Site icon IMLebanon

لبنانيّون… ببطاقة الهويّة!!

عندما تصنّف المؤسسات الدولية المعنية بالفساد لبنان، بأنه الدولة العربية الاكثر فساداً بين دول العالم العربي، وبأنه يحتل درجة متقدمة جداً في الفساد، في تصنيف دول العالم، لا ترى او تسمع مسؤولاً ينتفض لهذه الاهانة التي تلحق به وبوطنه، على اعتبار ان معيار الفساد في العالم يرتبط بنسبة كبيرة بالمجموعة الحاكمة التي تدير الدولة من اعلى الهرم الى اسفله، مروراً بالموظفين او باكثريتهم الساحقة، كبيراً او صغيراً.

يتلقون الخبر وكأن الامر لا يعنيهم، وكأن هذه المؤسسات تتحدث عن دولة اخرى او عن لبنان آخر، لا علاقة له بهذا اللبنان المظلوم، الذي اوقعه حظه السيئ بين ايدي طبقة سياسية حاكمة، لا هم لها سوى البلع والزلع، ولسان حالها يقول «بعد حماري ما ينبت حشيش».

اينما نقبت في هذه الدولة ومؤسساتها، تكتشف فساداً، اعمقه لا يتجاوز المتر، كل شيء على المكشوف، والكل يعرف. والكل مشارك والكل ينكر، وكأن المؤسسات الدولية تحمل ثأراً على لبنان وتتقصد تشويه سمعة حكامه ومسؤوليه وموظفيه، وهم طاهرو الذيل، ناصعو البياض، ولكن صمتهم يكشفهم، فهم لا يعترضون ولا يستنكرون ولا يطلبون تصويباً وتكذيباً لهذه «الاتهامات»، علماً بأن مفهوم الفساد لا يعني حصول المسؤول على اموال ليست من حقه من خلال منصبه ومسؤولياته، فالفساد الذي يغرق لبنان فيه، ينسحب على جميع المؤسسات الخاصة والعامة، ففي الجامعات والمدارس والمستشفيات والمطاعم والمصانع والمزارع والمحال التجارية والمصارف وغيرها وغيرها، فساد مدعوم من الطبقة الحاكمة ومن معظم اهل السياسة، يقدر بالاطنان، ومع ذلك، وهنا الكارثة الكبيرة، لا تسمع سوى المعلقات الطويلة، التي تنبه الى خطورة طرد هذه الحكومة من الحكم والذاكرة، لان سقوط هذه الحكومة التي ضربت ارقاماً قياسية في الفساد وتشويه الحياة السياسية، ومات الاقتصاد في ايامها واستفحل قضم الدولة واملاكها واملاك المواطنين، واستشهد فيها القضاء، يعني دخول لبنان في المجهول، وكأن لبنان اليوم معلوم جيداً على خريطة الدول، الا اذا كان الكلام عن الدول الاكثر فساداً، والاكثر استقبالاً للغرباء، والاكثر تعطيلاً لمؤسسات الحكم، فهو معلوم معلوم، ومعروف جيداً.

*   *   *

تعليقاً على مقالات سابقة لي نشرت في عدد من المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، اقترح صديقان لي يعيشان في المغترب، حلين للازمة اللبنانية المستعصية، الاول اقترح وضع لبنان تحت وصاية الامم المتحدة، وتكليف دولة او اكثر، اعادة تأهيل الدولة اللبنانية وسن تشريعات اجتماعية وامنية تعيد الكرامة للشعب اللبناني والسيادة للدولة، والاقتراح الثاني بني على ان لبنان سائر نحو الانهيار الكامل، ولا بد للجيش اللبناني ان يتحرك سلمياً، للامساك بمفاصل الدولة، وتأمين انتخاب رئيس للجمهورية، وقانون انتخابات عصري وعادل واجراء انتخابات نيابية بموجبه، تحمل الى الحكم طبقة جديدة شابة ونظيفة تتحمل مسؤولية التغيير مكان هذه الطبقة السياسية الحاكمة التي اثبتت فشلها وفسادها.

ان هذين الاقتراحين شبه المستحيلين، يعبران بصدق عن حالة الغضب والاحباط التي يعيشها اللبنانيون داخل لبنان وخارجه، ان حد التفكير بالمستحيل كمنقذ لهذا الوطن الذي يموت بايدي مسؤولين لا يكون من نعمة الانتماء الى لبنان سوى بطاقة الهوية.