Site icon IMLebanon

التصعيد الهائل يسابق مساعي التسوية

 

 

لا يفاجئ المراقبين هذا التصعيدُ الكبيرُ في الحرب العدوانية الإسرائيلية على لبنان، وبالطبع على غزة وقطاعها كذلك، يقابله الرد القوي من حزب الله في كمية الصواريخ التي يمطر بها مواقع العدو في الخطوط الأمامية وما يتخطاها بمسافات متوسطة وطويلة.

 

أجل، ليس في الأمر مفاجأة كون هذا التصعيد يبدو كأنه في سباق محموم مع المساعي الجدّية لتحقيق هدنة قد تكون محدودة الأفق (كما يعمل عليها بعض الوسطاء) أو من دون أفق زمني (كما يأمل وسطاء آخرون). الى ذلك يبدو أن كلّاً من طرفَي المواجهة على الجبهة اللبنانية يريد أن يوجه رسالة الى الرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترامب، بأنه حاضر ولم ينهزم في هذه الحرب الرهيبة بامتياز. فالجانب الإسرائيلي يزعم أنه حقق انتصاراً في لبنان جرّاء الضربات البالغة التي وجهها الى حزب الله، والى حركة حماس كذلك، وأيضاً جرّاء الإبادة والدمار الوحشيين اللذَين يلحقهما بلبنان وغزة. وأما المقاومة فترى ذاتها منتصرة بالرغم من اعترافها بجسامة الخسائر في الشهداء والممتلكات، لأن العدو لم يحقق أهدافه السياسية بالرغم من تفوقه في التكنولوجيا والمال والعتاد والدعم الخرافي الأميركي … وهذا جدال لا ينتهي وليس منتظراً أن ينتهي حتى بعد أن تضع الحرب أوزارها.

 

وأما مساعي الحل فهي تصطدم بحقيقة أن إدارة جديدة ستتولى الحكم في البيت الأبيض بعد نحوٍ من شهرين وأسبوع، وسيكون على رأسها دونالد ترامب، الذي يُجمع المراقبون على أنه سيكون مختلفاً الى حد كبير عن دونالد ترامب الذي كان يتربع على كرسي الرئاسة في المكتب البيضاوي قبل أربع سنوات. يومذاك أعطى الرجل الأصهب إسرائيل كلّ شيء، وربما أكثر مما كان الصهاينة يحلمون بالحصول عليه، أعطاهم الجولان وأعطاهم القدس (كلها) عاصمة أبدية لدولة الكيان العبري. وبالطبع يصحّ هنا ترداد القول الشهير عن اللورد بلفور ووعده المشؤوم: «إن مَن لا يملك أعطى مَن لا يستحق»…

 

وبالتالي فإن بنيامين نتنياهو الذي اعتصر بدوره جو بايدن وأخذ منه، كذلك، العطاء فوق المستطاع، لاسيما في الدعم المالي واللوجستي والسلاحي والسياسي(…) ليس مستعداً لان يهديه نجاحاً وداعياً بالموافقة على وقف إطلاق النار الذي سيبقيه ورقة ثمينة يفاوض عليها مع ترامب الذي سيكون طموحه أن يبدأ عهده الجديد بتحقيق إنجاز سياسي تعهد به في الأيام الأخيرة من حملته الانتخابية.

 

في الجهة المقابلة ليس خافياً على أحد أن القيادة الإيرانية ليست في وارد التخلي عن ورقة وقف إطلاق النار وهي التي تُعِدّ نفسها الى مفاوضات شاقة مع واشنطن لا سيما في مباحثات التوصل معها الى اتفاق جديد (أو معدّل) في الملف النووي الشائك.