IMLebanon

القوات اللبنانية ثاني الخاسرين… بلدياً

القوات اللبنانية هي الخاسر الثاني، بعد تيار المستقبل، في الانتخابات البلدية. فقد أثبتت، برغم التراجع الطفيف، أن لديها حضوراً شعبياً في زحلة والشوف والكورة وبشري. أما حضورها في الأقضية الأخرى فقد كان حزبياً فقط

كانت الشمبانيا في ثلاجة معراب تنتظر آخر الشهر الانتخابيّ لتحتفل بتلقين تيار المستقبل درساً في احادية التمثيل المسيحيّ وردّ الصفعات المستقبلية بصفعة واحدة، وإذا بالانتصارات القواتية تقتصر على دير القمر التي ذهب ابنها داني شمعون ضحية الرصاص القواتيّ الطائش احتفالاً بسقوط العماد ميشال عون، وشقيقه دوري ضحية الرصاص القواتيّ الطائش احتفالاً بصلحتهم مع عون نفسه.

فالقوات وجدت في الانتخابات البلدية فرصة لتأمين موطئ قدم لها في بلديات جبل لبنان بحكم تحالفها مع التيار الوطني الحر، وإفهام تيار المستقبل أن نوابه ووزراءه وحلفاءه المسيحيين، الذين يستخدمهم في تحجيم القوات بين وقت وآخر، عاجزون عن الفوز بختم مختار في بلداتهم. لكن غالبية النتائج جاءت عكسية. ففي زحلة تخلى التيار الوطني الحر عن حلفائه الطبيعيين كرمى لعيني النائب ابراهيم كنعان وملحم رياشي، وخرج حزب الكتائب من الجلباب الحريريّ ليسير معهما، وحضر الوزير السابق سليم جريصاتي بكل ثقله، واسقطبت عدة عائلات وقرعت كل الأجراس… من دون أن يتمكن هذا الخليط من حصد أكثر من 44% من أصوات المقترعين. مع العلم أن القوات والعونيين كانوا يحتاجون الى أكثر من سبعين في المئة من أصوات المدينة حتى يمكنهم القول إن الأمر في قضاء زحلة لهم. فخلافاً لغالبية الأقضية الأخرى، الغلبة على مستوى القضاء في زحلة هي لتيار المستقبل وحلفائه، وكان يفترض بالقوات تحقيق انتصار كبير في مركز القضاء لتقليص الفارق مع قراه. أما في الأشرفية فبدا حجم القوات في الانتخابات البلدية موازياً لحجم النائب سيرج طورسركيسيان في الأيام العادية. والواضح، في هذا السياق، أن ثمة مجموعة قواتية في الأشرفية لا تعلم إن كانت مع إيلي حبيقة أو مع بشير الجميل أو مع نديم الجميل أو مع سمير جعجع أو مع ميشال جبور. وفي بعبدا تسقط صناديق الاقتراع، وما يسبقها من تسويات، كل الشعارات. فلا عين الرمانة قلعة صمود، ولا فرن الشباك قوات أو غيره. تتمتع القوات بنفوذ مقبول في قريتين أو ثلاث قرى. أما في سائر القرى فكان الحضور القواتي أصغر من أصغر عائلة، لكنها أصدرت بيان دعم للائحة ضد أخرى على نحو يوحي للرأي العام بأنها تقف وراء اللائحة فيما هي تتمثل بعضو أو عضوين على الأكثر. أما في المتن الشمالي فكانت الثنائية المسيحية تتطلع إلى تحجيم حزب الكتائب ومعه النائب ميشال المر اذا قرر التضامن مع النائب سامي الجميل بدل تقديم فروض الطاعة لمعراب؛ وقد اختارت مجموعة بلدات لاستعراض قوتها، إلا أن القوات خسرت في سن الفيل وإنطلياس، وكانت خسارتها الأكبر في بسكنتا حيث رئيس البلدية السابق طانيوس غانم يحمل بطاقة قوات لبنانية. وفي سن الفيل خسرت اللائحة المدعومة رسمياً من التيار، لكن نصف اللائحة الرابحة من العونيين. فمشكلة التيار تكمن في تنظيم جمهوره أما مشكلة القوات فهي افتقادها الجمهور. ويفيد التذكير هنا أن غالبية رؤساء البلديات المحسوبين أولاً على المر، يحسبون ثانياً على العميد شامل روكز وبعض النواب العونيين ثالثاً. هكذا هي حال رئيس بلدية الجديدة ــــ البوشرية ــــ السد التي فاز العونيون بأربعة مقاعد في مجلسها البلدي بينهم نائب الرئيس، فيما كانت حصة القوات مقعدين فقط. وهذه هي حال رئيس بلدية قرنة شهوان الذي يشتّي في الرابية ويصيّف في بتغرين. حتى رئيس بلدية الضبية قبلان الأشقر الذي خاض التيار الوطني الحر ضده معركة شعواء سيعض على جرحه ويزور الجنرال، لا معراب أو بكفيا، حين تهدأ الطبول البلدية. وفي الدكوانة، حصّة القوات من المجلس التوافقيّ توازي حصة شاكر برجاوي. وخلاصة المتن تفيد بأن القوات اللبنانية كان لديها ثلاثة رؤساء مجالس بلدية، فيما بات لديها اليوم اثنان فقط في بعبدات وقنابة برمانا. ولا شيء يفضح حقيقة حجم القوات اللبنانية في جبل لبنان أكثر من كسروان التي كان التيار الوطني الحر ينافس التيار في غالبية قراها، فيما تبين أن أنصار القوات هم أنصار النائبين السابقين فريد هيكل الخازن ومنصور البون ونعمة افرام وربما كارلوس إده أيضاً. ويكفي القول هنا إن التيار الوطني الحر فاز بأكثر من خمس وعشرين بلدية في كسروان، مقابل بذل القوات جهدا حسابيا كبيرا لتتمكن من القول إنها فازت ببلديتين أو ثلاث بلديات. ولا شيء يوازي قوة التيار في قلعته الكسروانية سوى قوته في قلعته الجزينية، فيما وجود القوات رمزي في الدائرتين. أما في معقل القوات بشري فلم يكن السيد والسيدة جعجع في أفضل أحوالهما هذه المرة رغم نزولهما على الأرض ومحاولتهما بشتى الطرق إخماد الاحتجاج الشعبي. وفي خلاصة الصناديق كان لدى القوات عشرة مجالس بلدية صارت ثمانية بعد خسارتها بقرقاشا وبرحليون، فيما اضطر القواتيون إلى أن يشركوا التيار الوطني الحر في بلدتي حدث الجبة وقنات ليضمنوا الفوز. أما التيار فبات يمكنه الاعتزاز بامتلاكه أربع بلديات ثمينة في كل من بان وطورزا حيث فازت لائحتاه بالتزكية، وبرحليون التي فاز فيها على القوات بنتيجة 6 – 3، وبقرقاشا التي فاز فيها على القوات أيضاً بنتيجة 12 – 3. أما في مدينة بشري فكانت لائحة القوات تجمع عادة نحو 75% من الأصوات، فيما تراجعت إلى نحو 65% فقط. ومن بشري إلى زغرتا كانت القوات تحفر بالـ»إبرة» منذ عشر سنوات وتتغلغل في قرى القضاء مستفيدة من تحالفها مع رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض قبل أن يسقط الأخير رهاناتها ويعود إلى أصله العائليّ الزغرتاوي مقفلاً مع تيار المردة الباب أمام المد القواتي. وفي البترون يمكن القول إن تحالف القوات ــ العونيين قادر، وفق نتائج الانتخابات البلدية، على هزم تحالف النائب بطرس حرب والكتائب والمردة. إلا أن القوات كانت تتطلع إلى نتيجة أفضل في تنورين التي ستكون نتيجتها مختلفة في الانتخابات النيابية بحكم استبعاد الثنائية لمرشحيها.

