Site icon IMLebanon

حوار «القوات» ـ «التيار»: حان وقت الحصص

جعجع يبشّر بـ «الثنائية المسيحية».. من باب الرئاسة العونية

حوار «القوات» ـ «التيار»: حان وقت الحصص

عادت ورشة التلاقي بين «التيار الوطني الحر» و «القوات» إلى العمل بكامل طاقتها. توقفها نحو شهر ونصف أوحى للبعض أن العاملين الأساسيين فيها، أي النائب ابراهيم كنعان ومستشار رئيس حزب «القوات» ملحم رياشي، قد أحيلا إلى التقاعد باكراً، قبل أن يتبين أن ما حصل لم يكن سوى «عطلاً طارئاً» تم إصلاحه.

أن تعود الورشة إلى العمل، فهذا يعني أن ملف التقرير الإشكالي الذي عرضته قناة «أو تي في» قد أقفل، بعدما كاد ينسف كل ما أنجز على خط الرابية ـ معراب.

لم يقتنع جعجع، بداية، بكل المبررات والحجج التي قُدِّمت له. حلّل كثيراً، وكذلك فعلت النائبة ستريدا جعجع التي حضرت أحد اللقاءات التي جمعت كنعان ورياشي في معراب وعبّرت عن غضبها من التقرير ومن عدم تقديم اعتذار واضح من القيّمين على المحطة.

كانت معراب متوجسة مما حصل في غمرة الإيجابيات التي كانت تلف الحوار مع الرابية. فرأت في ذلك «الخطأ» رسالة موجهة ضد الحوار نفسه.. بالرغم من اتصال العماد ميشال عون بستريدا جعجع، سعياً لمعالجة ذيوله. مع ذلك، ظل الفعل أكبر من رد الفعل. وظلت نظرية الخطأ عالقة في فم القواتيين. وبدا حينها أن لا شيء يمكن أن يصلح الأمور سوى الوقت، خاصة أن مطالب «القوات» كانت صعبة التنفيذ.

بالفعل، بعد فترة تجميد للحوار استمرت نحو شهر ونصف، كان المخرج، الذي بدا متفقاً عليه، أن يتطرق كنعان للموضوع في المقابلة التي أجراها مؤخراً مع «ال بي سي»، حيث أعلن أن ما حصل كان خطأ غير مقصود، وأن «التيار» مصر على الاستمرار بالمسار التوافقي لأنه أمر إستراتيجي بالنسبة له.

كانت هذه الرسالة كافية لتتخطى معراب أمر التقرير التلفزيوني. لا بل بدا جعجع مستعداً لتعويض التأخير الذي حصل، فلم يكتف بإرسال ملاحظاته على ورقة إعلان النيات، بما يفعّل الحوار، إنما أسس، في مقابلته التلفزيونية أمس الأول مع الزميل وليد عبود على «أم تي في»، لمرحلة «الثنائية المسيحية».

وأكثر من ذلك، فتح، للمرة الأولى، باباً رئاسياً لعون، بما يحوّل كل ما أشيع سابقاً عن إمكانية تأييده لترشيح «غريمه» إلى واقع، كرره على لسانه. وهو جاء ليدحض ما قاله النائب جورج عدوان عن أنه «ليس منطقياً دعم القوات لعون»، علماً أن الحزب أصدر بياناً، حينها، تنصّل فيه مما قاله «بعض الرفاق» وأشار إلى أن «لا فيتو قواتياً على أحد».

كل ذلك يوحي أن جعجع يتعامل مع الحوار بوصفه إغلاقاً لمرحلة عمرها ثلاثين عاماً من الصراع، مقابل التأسيس لمرحلة جديدة من العلاقة الثنائية الشبيهة بالعلاقة بين «حزب الله» و «أمل». وهو قدّم مرافعة في أهمية هكذا حلف، بما يزيح عن «القوات» عبء المستقلين المسيحيين الذين يأكلون من صحنه، ويجعل من الثنائي صاحب القرار الفصل في هذه الساحة.

بعيداً عن تضارب الأقوال بين ما قاله جعجع عن أن ثمة ملاحظات جوهرية قد وضعتها «القوات» وبين ما تردد في الرابية عن أن الملاحظات شكلية، إلا أن الأكيد، في النهاية، أن الإنجاز شارف على النهاية. وأن أياماً معدودة باقية أمام التعديلات الطفيفة المتبقية من جانب «التيار».

بعد ذلك، ستتحول ورقة النيات إلى مستند رسمي يجمع آراء الطرفين بما يتعلق بـ17 قضية تشكل البنود الـ17 للوثيقة، وتشمل أموراً أساسية في البلد، كقانون الانتخاب والاصلاح المالي والإداري والمسائل السيادية والعلاقات مع الجوار والنازحين واللامركزية الإدارية والنظرة للدولة والرئيس القوي والمناصفة..

الوصول إلى هذه المرحلة يعني عملياً أن الطرفين وصلا إلى المرحلة الأصعب. وصار عليهما أن يترجما هذه النوايا. وهما سيبدآن بالبنود الملحة المتعلقة بأزمة الحكم، أي الرئاسة والانتخابات، وهما البندان الأساسيان في الحوار. النقاش هنا يقود سريعاً إلى الحصص. وبالرغم من أن الطرفين يؤكدان أن المسألة ليست مسألة تقاسم حصص، إلا أن من يتابع تطور العلاقة بينهما، لن يجد صعوبة في الإشارة إلى أنه من البديهي أن تجري «مقاصة» ما بين عون وجعجع، فإذا سلم جعجع لعون بأنه الأقدر لقيادة عملية التوافق من موقع الرئيس القوي الممثل لبيئته الطائفية، فإن ذلك يتطلب التفاوض على حصته ودوره في تركيبة السلطة.