Site icon IMLebanon

إلى السلطة المهيوبة

 

لا نطلب منكم أن تشنّوا الحرب على إسرائيل، ولا أيضاً أن تعقدوا الصلح معها.

 

ولا نطلب منكم أن تفكّوا العزلة المضروبة على لبنان، وقد بتنا مثل مركبٍ تائهٍ وحيدٍ في محيطٍ هائج تتقاذفه الأمواج العاتية فتنتزع منه تباعاً عنصراً جديداً من عناصر ثباته وصموده.

 

ولا نطلب أن تتخذوا التدابير الفعّالة التي تُعيد ازدهاراً مفقوداً ورخاءً ضائعاً.

 

ولا أن تنجحوا في تأمين البضعة ملايين جرعة من اللقاح لتوفير المناعة الشاملة ضد فيروس كوفيد-19.

 

ولا أن تُعيدوا لبنان واحةً في صحراء المنطقة، وقد أضحت الصحارى واحات، بينما باتت واحتنا صحراء!

 

ولا أن تستعيدوا ذلك الزمن الجميل يوم تشكيل الحكومات أمرٌ طبيعي، والانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية في مواعيدها، ويُنتخب رئيس الجمهورية في مسارٍ سلس، ولو بالصوت الواحد، فيتسلّم من سلفه بمودّةٍ واحترام. حتى ولو كان السلف يترأس وفد لبنان إلى مؤتمر القمّة العربية، وحانت ساعة تسليم الأمانة، فيعود السلف (شارل حلو) من القاهرة إلى القصر الرئاسي فيتسلم الخلف (سليمان فرنجية) ليُسافر فوراً إلى إكمال أعمال المؤتمر رئيساً لوفد لبنان، فيستقبله الملوك والرؤساء باحترامٍ كبير ومودّةٍ واضحة، لأنهم لا يعرفون هكذا نهجاً ديموقراطياً في بلدانهم.

 

ولا نطلب منكم أن تُعيدوا لبناننا واجهة المنطقة وقُبلتها ومدرستها وجامعتها وكِتابها ودارها للنشر ومستشفاها وصحيفتها وفندقها ومطعمها ومُنتداها الفكري ومأواها الانساني الآمن إلخ…

 

يا سيدي دعنا من هذه كلّها، فهي فوق طاقتكم وطاقة هذا الجيل الهجين من السياسيين، الغارق في الفساد والتجاوزات والارتكابات، وبيع وشراء كلّ شيء، تحقيقاً لمصالح ذاتية، آنية… دعنا منها كلّها، لنُضيف أموراً عادية جداً.

 

فلا نطلب منكم أن تُراقبوا التلاعب في الأسعار التي حلّقت كلّها فوق قدرة المستهلك بأشواط.

 

فقط نطلب منكم أن تتكرّموا علينا بالجواب: لماذا يرتفع سعر صرف الدولار إلى مستوياتٍ مرعبة؟ ما هي الأسباب والمتغيّرات التي تجعله يقفز بين ليلةٍ وضُحاها ما بين 500 و1,000 ليرة كلّ يوم؟ كيف، ولماذا، وبأي منطق، واستناداً إلى أي قاعدة يرتفع الدولار ألف ليرةٍ يوم أول من أمس الأحد، إذ لا أسواق فاتحة ولا جماعة الصرّافين من «حاملي الشنطة» إلى الجالسين إلى «كنتوراهم»؟

 

هل لديكِ، أيتها السلطة المهيوبة والمُهابة، أي جواب؟