وبالانتقال إلى عكار خسرت غالبية اللوائح المدعومة رسمياً من التيار. إلا أن اللوائح الفائزة تضج بالعونيين أيضاً. والمشكلة مرة أخرى هنا تنظيمية بامتياز ترتبط بتفضيل قيادة التيار عونيّاً على آخر، يصدف دائماً أنه لا يلقى قبولاً شعبياً ولا يتمتع بالذكاء الانتخابي. ولكن رغم ذلك، يمكن القول إن العونيين ربحوا في شدرا وعندقت ومنيارة وعدة قرى كبيرة أخرى، مقابل خسارة القوات معركتين مبدئيتين ضد هادي حبيش في القبيات والنائب السابق كريم الراسي في الشيخطابا. والخلاصة تفيد بأن القوات عجزت عن الاستفادة من تحالفها مع التيار الوطني الحر لإثبات وجودها في المجالس البلدية بعد إعطائها حصة صغيرة في المجالس التوافقية وخسارتها غالبية المعارك، كما فشلت في التشكيك انتخابياً بشرعية نواب المستقبل المسيحيين. والمشهد، كما هو، يبين عدم استفادة القوات حتى الآن من تحالفها مع العونيين. فيما خسرت قدرتها على التحرك بحرية في البيئة الحاضنة للكتائب وميشال المر وبطرس حرب وهادي حبيش وفريد مكاري وروبير غانم وميشال فرعون وميشال معوض وغيرهم ممن كانت القوات تتوسع في مناطقهم على حسابهم. ولا شك أن التفات الوزير جبران باسيل بالسرعة المطلوبة إلى التيار لمنع التسربات ومعالجة المشاكل الصغيرة هنا وهناك سيحصن التيار أيضاً، بموازاة تحصين البيوتات السياسية لنفوذها في وجه القوات التي تجد اليوم نفسها وحيدة كما لم تكن يوماً في السابق، لا تعزيها غير زيارات النائب ابراهيم كنعان و»تراويح» عضو المكتب السياسي العونيّ ناجي حايك.