يؤثّر التعثّر في انتخاب رئيس للجمهورية سلباً على عمل بقية المؤسسات، إذ إنّ الشلل يتدرّج الى جسمها المترهّل أصلاً، فيما تبقى مؤسسة الجيش تعمل بانتظام، وتشكّل الرهان الأساسي للبنانيين.
منذ خروجه من السجن في تمّوز عام 2005، إختار رئيس حزب «القوّات اللبنانية» سمير جعجع، الدولة، عنواناً وحيداً وأساسياً لمعركته السياسيّة، رافضاً كل الطروحات والأحلام التي راودت البعض، بعودة «القوّات» كحزب مسلّح، إذ إنه كان يقول لجميع من يلتقيهم: «إنّ مشروعنا هو الدولة الواحدة الموحّدة».
مرّ البلد من الـ2005 الى 2015 بخضّات أمنيّة، ومطبّات، وبقيَ رهان جعجع على الدولة والجيش. كُثر لم يقتنعوا وحاكموه على النوايا، وآخرون اعتبروه عنواناً للكسب السياسي، إلّا انه طيلة هذه الفترة، لم يُلق القبض على قوّاتي واحد يتسلّح أو ينظّم عصابة، فيما بعض الأحزاب المسيحيّة التي كانت ترفع شعار الدولة والشرعية تراهن على السلاح غير الشرعي.
وفي وقت يبقى لبنان بلا رئيس للجمهورية، تُطرح على بساط البحث مسألة التمديد لقادة الأجهزة الأمنية وعلى رأسهم قائد الجيش العماد جان قهوجي. وفي حين يرفع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون السقف في رفض التمديد، مستعملاً سلاح «انّ أكبر كتلة مسيحية» ترفض هذا الموضوع، تكشف مصادر قواتيّة لـ«الجمهوريّة» أنّ «القوّات» ضدّ الفراغ بالمطلق في أيّ مؤسسة، فكيف الحال بالنسبة الى قيادة الجيش، فهذا الموضوع خطّ أحمر مهما كانت الظروف، فهي تتمسّك بمبادئها الأساسية، أي تداول السلطة وإتمام الإستحقاقات في موعدها، لكن، إذا وصلَ الخيار بين شَلّ المؤسسة التي تحفظ لبنان، والتمديد لقائد الجيش، فهي ستختار من دون تردّد التمديد لقهوجي».
سيعيش حزب «القوّات» تجربة مماثلة لاستحقاق التمديد لمجلس النواب، حيث أصرّ رئيس المجلس نبيه بري على تصويت «القوّات» لإعطاء شرعيّة مسيحيّة للتمديد.
وفي السياق تؤكد مصادر «القوّات» أنها «ستغطّي التمديد لقهوجي منعاً للفراغ، وستعطيه غطاءً مسيحياً، يضاف الى الغطاء الوطني الذي يتمتّع به، خصوصاً انه قدّم أداء ممتازاً طيلة السنوات السابقة، وأثبت جدارة في حفظ وحدة الجيش وردّ الإرهاب عن بلدنا، وخاض معارك في عرسال ورأس بعلبك وحَمى الحدود».
وتشدّد المصادر على أنّ «القوات» التي تطالب بانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، وتساعد على إنجاز هذا الإستحقاق، يؤلمها مشهد رؤية قصر بعبدا فارغاً. وهي بالتالي لن تسمح بخلوّ مركز قيادة الجيش بعدما باتت بعبدا بلا ساكنها».
وتلفت الى أنّ «الحزب اتخذ قراراً واضحاً وحازماً في هذا الشأن، مهما كلّف الأمر، ولن تسمح بشغور مركز مسيحي بهذه الأهميّة الوطنيّة، وتقوم بكلّ ما يلزم من أجل دعم الجيش. ولقد شكّلت لوبي في الخارج، يتحدّث مع عواصم القرار لمساعدة جيشنا وتأمين كل الدعم المطلوب له».
وتعتبر المصادر أنّ «موقف «القوّات» نابع من حرصها على المؤسسات الوطنيّة، وهي على رغم عدم وجودها في الحكومة إلّا انها تؤثّر في القرار السياسي والمسيحي، وتتشاور باستمرار مع حلفائها الذين يرفضون أيضاً الفراغ في سدّة قيادة الجيش، وفي قيادات الاجهزة الامنية، لأنّ هذا الفراغ سيضعف الدور المسيحي».
ومن جهة ثانية، تلفت المصادر الى «استمرار الحوار مع «التيار الوطني الحرّ»، والذي قطع شوطاً كبيراً، وبقيَ النقطة الأهمّ ألا وهي انتخابات رئاسة الجمهورية». وتدعو «التيار» الى «التزام ما يتمّ التوصّل اليه من نقاط، حتى لو لم نتّفق على الرئاسة التي تمثّل أمّ المعارك بالنسبة لعون».
تتخذ «القوّات» موقفاً مبدئياً وصلباً في دعم المؤسسات، وتعتبر أنّها بسياستها هذه تبتعد عن البروبغاندا، لأنه لو لم تمدّد لمجلس النواب لكنّا وصلنا الى الفراغ الشامل. وهي بالطبع لن تسمح بالفراغ الأمني، خصوصاً أنّ «داعش» وأخواتها تتربّص على الحدود، والجيش وحده كفيل بصدّ هذه التنظيمات.