IMLebanon

لمصلحة مَن الإمعان في تخريب العلاقات اللبنانية الخليجية؟

 

العهد يتحمل المسؤولية لإضاعته فرصاً عديدة لإصلاحها

 

وضع لبنان نفسه مرة جديدة في موقف بالغ الصعوبة والحرج. لا يحسد عليه أبداً، وهو الغارق في بحر متلاطم من الأزمات، بعد قرار المملكة العربية السعودية منع الخضر والفواكه اللبنانية من دخول أو عبور أراضيها، بعد اكتشاف فضيحة الرمان المخدر المرسل من لبنان. وهو أمر سيعمق أكثر فأكثر الهوة مع دول مجلس التعاون الخليجي التي كانت دعت السلطات اللبنانية إلى تصحيح مسار العلاقات مع الدول الخليجية، والابتعاد عن أحضان إيران، لكن دون جدوى، ما جعل الأمور تتفاقم أكثر فأكثر منذ انتخاب الرئيس ميشال عون، على الرغم من الفرص التي وفرتها الرياض وعدد من العواصم الخليجية للعهد الجديد في لبنان، لإبراز حسن نواياه، إلا أنها كلها ذهبت أدراج الرياح.

 

وقد جاءت فضيحة الرمان المخدر، لتكشف مدى الانهيار الذي يتحكم بمفاصل ما بقي من مؤسسات في لبنان، على مختلف الأصعدة، وتحديداً على الصعيد الأمني، في ظل انعدام الثقة الداخلية والخارجية بهذه المؤسسات، حيث التخبط واللامبالاة هو عنوان ما يحصل داخلها، مع انكشاف البلد سياسياً وأمنياً واجتماعياً، دون أن تبادر الطبقة الحاكمة، إلى اتخاذ الخطوات الضرورية، لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل الارتطام الكبير الذي لم يعد بعيداً، في حال استمرت حالة المماحكة والعناد، متحكمة في عملية تأليف الحكومة، ما يجعل الوضع الداخلي عرضة لمخاطر لا يمكن التكهن بتداعياتها، في ظل التراجع المخيف على كافة المستويات.

 

ولا يكفي أن يعلن اجتماع بعبدا الأخير، عن حرص لبنان على متانة العلاقات مع السعودية، وإدانة كل مساس بأمنها، بل أن الوقائع أثبتت أن حالة التسيب والفلتان القائمة في المرافق الحيوية، دفعت إلى تعميم ظاهرة الفساد، وعلى مختلف المستويات، حيث استغل المهربون بالتكافل والتضامن مع بعض «المتواطئين»، هذه الحالة، للقيام بعمليات التهريب على أنواعه التي جنوا من خلالها مليارات الدولارات على مدى السنوات الماضية، ضاربين عرض الحائط مصالح لبنان الداخلية والخارجية، دون أن تحرك أجهزة الدولة ساكناً من أجل الحد من عمليات التهريب التي فاقت كل حدود. والأنكى أن هناك من يتذرع بعدم جود آلات «السكانر» في بعض المرافق البحرية والبرية، للحد من عمليات التهريب التي حصلت وتحصل، وهو عذر أقبح من ذنب، يخفي خلفه الكثير من علامات الاستفهام حول الأسباب والدوافع.

 

وتكشف لـ«اللواء»، مصادر موثوقة أن «هناك استياء سعودياً وخليجياً من تمادي السلطات اللبنانية في الاستهتار بعلاقات لبنان مع دول مجلس التعاون الخليجي، وقد ظهر ذلك في أكثر من مناسبة، دون أن يتحرك المسؤولون اللبنانيون لوقف إساءات جماعات إيران للمملكة وبقية الدول الخليجية، وهذا بالتأكيد أضر كثيراً بالعلاقات اللبنانية الخليجية التي أضحت في وضع شديد التعقيد، ينذر بمضاعفات لا يمكن التكهن بتداعياتها، وخاصة بعد فضيحة الرمان المخدر التي تركت انعكاسات بالغة السلبية على الاقتصاد اللبناني، بمنع المملكة إدخال أو عبور الخضراوات والفواكه اللبنانية إلى أراضيها، دون استبعاد أن تبادر دول خليجية أخرى إلى اتخاذ الموقف نفسه في المرحلة المقبلة».

 

ولا يظهر استناداً لهذه المصادر، أن «الرياض التي يتحضر الوزير محمد فهمي لزيارتها، في وارد العودة عن قرارها، في حال لم تلمس تغييراً جذرياً في الموقف اللبناني الذي لا يزال أسير التوجهات الإيرانية في ما خص العلاقات مع الدول الخليجية. وإن لم يعمد لبنان إلى تصحيح مسار علاقاته كلياً مع دول «مجلس التعاون»، فلا إمكانية نهائياً لأي انفراجة في العلاقات، لا بل أن هذه العلاقات مرشحة لتطورات متسارعة لن تكون أبداً في مصلحة لبنان وشعبه، في أخطر مرحلة يمر فيها البلد في تاريخه».