في زيارتي الأخيرة الى الرياض دار حديث بيني وبين مجموعة من كبار الصحافيين ورجال فكر ورجال أعمال الذين أبدوا عتباً كبيراً على لبنان بسبب الموقف الرسمي المنحاز للحوثيين في اليمن ضد المملكة العربية السعودية، إذ بعد سقوط ٢٨٠ صاروخاً خلال ٤ سنوات من حرب اليمن أطلقها الحوثيون على أراضي المملكة العربية السعودية لم يصدر بيان لبناني رسمي واحد يستنكر هذا الإعتداء الحوثي… وكان المطلوب فقط بيان استنكار.
من ناحية ثانية، توجد في الضاحية الجنوبية في بيروت مراكز تدريب على السلاح ومراكز طبابة ومراكز تعليم مخصصة للحوثيين بالإضافة الى قناتي تلفزيون وبعض وسائل الإعلام من صحف ومجلات…
إلى ذلك، فإنّ السفير السعودي لم يزر رئيس الجمهورية في اللقاء الديبلوماسي السنوي في رأس السنة كما جرت العادة، وطبعاً هذا نوع من الإحتجاج وعدم قبول المواقف اللبنانية الرسمية المنحازة ضد المملكة.
في الوقت الذي نطلب من السعوديين أن يأتوا الى لبنان لأنه تبيّـن أنّ لا سياحة من دون السياح السعوديين والخليجيين عموماً، فإنّ مَنْ يصل الى مطار بيروت وينزل من الطائرة أول من يستقبله صورة الإمام خامنئي على دوار المطار!
ولا يكاد يمر أسبوع واحد إلا وهناك خطاب للسيد حسن نصرالله يتهجم فيه على المملكة العربية السعودية وعلى آل سعود تحديداً، ومع ذلك نحن نطلب من السعوديين المجيء الى لبنان… قولوا لي كيف؟
نعود لنقول إنّ أحد أعمدة الاقتصاد في لبنان هي السياحة، ولبنان يريد أن يكون «هانوي وهونغ كونغ» في آنٍ معاً.
ولكي نكون صريحين هناك طريقان لا يوجد ثالث بينهما، فإما أن نذهب الى مجتمع حرب كما هي الحالة بالنسبة لـ»حزب الله» الذي لا يريد أن يعترف بأنّ الحرب مع إسرائيل انتهت بل يصر على الموقف الايراني الذي يريد أن يحارب أميركا… والأهم أنّ المشروع الايراني أصبح واضحاً: لا يريدون تحرير القدس واستعادة فلسطين كما يدعون بل هدفهم بكل وضوح كما يصرّح كبار المسؤولين الايرانيين إبتداءً بآية الله خامنئي مروراً برئيس الجمهورية الى جميع المسؤولين الذين يصرّحون بأنهم يسيطرون على أربع عواصم دول عربية هي العراق وسوريا ولبنان واليمن… بمعنى أوضح يريدون أن يعترف العالم بأنّ إيران هي قوة عظمى في منطقة الشرق الأوسط، أهم من تركيا وأهم من مصر وأهم من المملكة العربية السعودية وأنّ مشروعها هو أن تسيطر على العالم العربي وتكون لها الكلمة الوحيدة في المنطقة.
ما دام «حزب الله» باعتراف السيّد حسن نصرالله يحظى على التمويل والتسليح من إيران، وما دامت إيران تدفع للحزب مليار دولار سنوياً منذ عام ١٩٨٣ الى يومنا هذا، فهل إيران جمعية خيرية أو ان لها مشروعاً ومن أجل هذا المشروع فإنّ «حزب الله» أصبح جزءًا منه، من هنا فإنّ ذهاب «حزب الله» الى المشاركة في الحرب الأهلية السورية الى جانب بقاء بشار الأسد ضد الشعب السوري حيث قتل ٣٠٠٠ من «حزب الله» فقط من أجل بقاء نظام بشار الأسد، كما قرّر قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني الذي أصبح قبل أن يقتله الاميركيون وهو يخرج من مطار بغداد قادماً من دمشق وبرفقته أبو مهدي المهندس نائب قائد الحشد الشعبي العراقي بتفجير موكبهما بواسطة طائرة من دون طيار وقائدة تلك العملية فتاة في أميركا كانت من خلال الكمبيوتر توجه الطائرة التي أطلقت صواريخها على موكب السليماني لم يكتفِ «حزب الله» بالذهاب الى سوريا بناء لأوامر قاسم سليماني.
ولم يكتفوا بالذهاب الى سوريا بل أيضاً ذهبوا الى اليمن ومنذ بداية الحرب الاهلية في اليمن شاركوا كمقاتلين وخبراء… وذهبوا الى الكويت كما تبيّـن من تخزين عشرة آلاف بزة عسكرية كويتية حيث كانوا يحضرون لانقلاب في الكويت والاستيلاء على الحكم فيها.
وأيضاً نتذكر التفجير الذي قامت به مجموعة من «حزب الله» في يوغوسلافيا.
أما الوجود العسكري وكرجال أعمال في أميركا الجنوبية والإنخراط في تجارة المخدرات، وطبعاً عدد كبير منهم وضعوا على قانون العقوبات الاميركية… فهذا الموضوع حدّث فيه ولا حرج.
ولا بد من الإشارة الى أنّ الضغط الاميركي على البنوك اللبنانية سببه «حزب الله»، وبدأت الضغوط بالبنك اللبناني – الكندي حيث دبّر حاكم مصرف لبنان الحل بأن يتولى بنك سوستيه جنرال شراء هذا البنك، علماً أنّ السوستيه يملك ١٩٪ منه الفرنسيون، لم يكتفِ الاميركيون بذلك، بل وجهوا رسالة قوية جداً من خلال إقفال جمال ترست بنك.
في النهاية لن يتمكن لبنان من حل أزمته السياسية والاقتصادية والمالية لا بحكومة لـ»حزب الله» بل بحكومة لبنانية ترعى مصالح لبنان والأهم تصحّح العلاقات مع العالم العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية… ومن ناحية ثانية ما قاله لي مسؤول سعودي كبير: إننا لن نساعد لبنان ما دامت الحكومة اللبنانية ليست للبنان بل حكومة «حزب الله» وبالتالي فإنها حكومة إيران… وأضاف يقول: عندما تصبح الحكومة اللبنانية حكومة لبنان في ذلك الوقت لبنان سيكون في قلوبنا وعقولنا وسننقذ لبنان مهما كلف الأمر.