IMLebanon

بمناسبة الذكرى الثانية لثورة 17 تشرين: إلى الجبهة السياديّة دُر

 

 

يقول أركان في ثورة 17 تشرين إنّ واقع الظروف التي فرضها حزب إيران في لبنان (حزب الله) ونصيره في حركة “أمل” السيد نبيه بري، فرضت عليهم عدم إقامة نشاط جماهيري كما كانوا يبتغون. دعنا نصدّق هذا الكلام. لا أريد أن أكرّر ما يقوله الآن ناشطون في هذه الثورة بأنّها أشبه بثورة مفلسة. فالواقع هو أنّها ليست ثورة خائبة بل أنّها ثورة لا تملك الرؤية الكافية لتقديم خيارات مقنعة إلى الناس. هي اتجهت إلى محاربة الدّمى، وتجاهلت محرّكها الذي يقف شامخاً على المسرح، وليس خلف الستار. دخلت في لعبة الكاراكوز، فصارت هي الأخرى دمية يلعب بها هذا الشامخ على المسرح.

 

قلنا مراراً لمن يسمّون أنفسهم بأركان الثورة، انهم لا يوجّهون أصابعهم إلى أصل البلاء، وبالتالي فلن يحصدوا نتائج. أنا الآن أتحدّى هؤلاء الأركان ومن بينهم أصدقاء لي، أن يقدموا على المنافسة الإنتخابية ضمن آليات اللعبة الكاراكوزية التي يصرّون على الإستمرار بلعبها. لن يفوزوا حتى بخمسة بالمئة من الأصوات. إختلفت الأولويات عند الناس اليوم. فالظروف الموضوعية التي أقامتها اللعبة الكاراكوزية، تحوّلت إلى صراع بين السياديين وقوى الإحتلال المقنّع للبنان. ولذلك سبق شعار إستعادة السيادة، كل الشعارات الأخرى على أهميتها كشعارات “كلن يعني كلن”، و”إعادة الأموال المنهوبة”، و”محاكمة أركان السلطة الفاسدة”.

 

اذا كان عليّ أن أختار بين مرشحي الثورة ومرشحي الجبهة السيادية، فإن صوتي سيكون للجبهة ولكل من يشارك فيها. شعار “كلن يعني كلن” لا يقوم على أساس الإتهام المطلق للأفراد، بل على طلب المحاسبة عن مرحلة كان صاحبها في موقع المسؤولية عن مصالح الناس. كل متهم بريء حتى تثبت إدانته. وأنا واثق أنّ كل عضو في الجبهة السيادية سيقبل بمحاسبته لأنه يعلم أنّه لم يشارك في نهب الناس وسرقتهم. وبالمقابل فكل من نهب المال العام لن يقبل بمحاسبته ولن يكون في الجبهة السيادية وهو من المناهضين للثورة ويتواطأ على مصيرهم ومستقبلهم.

 

وإذ أكرّر تحيتي لـ”القوات اللبنانية”، صخرة الصمود، أمام جحافل الحزب الإيراني وحلفائه، أقول لأهل الثورة وبكل صراحة، بأن “القوّات” صارت المرتجى الباقي لاستعادة سيادة وطنكم واستقلاله والإبقاء على أولادكم في أحضانكم. وكلّما اقتربت مواعيد الإنتخابات، سنرى مساعي مستميتة من أركان السلطة للتوافق ولو إنتخابياً لمنع التغيير. وبمثل هذه الحالة فالثورة ومرشحوها سيكونون فتاتاً على موائدهم.

 

إخواني في الثورة: أهل السلطة منقسمون إلى قسمين: إنهزامي يطالب بتسوية، ومتواطئ مع حزب إيران يطالب بالهيمنة الكاملة على كل مقدّرات البلاد. وبالطبع فإن جماعة التسوية ستسعى إلى تحالف إنتخابيٍ مع الشريك الآخر كي تستمر الحالة القائمة. وفي حين تغطّي فرنسا المطالبين بالتسوية، فإن إيران والملحق بها رئيس سوريا، يدعمان المتواطئين. أمّا أميركا ومعها أحرار العالم، فهم يريدون الدفع بجماعة السياديين. أميركا تفعل ذلك لتظل هذا الرمز المناهض لمن تصفه بالإرهاب. هي أولاً ستعزّز من مكانتها في الشرق الأوسط بعد فشل حزب إيران العراقي في الإنتخابات التي جرت هناك. كما سترضي شركاءها العرب وخاصة في الخليج. فإذا لم تقم جبهة سيادية مقنعة، فإن أميركا ستدير الظهر ولن تهتمّ كثيراً للنتيجة. فعودة حزب إيران إلى الحكم في لبنان، لا يغيّر في معادلة المنطقة بل سيؤخّر فيها بعض الشيء. وكل ذلك على حساب لبنان وأهله.

