هل صحيح أنّ حزب القوات اللبنانية يسعى لإثارة أكبر قدر من الغبار في معركة صغيرة؟!. وهل صحيح أنه يريد من معاركه الحالية، وما أكثرها، أن يبدو وكأنه الوحيد على الساحة الذي يحمل أثقال الفساد والتجاوزات، ويأبى أن ينزل هذا العبء عن كاهله قبل أن تستقيم أحوال وأوضاع البلاد والعباد؟!.
بداية يجدر القول إن القوات اللبنانية نجحت في إقامة حال تبدو مختلفة على النهج السياسي المعروف في البلد. وهي حال في لبوس من المسؤولية، والعفة في المواقع، والتنكب عن المغريات، والجدية في معالجة الملفات الخ…
وفي هذا السياق يعترف الأقربون والأبعدون للقوات بأنها تسير على طريق يكاد يكون غير مألوف في الممارسة المعتادة في المسؤولية.
الى أي مدى هذا الإنطباع صحيح؟
لاشك في أن الأمور ليست على ما يرام أيتها السيدة الماركيزة. ولكنها ليست، كذلك أو بهذا القدر في المشهد الذي تصوره القوات. وهو مشهد قد يكون مفهوماً في ميزان الإنتخابات النيابية، أو على أبواب الإستعدادات الواسعة لها. ولكنه قد لا يكون مبرراً في المطلق. ذلك أنّ محاولة تصوير ثنائي التيار الوطني الحر وتيار المستقبل بأنه يستبيح كل شيء، هو أيضاً من المسائل المبالغ فيها.
طبعاً اللعبة السياسية لها أصولها وحساباتها. ولكن هل يجوز تصوير البلد وكأنه في فلتان كبير، ومن دون حدود وضوابط للفساد؟ وهل هذه الصورة هي واقعية؟ وإذا كانت كذلك فلماذا لا تقدم القوات على واحدة من الخطوات الآتية:
الأولى – عقد مؤتمرات صحافية لوضع النقط على الحروف بالأسماء والوقائع والأرقام والتفاصيل. باعتبار أنّ ما أعلن حتى الآن، عن مسار العمل الحكومي، هو مجرّد تسجيل مآخذ عامة مشفوعة بالقول: نحن نريد أن نصل الى الحقيقة ومعرفة ما إذا كانت هناك تجاوزات أو لا؟
ثانياً – أن يعلن حزب القوات أنه مترفع قولاً وفعلاً عن «المحاصصة» في التشكيلات والتعيينات وغيرها على حد سواء. فيصرّح بأنه لا يريد أن يشارك في تعيين المحازبين والأنصار في هذه المسؤولية أو في تلك، وفي هذا الموقع أو في ذاك.
ثالثاً – أن يعقد الدكتور سمير جعجع إجتماعاً مطولاً وصريحاً مع الرئيس العماد ميشال عون، وآخر هو أيضاً مطوّل وصريح مع الرئيس سعد الحريري ويفتح ملفاته «ومن طقطق الى السلام عليكم» حتى إذا اقتنع توقف مسلسل الإحتجاج…
رابعاً- … وإما أذا لم يقتنع فتكون استقالة وزراء القوات الثلاثة هي الخيار الحتمي الذي لا بديل عنه إنسجاماً مع الإقتناع والإنسجام مع الذات. وسيان، عندئذ، أن يقال إن حزب القوات سار على درب «كاسر مزراب العين». أو إنه فعلاً في طريق العفّة والمَنَعَة ورفض المغريات كلها.
إنّ حزب القوات اللبنانية أثبت من خلال وجود ممثليه في الحكم، وبالذات الوزراء الثلاثة الحاليون، أنه يتعامل مع الوظيفة العليا بمسؤولية ونقاء. ويجدر به ألاّ يفوته للحظة واحدة أن هناك كثيرين يضيئون الشموع للأولياء والقديسين كي يقدم الدكتور سمير جعجع على قرار سحب وزرائه من الحكومة… فالشهية مفتوحة على البدائل!