الى الآن، لم “يبلع” عدد كبير من الأطراف السياسية اتفاق معراب. منهم من اعتبر ان سمير جعجع ساهم في فكفكة عرى 14 آذار، ومنهم من اعتبر انه فقد صداقة “المستقبل” والرئيس سعد الحريري، وبالتالي فقد الدعم السعودي بترشيحه العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. لكن منذ اليوم الأول تنفي “القوات اللبنانية” اعتراض المملكة على هذا الترشيح، بل تؤكد أن ما يهمّها هو الاتفاق المسيحي، وأن دور المسيحيين بالنسبة اليها أساسي في لبنان والمنطقة.
انتقاد تفاهم “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، خصوصاً ممن كانوا يطالبون الفريقين بالعمل على المصالحة بعد 30 عاماً من العداء للانتهاء من “العدائية الثنائية”، يجعل الحزبين يطرحان علامات استفهام.
بالنسبة الى “القوات،” فإن اتفاقها مع “التيار الوطني” هو أفضل الممكن في هذه الفترة، “وسنعمل على تحويله أفضل الممكن من دون شروط، وخصوصاً ان الجو المسيحي العام مرتاح الى هذه الخطوة، و85 في المئة من المسيحيين مع هذا الاتفاق”. وثمة دعوة الى ضمّ جميع الاطراف المسيحيين الى هذا الاتفاق، والتوصل الى اتفاق وطني عام للانتهاء من التقوقع والتراشق السياسي وبناء دولة حقيقية. وهنا تسأل “القوات”: إذا رضيت أمّ القتيل فماذا نريد بعد ذلك؟ فأهل الشهداء هم الاكثر تفهماً لموضوع الاتفاق والمصالحة. بالتالي أنجزت المصالحة كل ما هو مطلوب وأكثر، واجتاز الفريقان حاجزاً نفسياً ولا عودة الى الوراء. حتى لو حصل خلاف يوماً ما مع “التيار الوطني الحر” فسيكون في السياسة فقط، ولن يكون مقاطعة ولا كره ولا حقد كما كان في السابق، وفق ما تؤكد “القوات”. وفي الوقت عينه ما توصلت اليه مع “المردة” ايضاً لا عودة فيه الى الوراء، “كرّسناه وسيبقى لتطبيع للعلاقة بين الطرفين”، هذا ما قاله النائب انطوان زهرا ليوسف سعادة في بكركي في عيد ما مارون قبيل الخلوة بينهما وجيلبرت زوين مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي. وفي الكلام بين زهرا وسعادة، والذي امتد زهاء ربع ساعة، تأكيد ايضاً أن التوضيحات التي أوردها زهرا الاسبوع الفائت حيال موقف حزبه لم تزعج “المردة” على الاطلاق.
في الخلوة، أبدى الراعي ضرورة اجتماع القادة الموارنة الاربعة لإيجاد حلّ لموضوع الرئاسة، أو لينزل الجميع الى الجلسة للانتخاب. وكان ردّ زهرا: “فليجتمع الجنرال وفرنجيه لتحلّ القضية، نحن قمنا بما علينا ونكمل في العمل”. والبطريرك “عاد الى ما كان يطرح في السابق، فيما أصبح موضوع الرئاسة في مكان آخر تماماً”، وفق أحد المجتمعين. علماً ان المجتمعين الثلاثة وعدوا بأنهم سينقلون رغبة البطريرك، لكن القرار عند القادة.
انشغل الجميع بمعرفة موقف المملكة العربية السعودية من خطوة جعجع تأييده ترشيح العماد عون، كما صدرت أخبار وتحليلات مؤداها أن السعودية غير راضية. وفق “القوات”، انه منذ اعلان اتفاق معراب كان تسويق مبرمج على فيتو سعودي على خطوة جعجع، “بهدف ضرب العلاقة مع المملكة العربية السعودية. لكن منذ 18 كانون الثاني لم ينقطع التواصل لحظة مع المملكة، وثمة مجموعة موفدين أتوا من المملكة الى معراب والعكس، خلافاً لما يروّج البعض ان العلاقة قطعت أو ان جعجع طلب موعداً ولم يحدد. “لا نخفي انهم للوهلة الأولى فوجئوا بتأييد جعجع ترشيح عون لأنهم كانوا يظنون ان ترشيح فرنجيه يمرّ مع الجميع”. لكن تؤكد “القوات اللبنانية”، بعد استمرار الاتصالات بمجموعة الموفدين الى السعودية، انها تبلغت الاثنين الفائت من المملكة موقفها الذي يؤكد التقليد السعودي باحترام الخصوصيات وعدم التدخل في الشأن الداخلي. فالمملكة هي أولاً ضد الفراغ ومع انتخاب الرئيس بأسرع وقت، وثانياً، لا فيتو للمملكة بشكل رسمي على أي مرشح بمن فيهم ميشال عون، وثالثاً والاهم، لا تصدقوا اننا سندفع أو نساهم في انتخاب من يناقض التوجه المسيحي العام، كائناً من كان، فالمملكة لا تسعى سياسياً أو ديبلوماسياً الى أن توصل رئيس جمهورية يتعارض والتوجه المسيحي العام والوجدان المسيحي العام”. ومعلوم أن من يتولى الملف اللبناني هو ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
يبقى أن الانظار كلها متجهة الى ما سيقوله الحريري في ذكرى اغتيال والده في 14 شباط، وإذا رشح فرنجيه، فإن “القوات” ستبني على الشيء مقتضاه.