فيما لا تزال علاقة «القوات اللبنانية» بـ«التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» تستأثر بالاهتمام السياسي والشعبي، فإن مصادر رفيعة في «القوات اللبنانية» أكدت أن الواقع مخالف لكل القراءات والتوصيفات، إذ أن الإتصالات بين «القوات» و«المستقبل» قائمة ومستمرة، والأمر نفسه بين «القوات» و«التيار الوطني الحر»، ولكنها أعربت عن أسفها، لخروج بعض الأصوات في «التيار الحر» بعد حملة التحامل التي شنّها الوزير جبران باسيل ضد «القوات»، لتواصل هذه الأصوات نفسها حملة التحامل والتضليل. وسألت المصادر القواتية عما إذا كان معيار التفاهم بين «القوات» و« التيار الوطني الحر» يقتضي التصفيق للوزير باسيل؟
وأضافت المصادر، أن «القوات» لم تعتد في الحقيقة، التصفيق إلا متى وجب التصفيق، والإنتقاد متى وجب الإنتقاد، فهي لا تصفّق لمجرد التصفيق، ولا تنتقد لمجرد الانتقاد، إنما تعمل وفق قناعاتها ورؤيتها للشأن العام، ومن ضمنها أن الحكومة مجتمعة مسؤولة عن كل الملفات التي تعمل كل وزارة على تنفيذها ضمن اختصاصها، لأن الوزارات ليست منفصلة عن الحكومة، ولذلك، تتابع المصادر، أنه لا يمكن لـ«القوات» أن تتخلّى عن دورها في الحكومة، وهي لا تتدخّل في شؤون أي وزارة، كما تدّعي بعض الأصوات، إنما تطرح وجهة نظرها في ملفات تخصّ كل الشعب اللبناني، فضلاً عن أنه لا يوجد ملفات مخصّصة لقوى معينة وملفات أخرى لقوى أخرى.
وسألت المصادر نفسها: «هل رفض «القوات» لتلزيم البطاقة البيومترية بالتراضي خطوة ضد «التيار الوطني الحر»؟ وهل رفض «القوات» لملف الميكانيك خطوة ضد «التيار الحر»؟ وهل تمسّك «القوات» بالآليات الدستورية والقوانين المرعية والمؤسّسات الرقابية خطوة ضد «التيار الحر»؟
وفي هذا المجال، أعلنت تمسكها بالمصالحة وبتفاهم معراب وإدارة الخلاف، ولكن التفاهم لا يعني التحاق فريق بفريق آخر، ولو كانت العلاقة استتباعية لما كان تفاهم ولا مصالحة. وأوضحت المصادر أنه، وبقدر تمسّك «القوات» بالتفاهم مع «التيار الوطني الحر» تتمسّك بثوابتها الوطنية السيادية، وبمقاربتها للشأن العام المبنية على الدستور، وهذه المقاربة وحدها قادرة على استعادة ثقة الرأي العام التي انتفت بفعل الممارسات العشوائية والمصلحية والزبائنية، والتي تضرب بعرض الحائط الدستور والقوانين المرعية. وشدّدت على أن «تفاهم معراب» واضح وبنوده معلنة، وكل طرف يخرج عن المبادئ العشرة التي تم الإتفاق عليها، هو من يضرب بعرض الحائط هذه المصالحة التاريخية، مع العلم أنه حتى الساعة لم تخرج «القوات» عن أي مبدأ التزمت به ضمن هذا التفاهم.
من جهة أخرى، كشفت المصادر ذاتها، عن أن عودة العمل الحكومي الأسبوع الجاري، ستظهر استمرار «القوات» على ثوابتها وتحالفاتها، بعدما قطعت الطريق على كل محاولات عزلها، لافتة إلى أن محاولة العزل كانت جدّية، ولكن تمّ التراجع عنها كي لا تأتي لمصلحة «القوات» في الإستحقاق الإنتخابي النيابي المقبل. وبالتالي، فإن «القوات» مستمرّة في هذه الحكومة، وهي لن تغيّر اتجاهها في جعل المصلحة العامة الأساس الوحيد لأي قرار قد تتّخذه إزاء الملفات المطروحة على مجلس الوزراء.