IMLebanon

“صناعة لبنانية” حقاً؟

لن يكون من الحكمة في شيء استبعاد قيام تحالف “الاقطاب الثلاثة” ضد ترشيح رابعهم النائب سليمان فرنجية للرئاسة ولكن ذلك لا يجب ان يحجب الحقيقة الأبلغ في تقرير مصير مجمل هذه المحاولة التي ستبقي جزءاً كبيراً من الكلمة الفاصلة لدى “حزب الله”. تتسع التساؤلات حول مواجهة الحزب لاحد أكثر اختباراته إحراجاً في مفارقة تضعه للمرة الاولى على قدم المساواة مع خبطة اصابت فريق خصومه في قوى ١٤ آذار ولو اختلفت وسائل التعبير عن هذا الحرج المزدوج. تبعاً لذلك يبدو مشروع ترشيح سليمان فرنجية كأنه تجاوز مرحلة الاختراق الاولى وبدأ يتوغل في المراحل الأصعب والأشد تعقيداً مع معاينة هواجس الحلفاء والخصوم الممزقين. الجميع بطبيعة الحال امام تهيب اللحظة وسط غموض ذلك اللغز الذي لن يكون فك سره متاحا بسهولة والمتصل بالمظلة الخارجية للتسوية. يذهب البعض من ذوي الباع الطويل في الدعائية الى التبشير بتقاطع دولي اقليمي هبط على نحو مباغت وحمل اسم فرنجية بديلاً من العماد ميشال عون. الصناعة الداخلية في الترويج للتسويات على قاعدة كلمات السر الخارجية غالباً ما كانت في صلب معظم التسويات الداخلية الكبيرة، ولكن ذلك لا يزال موضع اجتهاد وتبصير مع طلائع هذه التسوية. لا يود اللبنانيون بعد عقد من جلاء الوصاية السورية ان يسمعوا هذا النغم المستعاد بل يفضلون مرات ومرات مضاعفة التصديق بارتفاع منسوب ” الصناعة ” اللبنانية في اي تسوية حتى لو كانت فرص نجاحها موازية او اقل من فرص سقوطها.

ان يكون “حزب الله” وخصومه في موقع واحد نادر فليس ذلك امراً نافلاً وعرضياً في تاريخ طويل من الصراع والصعود والهبوط في صفحات المعارك السياسية والتعايش الشاق بما يعني في الحد الادنى المنطقي ان ثمة تسوية لا يستهان بقوة دفعها وان ثمة تداعيات لها لا يستهان بخطورة حساباتها واحتمالاتها. ولن يكون في قدرة اي فريق حالياً ان يزعم سلفاً وقطعاً باتجاهات الريح وترجيح هذه الكفة على تلك خصوصاً ان لكلا الاحتمالين ما سيرتبه من نتائج مجهولة وغامضة تنتظر بلوغ هذه الكيمياء المتفجرة بحدة هائلة مرحلة الخواتيم سلبا او ايجابا. ولا نظن اننا في حاجة الى التذكير بأن اللبنانيين أدمنوا أزمان التسويات بحلوها القليل ومرها الزائد. لم تمر تسوية في لبنان من دون أثمان باهظة وإحباطات عميمة وقلما سجل في تاريخ التسويات انها استقبلت بمراسم الاهازيج. لن يكون من الحكمة ايضا تجاهل هذه الحقيقة في ذاك الطالع علينا راهناً، فالمسألة لا تزال تقدم الى الناس على انها تعني القوى السياسية العملاقة وحدها. ولكن معيار “العملقة” الآن هو انقاذ لا يستدرج زمن الاحباط.