جعجع «يأتمن» فرنجية و«يأمن» له
«القوات» لا تقاطع أي جلسة انتخاب رئيس
لا كلام في السياسة غير التساؤلات والتحليلات حول تسوية الإتيان بالنائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية.
تراجعت كل الملفات السياسية والأمنية والحياتية ليتقدم ملف انتخاب فرنجية. أما المواقف فتراوحت بين التشجيع والترحيب والترقب والتحفظ والقلق والغيظ المكتوم.. لكن «الخضة» الكبرى شهدتها الساحة المسيحية، المعنية الأولى باسم الرئيس، بحسب الأعراف الطائفية المكرّسة.
صاحب الشأن، أي فرنجية، «قدماه على الأرض» كما ينقل أحد زواره من أعضاء «الرابطة المارونية». صارحهم أنه لم يطرق باب أحد «لكننا لا نقفل أبوابنا في وجه أي حوار وتشاور». أما موقفه المبدئي من ترشيح العماد ميشال عون فلم يتغير. قال بصراحة وحسم «أنا داعم للعماد عون ما دام هو مرشحا للرئاسة. ليس في موقفي أي التباس. أعرف أن اسمي من الأسماء المتداولة لكنني لا يمكن بأي حال أن أتقدم على العماد عون».
في أوساط عون لا يُسمع أي كلام مناقض. لم يتغيّر شيء في الرابية تجاه فرنجية، لا في القضايا الاستراتيجية ولا المناكفات الداخلية. التحالف ثابت، كما يؤكد الزوار. أما كلام الوزير جبران باسيل عن «الأصيل والوكيل» فتتناقض تفسيراته داخل «التيار». منهم من يقول إنه «اجتهاد شخصي، في لحظة انفعال منبري»، ومنهم من يؤكد أن «المعني به الرئيس ميشال سليمان».
كثرت الاجتهادات في تحليل موقف «القوات اللبنانية». إلا أن أوساطها تجزم أنها «لا تقاطع أي جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، أيّا كانت أسماء المرشحين. لا فيتو لدينا على أي اسم أو مرشح. لكننا في الوقت نفسه، لا ننتخب رئيسا لا ينسجم مع مشروعنا السياسي. هذا المشروع الواضح والمعلن والمنشور تحت عنوان الجمهورية القوية». ولكن هل ينسجم مشروع فرنجية مع مشروع «القوات» هو المشهور بدفاعه عن «خط» واضح؟ تؤكد مصادر في «القوات» أن «الامور مرهونة بمواقيتها وبما يمكن أن يقدمه فرنجية. بعدها يُبنى على الشيء مقتضاه». وعن التنسيق بينهم وبين حلفائهم، تحديدا «تيار المستقبل»، تؤكد المصادر أن «التشاور قائم وشبه يومي. ونحن في أجواء كل المحاولات لإيجاد مخارج للأزمة القائمة. ولا يحتاج التواصل الانتقال الى باريس أو غيرها من عواصم العالم».
لا تقفل «القوات» الباب على فرنجية. وللدقة، وقبل «إعلان النيات» بين «القوات» و«التيار الوطني الحر»، نُقل أكثر من مرة عن رئيس حزب «القوات» سمير جعجع في مجالسه الضيقة، قوله انه «يأتمن» فرنجية على الجمهورية و«يأمن له أكثر من عون».
هذا تقريبا لسان حال «الكتائب». فالعلاقة بين الحزب و «المردة» تتوطد كلما توطدت العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و«القوات». ونجح النائب سامي الجميّل وفرنجية في تعزيزها وتمتينها حتى على المستوى الشخصي والعائلي. واذا خيّر «الكتائب» بين الأسماء الثلاثة عون، جعجع وفرنجية ينحازون الى الثالث حكماً لاعتبارات كثيرة.
هذا التوصيف للعلاقات المعقدة بين القوى الحزبية الوازنة على الساحة المسيحية، لا يلغي «واقعيتها» في مقاربة الملف الرئاسي. ففرنجية الذي أكد لزواره أن «قنوات الحوار مفتوحة مع تيار المستقبل منذ أشهر بأطر مختلفة»، يفترض ان «السعودية في أجواء تحركات وحركة المستقبل». لكنه في الوقت نفسه لا يعتبر أن «الأمور محسومة. وان إمكانية العرقلة في كل الملفات قائمة. الشيء الوحيد المؤكد أن أحدا لا يمكنه أن يدق إسفينا بعلاقتي بالعماد عون. ومن هناك كل الأبواب مشرعة للحوار والتلاقي في زمن يحاول الجميع وصل الخطوط».
والعماد عون يترقب ما ستؤول اليه خواتيم الحوار بين الحريري ـ فرنجية، مستحضراً بقوة الحوار المشابه بينه وبين زعيم «تيار المستقبل» ونتائجه.
أما «القوات» و«الكتائب» فيبحثان في كل السيناريوهات وكيفية تحويلها الى ورقة رابحة في رصيدهما. في النهاية، سليمان فرنجية «رئيس قوي» قد يفتح الباب مستقبلا أمام رؤساء أحزاب آخرين أقوياء ايضا.