IMLebanon

القوات اللبنانية: سنوقف تمدّد باسيل!

 

زيارة جبران باسيل إلى قضاء بشرّي، يوم السبت، لم تكن الأولى، تماماً كاستفزاز القوات اللبنانية منها، ومحاولة التصويب عليها. إلا أنّها تُصادف هذه المرة المعركة السياسية المتصاعدة بين الحزبين، على خلفية اتهام القوات لباسيل بالسعي إلى السيطرة على «القرار المسيحي» في الدولة. وثانياً، مع إعلان باسيل ووِيليام طوق، رسمياً، تحالفهما السياسي والانتخابي.

 

«نحن نلتزم مع الشيخ ويليام طوق بالعمل في هذا القضاء بانفتاح، لإنماء السياحة، وليبقى الجميع في قراهم وبلداتهم». الجملة «السياحية»، بمعانيها السياسية، قالها الوزير جبران باسيل، يوم السبت، خلال احتفالٍ في بلدة قنات، التي شكّلت واحدة من محطات زيارته لقضاء بشرّي، قبل أن يُضيف إليها، خلال العشاء في منزل طوق في مدينة بشرّي: «نحن اليوم مع الصديق ويليام جبران طوق، لنكمل مسيرة الانفتاح المبنية على التعاون وليس الحقد. بشري مثل كل لبنان، مبنية على التنوع، ولا يمكن لأحد أن يقصي أحداً… وهذه الانتخابات الأخيرة كانت شاهداً على ذلك، وهكذا يجب أن يكون المستقبل». لاقاه ويليام إلى الوسط، قائلاً إنّه «نأمل من تشريفك اليوم على بيتك، أن يكون خطاً فاصلاً لكلّ أمر يخص هموم الناس ووجعهم، ويكون ما بعد الزيارة غير ما قبلها، ونحن مستمرون في خدمة الناس ونطلب دعمكم. وأهلا فيك بأرض الأرز… رمز لبنان القوي». التيار الوطني الحرّ و«حركة المُقدّمين»، أعلنا تحالفهما السياسي الجديد. والتحالف مع المُنافس الأول للقوات اللبنانية في بشرّي، الذي ثبّتته الانتخابات النيابية «صاحب شرعية» مُعينة (حصل على 25 في المئة من الأصوات في بشرّي) ولا يزال ينشط على خطّ توفير الخدمات العامة والخاصة، كفيلٌ حتى قبل أن تظهر نتائجه، بإثارة حساسية «القوات». فحزب سمير جعجع يتعامل مع المنطقة، كما لو أنّه «شرطي السير» على مدخلها، إن كان باللافتات التي يرفعها نائبا المنطقة ترحيباً بالزوار، أو بـ«الوصاية» الممارسة عليها، بطريقة توحي وكأنّه ممنوعٌ على أي شخصية أو فريق سياسي دخول بشرّي، إلا بعد الاستحصال على «إذن مرور» من معراب.

ليست بشرّي فقط مسقط رأس سمير وستريدا جعجع، بل القضاء الوحيد حيث اعتادت «القوات» أن لا يكون لديها أي منافسة سياسية. سنوات طويلة مضت، كانت فيها القوات اللبنانية «مرجعية» المنطقة، مستفيدةً أولاً من ضعف خصومها، وثانياً من عدم احتكاكها بالبشراويين خلال فترة الحرب، وبالتالي تأخّر «تعرّفهم» إلى الحزب وممارساته، قبل أن ترتفع «النقمة» ضدّه، ويبدأ بالتعبير عنها خلال الاستحقاقات الانتخابية، وارتفاع نسبة التأييد التي يحصل عليها الفريق المعارض. حصول ويليام طوق على 4649 صوتاً خلال الانتخابات الأخيرة، (حصلت ستريدا جعجع على 6677 صوتاً، وجوزف اسحاق 5990 صوتاً)، تضاف إليه رغبة التيار الوطني الحرّ «الاستثمار» في الحالة التي يُشكلها ويليام، ووضع نفوذ «العهد» وخدمات الوزارات التي يشغلها «التيار» بين يديه، كلها عوامل أزعجت «القوات»، وجعلتها تتحجج بعدم قانونية اللافتات المرفوعة، لـ«الحرتقة» على زيارة باسيل إلى بلدات قنات وحدشيت وبشرّي.

