الانتخابات النيابية على الأبواب العام 1992.

 

التخزين ممنوع، والمُخزِّن يجب ان ينال عقابه، لكن المعايير مزدوجة وتشبه استرداد المجلس الحربي ومبنى دار المعلمين في مقابل استرداد ثكنة مهجورة والرضوخ لوليد جنبلاط في عدم استرداد قصر بيت الدين ومكتبة بعقلين.

 

مَن منكم بلا خزان فليرجم الصقر بحجر.

 

إذا كان الصقر مخالِفاً، فلتنزل به أشد العقوبات، ولكن هل هو المُخالِف الوحيد؟ تذكَّروا التوقيفات والأحكام التي طاولت فريقاً واحداً، إلى أين أوصلت؟

 

هل في السلطة مَن يستخرج العبر؟