IMLebanon

القوات» و«الكتائب»: ومِن الحبّ ما قتل!

 

تفاءَل كُثُر بالخير حين زُفّت إليهم أخبار التفاهمات الموضعية بين «الكتائب» و»القوات»، بعدما استحلقت الصيفي نفسَها في دوائر انتخابية كانت تُراهن القيادة فيها على إقفال الأبواب أمام القوى السلطوية لتفتحها في المقابل لمجموعات الحراك المدني، وإذ بالأخيرة «تتكبّر» على الحزب العتيق بحجّة أنّ خطاباً معارضاً لأشهرٍ معدودة لا يكفي لنفضِ عباءةِ السلطة عن كتفيه…

هكذا عادت الكتائب إلى مربّعها الأوّل، معراب، حيث يمكن للقواعد المشتركة أن تنسجم مع ذاتها وتُعبّر عن حالها فتشدّ عصبَ تلك المجموعات المتقاطعة بين الحزبين والتي ستجلس حكماً في البيت في صفوف المتفرّجين فيما لو تَواجَه مرشّحو «الكتائب» و»القوات» على لوائح متنافسة.

إذاً ثمّة منفعة مشتركة ساهمت في تذليل العقبات ونشوء لوائح جامعة لمرشّحي الحزبَين، منحت أقلّه فرصةً للكتائبيين في حجز مكانٍ على مقاعد برلمان 2018، إذا ما اجتهدوا في حملاتهم ونجحوا في اقتناص الأصوات التفضيلية من أفواه «حلفائهم الجُدد»، مع العِلم أنّ سيناريو التفاهم مع الحراك المدني، الأرجح أنه كان كارثياً يُخرج الكتائبَ خالية الوفاض إلّا مِن المتن.

لا شكّ في أنّ تردُّد القيادة الكتائبية ورهانَها «الفاشل» على الحراك المدني قد صعّبَ على مرشّحيها المهمة وأسقط من أيديهم أوراقاً كان بالإمكان استخدامُها فيما لو بدأت المفاوضات قبل مدّة. ومع ذلك يحاول هؤلاء التقاطَ أنفسِهم لخوض معارك متكافئة تعطيهم من الفرصِ بقدر ما تعطي حلفاءَهم.

ولكنّ تفاهم «روما من فوق» غير «من تحت». للأرض قواعدُها وشروط لعبتِها. لم تقُم معراب بهذه الخطوة عن عبث ولا عن كرم. لها حساباتها التي دفعَت بها إلى احتضان نديم الجميّل في دائرة بيروت الأولى، وإيلي ماروني في زحلة، وسامر سعادة في البترون، كما جوزيف نهرا في جزين. تعرف أنّها أتت بـ«دبّ إلى كرمها»، لكنّها تستعدّ لـ«ترويضه» كي لا يأكلَ من صحن أصواتها التفضيلية.

يدرك المعنيون بهذه اللوائح أنّ وجود مرشّح كتائبي على لائحة قوّاتية من شأنه أن يرفد اللائحة بأصوات المتحمّسين لهذا المناخ كانوا قبلاً متردّدين، فيرفع حاصلها الانتخابي ويزيد من فرص النجاح. ولكن ما ترفض معراب البَوح به هو أنّ هذه الفرصة ليست حِكراً على مرشّحيها ويمكن لحاملي البطاقة الكتائبية أن يستفيدوا منها أسوةً بحاملي البطاقة القواتية.

وهذا ما يفسّر الحملة التي تُشَنّ على النائب سامر سعادة في البترون من جانب الحلفاء وتصويرَه بصورة «المحروق» انتخابياً، بينما تُظهر الأرقام والإحصاءات أنّ ترتيبَه في الأصوات التفضيلية يكاد يكون متساوياً مع ترتيب فادي سعد، بمعنى أنّ حظوظ النائب الشاب ليست معدومةً ويمكن له أن ينافسَ خصومه بجدارة، إذا ما وُضِعت سكاكين الحلفاء جانباً.

عملياً، تدرك معراب أنّها أتت بخصمٍ إلى لائحتها، تعملُ منذ اليوم، وفق العارفين، على تعريَته من الأصوات التفضيلية بعد أن تكون قد أخَذت منه أصواته للحاصل الانتخابي. ولهذا فإنّ صراع الأخوة على اللائحة الواحدة يكاد يكون مساوياً في حدّته لصراع اللوائح.

وفي زحلة أيضاً، لا تبدو حظوظ النائب إيلي ماروني معدومة، خصوصاً وأنّ المعارك الأساسية ستكون على المقعدين الكاثوليكيَين والمقعد الأرثوذكسي، وبالتالي يمكن للمرشّح الماروني في لائحة «القوات»- «الكتائب» أن يتسلّل إلى خانة المقاعد الفائزة في اللائحة. ما يعني أنّ التقاء الحليفين في لوائح مشتركة لم يكن خدمةً مجانية قدّمها الصيفي لمرشّحي «القوات» كما روّج البعض في محاولةٍ منهم للتخفيف من وهج التفاهمات المناطقية، والتي قدِّمت على أنّها «آخر الدواء».

أمّا في بيروت، فلا حاجة للتذكير بأنّ النائب نديم الجميّل يتنافس والمرشّح عماد واكيم على الطبق ذاته، وكلاهما يبحثان عن الأصوات التفضيلية في مغرف «البشيريين القدامى» ولو كانت في الصين. الثابت في هذه الدائرة هو أنّ مَن يقفز إلى طليعة مجموع الأصوات التفضيلية، هو من سيَحظى بإمكانية حجز مقعدٍ له. وهذه المعادلة لن تتكرّس إلّا على حساب رفاق اللائحة ذاتها، والخشية ستكون من «ذوي القربى» قبل الخصوم.