يكاد لا يمرّ يوم لا تشنّ خلاله الأبواق الاعلامية لمحور المُمانعة، كما لقياديين ومسؤولين، حروباً كلامية مليئة بالاتهامات التخوينيّة ضد حزب «القوات اللبنانية» ورئيسها وقيادتها، محاولةً إعادة عقارب ساعة الحوارات السياسية إلى زمن الحرب الداخلية، عندما كانت «القوات» مقاومة عسكرية وأمنية تحمي جزءاً لا يُستهان به من لبنان، في حين كانت الأجزاء الأخرى تعيش مظلومةً تحت نير وممارسات أجهزة المخابرات السورية والعصابات الموجّهة منها.
تصرّ هذه الأبواق المموّلة من قبل الأجهزة الأمنية للمحور، على اتهام «القوات» بمشروعٍ تقسيمي، مشيرةً لأجل إثبات ذلك، إلى «حالات حتماً»، عندما كان المواطنون القاطنون في المناطق المُحرّرة من لبنان، مُهدّدين بحياتهم وأمنهم بحال التوجّه نحو مطار بيروت الدولي، وتُصرّ الجهات ذاتها على الاشارة الدائمة لحواجز «القوات» الأمنية التي انتشرت حينها على مداخل المناطق الحرّة، صوناً لأمنها ومنعاً لتسرّب السيارات المُلغّمة والتهديدات الأمنية إلى الداخل الذي كان ينعم بنسبة كبيرة من الأمن والظروف الاقتصادية المقبولة والحركة السياحية والاجتماعية الطبيعية.
ويظهر من تلك الحملات المشبوهة الأهداف والنوايا، انه كما شكّلت «القوات» في السابق بمناضليها وقواتها العسكرية والأمنية الهاجس الكبير لمُخططات أجهزة المخابرات السورية والقوى العسكرية للنظام السوري، كذلك الآن، فإنّ حزب «القوات» يُشكّل الحاجز السياسي الصلب بوجه المخططات المؤامراتية الهادفة لتغيير هوية هذا البلد وثقافته.
يسعى محور المُمانعة حالياً لتمرير كذبة تجاوبه مع المبادرات المطروحة لحل الأزمة الرئاسية والسياسية والأمنية في لبنان، في حين يتهم حزب «القوات» بالوقوف عائقاً أمام هذه المبادرات، ويُحاول قادة المحور تفخيخ تلك المحاولات بشروطٍ عرفيّة تُعطيهم الاستدامة والاستقواء على الدستور، محوّلين الدستور إلى كلام فارغ يوضع على رفوف كتب التاريخ والقانون الإرثي، فتُصبح الأعراف المدسوسة بمكرٍ من قبلهم في المبادرات هي الحلّ العملي المُستدام «ومن شبّ على شيء شاب عليه». وبهذا الاسلوب الخبيث استطاع محور المُمانعة وضع يده على القرار الرسمي اللبناني، متسلطاً على كل المواقع في الدولة، إمّا مباشرةً وإمّا من خلال التسويات وتبادل المصالح والخدمات.
تبقى العبرة في تجاوب الفرقاء الآخرين مع ألاعيب المحور ومحاولاته، فهناك أفرقاء ينتظرون على قارعة الطريق لنيلهم الحصص من تسوية، ولم يتعودوا على السير بمنطق الدولة والمؤسسات، وهناك منهم من يختبئ خائفاً من العواصف لأنه لم يعتد البلل، بل التنظير، وهناك بالطبع فريق لم يتراجع يوماً عن الدفاع عن الإرث والتاريخ والجغرافيا والهوية والثقافة والحرّية والانسان اللبناني، وهذا الفريق شكّل حاجزاً عسكرياً أمنياً في السابق، وحاجزاً سياسيا فكرياً في الوقت الحالي، وهو، «القوات» اللبنانية.
(*) نائب في تكتل «الجمهورية القوية»