 

أمّا إدعاء الثورة بأنّها ترفض الجبهة السيادية والتحالف مع “القوات اللبنانية” بحجّة أنّها لا تريد العودة إلى تقسيم المجتمع بين 14 و 8 آذار جديدين، لا يتوافق مع المتغيّرات التي حصلت في المنطقة منذ عام 2010، ومع إنطلاق ما يسمّى بالربيع العربي أو “الفوضى الخلاقة”. نعلم جيداً أن”الفوضى الخلاقة” تسعى إلى إقامة شرق أوسط جديد. لبنان هو ساحة حرب في إطار بناء هذا الشرق الجديد، وعلينا أن نرفض تحويله جبهة في خدمة إيران ومشاريعها الشرق أوسطية. الخصم واضح، ولا يجب أن نقف عند هوية من يدافع عن سيادة لبنان واستقلاله. فهو في المحصّلة يدافع عن مصيرنا جميعاً.

 

أيها الثوار: أعيدوا النظر بتوجّه البوصلة، واستديروا نحو الجبهة السيادية. طالبتكم مراراً بدعم البطريرك في مسيرته السيادية، فرفضتم بحجة فساد أهل الدين. ما هي النتيجة؟ الوطن يضيع والفساد مستمرّ. وها أنا أطالبكم بوقف حربكم على “القوات”، وبإطلاق ماكينة التحالف مع الجبهة السيادية. أنتم من كل الطوائف والمناطق. فمن كان مسيحياً، عليه أن يتذكر بأنّ غلاة حزب إيران في لبنان يذكرون دائماً أن كسروان وجبيل هما لهم. وعليه فمصيره إما الرحيل بحثاً عن الحريّة، أو السكن في الجبال في شمال لبنان حيث بنوا الكنائس في صخور الوديان، أو القبول بجبران خليفة لميشال عون بحيث يجعله دمية في تحرّكات حزب إيران ومخطّطاته، وربما جنديّاً في جيشه “المقاوم” في اليمن وسوريا والعراق. لا خيار آخر إلّا الوقوف مع “القوات اللبنانية” التي أثبتت أنها صخرة الصمود والمقاومة ليبقى هذا الثوب البنفسجي المسيحي مزهراً في لبنان الحرية والكرامة، ويحمي صورة الملائكة في الثوب الأبيض وهي تحيط به لتحمي دوره كرسالة بين الشعوب.

 

أنا واثق أيضاً أنّ أهل السنّة قد أخذوا قرارهم بالتوجه السيادي. فدولة الرئيس ميقاتي والرئيس الحريري سيكونان آخر زعيمين متواطئين ومنهزمين بين السنّة. هناك البدائل في القيادات السنية سواء في بيروت أو في الشمال التي تفخر بها الحركة السيادية. وقد بدأنا نرى هذا الأمر على أرض الواقع.

 

أما الدروز، فمن الواضح أنهم الأضعف. قياداتهم متواطئة ومنهزمة بوضوح. ليس بينها أي سيادي. كلها قيادات تدربت على إطاعة القرارات وليس صناعتها. تتسابق لإرضاء نظام سوريا المتهاوي. زمن كمال جنبلاط سقط كلياً. وعلى أهل الثورة من الدروز، أن يدركوا قبل غيرهم، أن بعض الدروز ما زالوا يعتقدون أنّ الصراع في لبنان طائفي، ومن هذا المنطلق، سيتبعون الزعماء. أن أخطبوط القيادات الدرزية سيؤدي بهم إلى مصير أسود: إما التشيّع أو الخضوع لحزب إيران وولي الفقيه، والتحوّل إلى جنود في خدمته، وإما التحالف مع “إسرائيل” من أجل إقامة دويلة درزية. وفي الحالتين، فالدروز إلى زوال، حيث أنّ معظمهم سيغادر الوطن لأنه يعشق في عمقه الحرية، ولا يستطيع أن يعيش في حالة العصبية المذهبية، وبث الكراهية والحقد، واستخدام العنف وكل مظاهر التعصّب الظاهري المخالفة لرسالة أهل البيت، كما يصفها بدقّة كبار فقهاء الشيعة النبلاء مثل العلّامة السيد علي الأمين وغيره.