استعاد رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، ذكريات الحرب اللبنانية، في احتفال تسليم بطاقات لــ 67 محازبا من اعضاء الهيئة العامة الفعلية للحزب، تحت عنوان «كن واحدا منا» في حضور لا سابقة له في الحياة السياسية اللبنانية، حيث ضمت المناسبة شخصيات سياسية وحزبية من مختلف التوجهات وفاعليات اجتماعية ونقابية واعلامية.
صحيح ان جعجع حاذر الدخول في تفاصيل ما كان عليه، لكنه اصر على وضع النقاط على الحروف بالتزامن مع ما كانت اذاعته «لبنان الحر» بثته من فقرات بصوت مؤسس القوات الشيخ بشير الجميل وصولا الى تسلم جعجع الرئاسة، اضافة الى «شحنات» من الكلام على السلم الاهلي الذي من الواجب سلوك طريقة كدليل على استعادة لبنان عافيته وخروجه الصريح والواضح من عتمة الاحتلال المتعدد الاوجه، وصولا الى «صناعة غد الافضل»، من غير ان ينسى جعجع القول ان يده ممدودة الى الجميع بلا استثناء؟!
وبالنسبة الى تحديد الاصح من الصحيح، حدد جعجع مجموعة معطيات سياسية لا بد من اعتمادها لــ «نشرع نوافذنا وابوابنا لانوار الديموقراطية والحياة الحزبية الصحيحة»، في اشارة منه الى ان صناعة التاريخ تحتاج الى من يصنع الحاضر، بحسب ما فعلته القوات اللبنانية وتفعله على مدار التقلبات التي عصفت بلبنان جراء التدخلات الخارجية، بما فيها ما حفلت به من متغيرات ساهم فيها الداخل بقدر ما فرضته عليه مصالحه الانية، غير عابئ بالمصلحة الوطنية العليا التي من الواجب اعتمادها بوضوح وصراحة؟!
ومما قاله جعجع وركز عليه، فهو اعتبار هذه المرحلة خطوة اساسية من الضروري عدم اضاعتها في بعض المتاهات والمصالح الاتية، من ضمن تجاهل القيم والمبادئ «كي لا تضيع البوصلة» بما في ذلك تجنب الاستمرار في فعل الحاضر والمستقبل وكي لا نبقى اسرى الماضي بمختلف الوانه، لاسيما ان ما حصل مع القوات لا يزال محفورا في الذاكرة، بقدر ما يشكل انطلاقة واقعية باتجاه ما هو اوضح واسلم عاقبة.
ان «القوات اللبنانية» لم تنطلق من رحاب الكلام والتنظير لانها جاءت وليدة كفاح مضن وحافل بالعرق والدم على مدى العقود الماضية، من غير ان تنسى القيادة لجظة تحرر لبنان من قهر الاحتلال لتصل الى قطف ثمار تضحياتها بمزيد من القوة والتنظيم والانجازات الوطنية.
من حيث المبدأ، لم يطلب احد من جعجع ان يحدد مسار القوات اللبنانية حتى ولو كانت الخطوة بمثابة الدفاع عما سبق من تطورات لامست في بعض مراحل الحرب كل ما كان على جلد اركانها وقواتها وفي اكثر من مرحلة حرجة (…) كما شدد جعجع على ان ما يميز حزب القوات اللبنانية، هو انه حزب لم ينشأ كمجموعة اشخاص، بل من خلال مبادئ سياسية ووطنية والتزام بقضية الشعب «ممهورة بعرقه ودموعه ودمائه»!
هل كان جعجع يقصد في كلامه ان ثمة احزابا لا تزال تعيش رفاهية، كونها لم تعش ما عاشته القوات من ظلم واستبداد الاحتلال، بما في ذلك ما دفعته من ظلم ذوي القربى الذين باعوا وطنهم بأبخس الاسعار حفاظا على مكاسبهم الانية، خصوصا ان «كل حبة تراب من هذه الارض قد شاركت في صياغة الوثيقة التأسيسية للحرب.
كما دعا جعجع «الرفاق» والحضور معهم الى ان ينتسبوا في مواجهة الارهاب والترهيب، وتجنب كل ما من شأنه احداث مساهمة سلبية في الشأن العام.
«لان ريشة القضية مغمسة بدم الشهداء الى حد التأثير في مجريات الحقيقة والتاريخ»، بما في ذلك استمرار النضال في مجال البحث عما يعزز عوامل الانتماء الى الوطن وليس الى الطوائف والمذاهب.
وفي قول لجعجع في المناسبة «اننا لن نكون اسرى الماضي حتى لا نفقد قدرتنا على مواكبة وقائع الحاضر ومجابهة التحديات وصناعة المستقبل» الذي لا بد وان يتحدد من خلال واقع يتجاوز السياسة الى ما هو ابعد منها مثل المصلحة الوطنية العليا، بعيدا من الارتجال في الدفاع عن الكرامة والوجود والمصير، بعد كل ما حصل من ضراوة المعارك وهول الاخطار التي من المرجو ان تنتهي فصولا، وعندها فقط يمكن الانطلاق نحو السلم بقلوب ملؤها الايمان كمقاومة وحزب ودفاع عن الحق والوطن؟!
هل انتهى السرد القواتي للماضي والحاضر، طبعا لا، طالما ان المستقبل هو من تتوجه القوات اللبنانية اليه بكل ما تؤمن به كجماعة وافراد وقيادة تعرف ماذا تريد وما هو المطلوب منها في مجمل المتغيرات السياسية والوطنية؟