IMLebanon

شي فاشل» قواتية على خشبة ساحة النجمة

شلّ المجلس النيابي سبب رئيسي في تراجع المسرح اللبناني. أمس، توالت العروض على مسرح الهيئة العامة. أدى الوزير بطرس حرب دور البطولة في أولى المسرحيات بطلبه الاستفادة من وجود النصاب لانتخاب رئيس، وتوالت مزايدات القوات، فاضطر أحد زملاء المرجع الدستوري إلى تذكيره بوجود جدول أعمال واضح للجلسة. ولم يلبث رئيس المجلس أن رفع بنفسه الستارة، عبر تعهده طرح بند الرئاسة بعد بت البنود المطروحة، إذا صمد النصاب. المسرحية الثانية من بطولة النائب أحمد فتفت الذي تنبّه، في هذه «الزنقة»، إلى نسب الفقر والأمية في المنية والضنية وعكار، فضاق صدره من عدم تخصيص صندوق لهذه المناطق على غرار صندوقي المهجرين والجنوب، وكأن هيئة الإغاثة وكل صناديق المستقبل ما عادت تكفيه.

عبثاً حاول وزير المال علي حسن خليل إقناعه بأنه يطالب في مجلس الوزراء أكثر من كل وزراء الشمال بإنصاف هذه المناطق، الى أن التفت الرئيس فؤاد السنيورة صوب فتفت والنائب هادي حبيش متأفّفاً، وطالباً منهما إنهاء استعراضهما بالموافقة على البند الماليّ الذي طرحه خليل كما هو. المسرحية الثالثة بطلها النائب نقولا فتوش، تعرض في الصالة نفسها منذ أكثر من عشر سنوات. المسرحية الرابعة تدور أحداثها في مقاعد نواب الكتائب وتكتل التغيير والإصلاح. المسرحية الخامسة أشبه بأفلام لوريل وهاردي، بطلاها النائبان عاصم قانصو وخالد ضاهر. يحمي النائب أسعد حردان ظهر الأول، فيما يجلس النائب أسطفان دويهي خلف الثاني. يلعن الكرسي الواقع بينهما الحظ الذي أوقعه هنا. ضاهر وقانصو يصوّتان للتمديد. أعداء فتوش يصوتون لمشروعه التمديدي قبل صياح ديك العدلية. أما العرض الأقوى، فتقدمه القوات اللبنانية بتضافر جهود جميع نوابها.

كان يمكن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن يعقد مؤتمراً صحافياً في المطار، غداة عودته من السعودية، يقول فيه إن للتحالفات السياسية موجبات: «لقد تمنّى عليّ صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل ألا أترك الشيخ سعد يمدّد وحيداً. وكما رضخ تيار المستقبل لترشيحي الرئاسي، سنرضخ لأمر المستقبل بالتمديد». خصمه العماد ميشال عون صارح جمهوره، قبل مدة، بأن الاتفاق مع المستقبل يضطره إلى تعديل خطابه السياسي، إلا أن مصارحة الجمهور، الذي أثبت عدم مبالاته بإجراء الانتخابات أو عدمه، ليس أمراً قواتياً مستحباً. لا بد للقوات، عند كل استحقاق، من اللف والدوران في مسرحية سيئة الإخراج.

القوات: هم مع التمديد ويصوتون ضده ونحن ضد التمديد ونصوت معه!

