Site icon IMLebanon

آمالُ اللبناني وتفاؤله أقوى  من المعارِك الخاسرة للسياسيين

ولماذا التهويل؟

فالأرضُ تهتز ولا تقع، إنه لبنان، لا يحصل شيءٌ اليوم لم يحصل مثله في الماضي، ولو بِنسَبٍ ودرجات متفاوتة، فلماذا إغراقُ الشعب في المخاوف؟

الشعبُ أذكى من سياسييه بأشواط ودرجات، بدليل أنه حين يبتعد عنهم، في المغتربات، يتبوأ المسؤوليات المهمة في أعرق الدول وأكثرها تقدماً، وها هو المِثال الكندي أسطعُ دليلٍ على ذلك. وحين يبتعد عنهم في الداخل وينصرف إلى القطاع الخاص وإلى أعماله الخاصة، يسجِّل نجاحات باهرة.

***

مناسبة هذا الكلام أنَّ هذا الشعب الصامت والصامد والجبَّار والمكافِح والمثابر، كأنه لا تكفيه تحدياته اليومية حتى يأتيه سياسيون يهوِّلون عليه، او كما يُقال في اللغة المحكية يمارسون تهبيط الحيطان، متناسين أن هذا الشعب إنهارت سقوفٌ فوق رأسه بفعل القذائف والصواريخ خلال الحروب المتعاقبة، ولم يتأثر، فهل يتأثر اليوم بالتهويلِ والثبور وعظائم الأمور؟

***

لا تجمعوا النفاياتِ، فيوماً ما سيتمُ جمعها.

لا تُجروا إنتخاباتٍ رئاسية، فيوماً ما ستنتخبون رئيساً.

مددوا لمجلس النواب ما شئتم، فيوماً ما ستنتخبون مجلساً نيابياً جديداً.

لا تفعِّلوا عملَ الحكومة، فيوماً ما ستأتي حكومة جديدة تعوِّض عجزكم وتأخركم في مواكبةِ الإستحقاقات.

***

إنَّه الإحباطُ المتعمَّد عن سابق تصوُّر وتصميم، لكن اللبناني لا يُحبطه برميل نفايات، فيما هو معتادٌ على نفايات سياسية أكثر ضررٍ وأكثر تجذُّرٍ.

كما أن اللبناني لا يُحبطه عدم إنتخاب رئيس، ألم يقع هذا الفراغ بين أيلول 1988 وتشرين الثاني 1989؟

ولماذا يُحبَط اللبناني من التمديد لمجلس النواب؟

ألم يحصل تمديدٌ متمادٍ من العام 1976 حتى العام 1988؟

***

ماذا يجري اليومَ ولم يجرِ مثله في السابق؟

فلِمَ تريدون من اللبناني أن يُحبَط؟

إذا أُحبِط اللبناني تكونون قد انتصرتم، وهو لا يريد لكم هذا الإنتصار.

ولكن مهلاً، ففي مقابل لَهْوَكُم وتلهيكُم، هل تُدرِكون أن الأرض تُميد من تحت أرجلكم، وأن العالم يتغيَّر من موسكو إلى كندا؟

روسيا التي يتواجدُ جيشها في سوريا، لم تخرج من حدودها منذ التدخُّل في أفغانستان، وكان ذلك على أيام الإتحاد السوفياتي، أما اليوم فهو تدخُّل روسيٌ خالص.

إيران التي لم تخرج من حدودها رسمياً من أكثر من ثلث قرنٍ، تتدخَّل اليوم في سوريا.

هناك غرفةُ عمليات إستخباراتية مشتركة في العراق تضم سوريا والعراق وإيران، وقد إنضمت إليها روسيا.

هناك إنتفاضةٌ ثالثةٌ في الأراضي الفلسطينية المحتلة وحتى في أراضي 48 اصطُلِح على تسميتها إنتفاضة السكاكين.

هناك إنتخاباتٌ نيابية عامة أُجريت في مصر.

هناك تحوُّل جديد في اليمن بعد عاصفة الحزم.

ونحن في لبنان نعد الأيام:

500 يوم على الشغور في موقع رئاسة الجمهورية.

مئة يوم على النفاياتِ في الشارع.

تهويلٌ بعدم القدرةِ على دفع الرواتب.

ولكن…

ها هو المديرُ الإقليمي للبنك الدولي فريد بلحاج ينفي، دولياً، تهويلاً محلياً فيقول:

إن إزالة لبنان من لائحة الدول التي تتلقى مساعدات وقروضاً من البنك غير مطروحةٍ، والبنك لم يوجّه تهديداً، بل رسالة للسياسيين مفادها أن المشاريع الموجودة اليوم على مائدة التفاوض قد تزول إذا لم تُقر. بدوره، وليس هناك أية آلية لشطب أي بلدٍ عن لائحة الإستفادة من قروض البنك الدولي، ما دام البلد المعني يسدد إلتزاماته تجاه البنك.

هكذا لعبةُ التهويل إنكشفت بسرعةٍ، فما هي اللعبة الجديدة التي سيفتشون عنها لإلهاء اللبنانيين والتهويل عليهم؟

عيبٌ! فاللبناني مجبول بالتفاؤل والأمل فلماذا تريدون إستخدامه في حروبكم الخاسرة؟