 

أعلن باسيل وويليام طوق تحالفهما الجديد، ما أثار حساسية القوات

 

ثلاثة بيانات صدرت يوم السبت تتحدث عن اللافتات المرفوعة. حفلة زجلٍ بين نائبَي بشرّي ستريدا طوق وجوزف اسحاق من جهة، ومحافظ الشمال رمزي نهرا من جهة أخرى. الفريق الأول «رحّب بخطوة بلدية قنات» إعطاء الإذن لرفع لافتة، ولكنه زعم أنّ رفع اللافتات في باقي البلدات تمّ من دون الرجوع إلى السلطات المحلية. ولأنّ القصة على قدر عالٍ من الأهمية والخطورة، قامت ستريدا جعجع شخصياً بالاتصال بنهرا «الذي لم يؤكد إعطاء أي ترخيص، ووعدها بإزالتها فوراً»، بحسب بيان النائبين. وأمام هذه «المخالفة القانونية»، طلبت جعجع واسحاق من أهالي بشري التحلي «بالشجاعة والرجولة والحكمة، وألا يقوموا بأي ردود فعل على التصرفات غير القانونية لباسيل». ردّ نهرا على «القوات» بكتابٍ، يُفيد أنّه أخذ العلم، «بموافقتنا على تعليق يافطات الترحيب بباسيل»، الأمر الذي عاد «النائبان» ونفياه عبر بيانٍ، علماً بأنّ مصادر «التيار» تؤكد أنّها استحصلت على موافقة البلديات لرفع اللافتات، «ما حصل أنّ القوات حين علمت بالزيارة، بدأت تضغط على رؤساء البلديات والناس، لتكثيف صور سمير جعجع وأعلام الحزب وطلب عدم المشاركة في اللقاءات… رغم كلّ شيء، كانت المشاركة كبيرة». ولكن الصور التي انتشرت من حدشيت، تُظهر أنّه لم يكن هناك تفاعل شعبي مع الزيارة. تردّ مصادر التيار العوني بأنّه في حدشيت «لم يكن لقاءً شعبياً، على العكس من قنات». وتُعيد المصادر كلّ ما حصل إلى «حساسية القوات من أن يدخل أحد إلى بشري، خاصة بعد التعاون مع ويليام طوق، وتنظيم وجودنا الحزبي أكثر، بالانتقال من امتلاكنا 11 هيئة محلية إلى 20».

علناً، هاجمت القوات اللبنانية زيارة باسيل للقضاء. أتتها قصة اللافتات «على القدّ»، لتستخدمها في معركتها. «القصة أكبر من لافتة»، يقول أحد نواب «القوات». فلو أنّ الزائر كان رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «وقام بتعليق اللافتات قبل ليلةٍ من مجيئه، لا يستفزنا ذلك. المشكلة أنّنا نتعامل مع شخصية سياسية (باسيل) استفزازية، وفعلاً يُمثّل فتنة متنقلة». يقول النائب إنّ اللافتات في قنات «لم تُزل لأنّها قانونية، ولو استحصل على إذن في بقية البلديات، لما كنا سنُمانع». ألستم مُستفَزين من دخوله إلى بشرّي وتحالفه مع ويليام طوق، وتسمحون لأنفسكم بالتصرف كما لو أنكم تحملون صكّ ملكية بشري؟ أولاً، يردّ النائب، «أكيد أنّ القضاء لنا، فنحن ربحنا المقعدين النيابيين، ونُمثّل القضاء بفارق بعيد عن أخصامنا». أما بالنسبة إلى ويليام طوق، «ولا مرّة خفنا منه أو من أحد». ولكن ما يكشفه النائب أنّ القرار المُتخذ «باستخدام السياسة والوسائل القانونية، لوقف تمدّد باسيل. لن نسمح له بأن يتوسّع». يتصرف باسيل «وكأنه كلّ شيء في الدولة، من دون حدود، ومن دون أن يردعه أحد. نحن قادرون على وضع حدّ له، وسنقوم بذلك بالقانون»!