البداية من معراب. ينتظر البعض ربط جعجع ــ في مبادرته المنتظرة ــ موافقتَه على التمديد بتعهد رئاستي مجلسي الوزراء والنواب إقرار قانون انتخابات جديد خلال شهرين، أو بسلة إصلاحات تتيح تفعيل العمل النيابي، إلا أن قائد القوات يشن حملة على الأفرقاء الحكوميين الذين عملوا كل ما في وسعهم لمنع إجراء الانتخابات، موحياً أنهم من قوى 8 آذار، برغم أن رئيس الحكومة ووزير الداخلية، المعنيين الأساسيين بإجراء الانتخابات، عضوان في كتلة المستقبل النيابية. أما وزارة الخارجية، حيث الوزير عوني، فقد أكدت إنهاءها الاستعدادات لإجراء الانتخابات في الاغتراب بدءاً من سيدني والكويت غداً. وبدل أن يجيب في مبادرته عما فعلته القوات لإجراء الانتخابات، سواء ككتلة نيابية مهمتها مراقبة الحكومة ومحاسبتها، أو كفريق سياسي في صلب التحالف الممسك بسلطة مجلس الوزراء حالياً، يسأل جعجع عما فعله التيار الوطني الحر داخل الحكومة لاجراء الانتخابات. كأنه يقول: «سائلوا العونيين. لا تسائلوني». بدا واضحاً أن غاية جعجع الوحيدة من مؤتمره الصحافي هي إعلام الرأي العام بأن العونيين ليسوا فعلاً ضد التمديد. وكأنه يقول: «العونيون مع التمديد ويصوّتون ضده، ونحن ضد التمديد ونصوّت معه». وها هو يدير الكاسيت: عون يريد تدمير النظام. خطة عون توصلنا إلى 15 عاماً من الحرب. عون يريد تدمير البيت على رؤوسنا قبل إعمار بيت جديد. يصف جعجع العونيين بالفجّار بتحذيره من «أكل الفاجر مال التاجر» من دون أن يوضح بماذا هو هنا يتاجر.

تستكمل المسرحية في المجلس النيابي، بتوجه النائب إيلي كيروز صوب الصحافيين، خلافاً لعادته، ليعلمهم أن لديه كتاباً مفتوحاً يوجهه إلى العماد عون. يتبين في خلاصة النص الشعري أنه يطالب عون بالتجاوب مع طرح جعجع، من دون أن يشرح أحد حتى الآن كيف يحل انتخاب رئيس للجمهورية أزمة الانتخابات النيابية، مع العلم أن القوات مدّدت في المرة السابقة برغم وجود رئيس للجمهورية. وبناءً عليه، يبحث عون في ختام كتاب كيروز عما يضعه في قدمه للتوجه ركضاً إلى المجلس النيابي.

إلى الهيئة العامة. يطلب النائب جورج عدوان الكلام بعد طرح قانون التمديد ليعلم الحاضرين أن الظروف التي طرأت تستوجب من كتلة القوات إجراء اتصال برئيس الحزب لتنسيق الموقف. يخرج شانت جنجنيان وزملاؤه ويعودون. لا أحد في القاعة العامة يفهم ما يضطرهم إلى فعل كل ما يفعلونه؛ لم يطرأ شيء على حد علم الحاضرين خلال الساعة الماضية. يعود عدوان ليعلم بري بأن نتيجة المشاورات قضت بموافقتهم على التمديد.

كان يمكن إسدال الستارة عن المسرحية القواتية هنا. إلا أن محاربة طواحين الهواء اقتضت تصريحاً إضافياً من النائبة ستريدا جعجع، أكدت فيه أنهم «حزب سياسي يؤمن باللعبة الديمقراطية واحترام المواعيد الدستورية ويريدون إجراء الانتخابات (…)» إلا أنهم أسهموا في التمديد للمجلس الحالي، مرتين. وكررت جعجع كلام زوجها أمس، مذكّرة بتبني القوات الخيارات الوطنية على حساب الخيارات الشعبية، من الطائف إلى القانون الأرثوذكسي. ونظراً إلى عدم إيجاد ستريدا من يلحظ بعد نظر زوجها وحكمته، اضطرت إلى إرضاء غروره بالإشادة بنفسها بهذين الميزتين الجعجعيتين. قبل أن يعيد جعجع كل ما قاله ونوابه في اليومين الماضيين.

المشكلة الوحيدة تكمن في عدم سماح الرئيس نبيه بري بإسدال الستار عن عرض في مسرحه دون توقيعه: رداً على سؤال أحد النواب رئيس المجلس عما سيفعله في حال إحجام القوات عن تأييد التمديد، خلال مشاورة هؤلاء قائدهم، أبى رئيس المجلس تسليف القوات موقفاً أو إيهامهم بأن التمديد رهن موافقتهم، قائلاً: «عدم حضور القوات وكتلة النائب سليمان فرنجية كان سيسبب مشكلة». وكأنه يقول: «فلتذهب القوات، يكفينا فرنجية للحصول على مشروعية مسيحية».