IMLebanon

الداخل اللبناني يرتب ملفاته.. لإنضاجها على طاولة التسوية

«مقبّلات» تسبق الرئاسة وقانون الانتخاب

الداخل اللبناني يرتب ملفاته.. لإنضاجها على طاولة التسوية

كل شيء يسير وفق ما هو مرسوم، من دون أي دور فعلي للداخل اللبناني في حل الملفات العالقة. فلا أحد يمكن أن يتوهم أن لجنة التواصل الانتخابي ستخرج على اللبنانيين ببشارة الاتفاق على قانون انتخاب عصري ينهي مرحلة قانون الستين. ولا أحد يمكن أن يصدق أن الرئيس اللبناني سيصنع بسواعد الكتل النيابية أو أن الحكومة المقبلة ستشّكل بقرار سيادي…

هذا العجز اللبناني في التأثير بالملفات الداخلية، لا يعني أن المطلوب من اللبنانيين أن يجلسوا في قاعة الانتظار. ثمة وظائف يفترض أن ينجزوها ليكونوا مستعدين لتقبل التسويات الآتية من خلف البحار. فلا يعقل، على سبيل المثال، أن يتقرر اسم رئيس الجمهورية، في ظل حالات قطيعة بين اللبنانيين، ولا يمكن أن يُتفق على قانون الانتخاب من دون أن تكون القماشة التي ستستعمل في تفصيله قد صارت جاهزة.

انطلاقاً مما سبق، فإن الحوار بين «حزب الله» و»تيار المستقبل»، كما بين آخرين، هو أمر حتمي، من دون أن يعني ذلك أنه سيقطع أشواطاً كبيرة من الآن حتى إنجاز التسوية. بعدها كل شيء سيصبح ممكناً، ولن يكون انتقال الرئيس سعد الحريري إلى الضاحية الجنوبية أمراً يحتاج إلى تهيئة جمهور «المستقبل»، كما يحصل لتبرير الحوار مع الحزب حالياً.

أما بالنسبة لقانون الانتخاب، فتصبح مبررة إعادة إحياء لجنة التواصل، بالرغم من معرفة الجميع أن قدرتها على تحقيق التوافق معدومة. إذ أن المطلوب منها أن تحصر نقاط الخلاف لا أن تلغيها. وهي بالرغم من كل التسويف، نجحت في جعل النظام المختلط أمراً واقعاً لن يكون أحد قادراً على الخروج منه. وعلى حد قول أحد أعضائها، فهي منذ اللحظة الأولى عملت على تثبيت النسبية كجزء من التسوية التي تشمل الرئاسة والحكومة وعمل مجلس النواب ودور «حزب الله».

ما حاول أن يفعله النائبان جورج عدوان وسامي الجميل هو إخراج قانون الانتخاب من هذه المعادلة، بالرغم من معرفتهما باستحالة ذلك. أصرا في بداية اجتماعات اللجنة على الحصول على تعهد من الرئيس نبيه بري بعقد جلسة عامة لإقرار قانون الانتخاب، بغض النظر عن اتفاق اللجنة من عدمه، فحصلا على مرادهما، ثم حاول الجميل أن يحصل على التزام من بري بحضور كتلته للجلسة العامة فحصل على مراده. ولكن عندما شارفت المهلة المعطاة للجنة على النهاية (نهاية الشهر الحالي)، قال بري الأمور كما هي بدون مسايرة أو مواربة، معلناَ، في «لقاء الأربعاء النيابي» أنه «لا يمكن عقد جلسة عامة لإقرار قانون الانتخاب قبل انتخاب الرئيس لأنه يجب أن يكون له رأي بالقانون قبل إقراره»، مستعيداً بذلك الموقف الذي كان أعلنه في الجلسة التشريعية الأخيرة.

واللافت أن رئيس المجلس لم يكتف بحسم أمر جلسة قانون الانتخاب، إنما أصاب بالحجر نفسه الجلسة التي طالب بها «التيار الوطني الحر» لتفسير المادة 24 من الدستور. فبعدما كان «التيار» تبلغ من بري أنه يعمل على تهيئة ظروف عقدها، حسم رئيس المجلس الأمر معلناً صرف النظر عن عقدها، بعدما تبين له أن نصابها لن يؤمن. علماً أن مصادر «التيار» تؤكد أنها غير معنية بما نقل عن رئيس المجلس من مواقف إعلامية. وتوضح أن موقف بري الذي سمعه منه النائب ألان عون في زيارته الأخيرة إلى عين التينة، يشير إلى مواقف بعض الكتل المعارضة لعقد الجلسة، من دون أن يحسم مسألة عقدها من عدمه، مكتفياً بالقول «كل شيء بوقته».

وإذا كان البعض في «14 آذار» يردد أن «التيار» يريد أن يصرف الجلسة في إطار المزايدات المسيحية، فإن «8 آذار» تضع انسحاب «القوات» من لجنة التواصل الانتخابي في الخانة نفسها. وبالرغم من أن بري بدا منزعجاً من خطوة عدوان، خاصة أنه في الجلسة الأولى للجنة كان تخوف من مقاطعة «التيار» لأعمالها لا «القوات»، حيث سأل النائب عون حينها إن كان يربط مشاركته بعقد جلسة تفسير الدستور، فجاءه الجواب بالنفي.

ومقابل عدم تحديد جلسة لقانون الانتخاب، فإن اللجنة ستتحرر من المهلة التي تقيدها، وهي انطلاقاً من ذلك من المتوقع أن تكمل عملها بعد الأعياد، بحسب ما أعلنه رئيسها روبير غانم بعد لقائه بري أمس، مع أمل لبعض أعضائها بأن يشكل انطلاق الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» عاملاً دافعاً لعملها.

وهذا يعني أن اللجنة ستتجاوز أزمة تعليق جورج عدوان لعملها، انطلاقاً من أن «القوات» هي جزء من تحالف يضم «المستقبل» و«الاشتراكي»، تقدم باقتراح قانون ما يزال على جدول أعمال اللجنة. وإذا كان «المستقبل» قد تجنب الإحراج أمام حليفه، مفضلاً عدم إعطاء موقف من عقد الجلسة العامة، فإن النائب مروان حمادة كان واضحاً في إشارته داخل اللجنة إلى التزام «اللقاء الديموقراطي» بثلاث نقاط: المشروع الانتخابي المبني على أساس 68 أكثري ــ 60 نسبي، التمسك بضرورة احترام الخصوصية الدرزية في دائرتي الشوف وعاليه ووجوب أن يكون لرئيس الجمهورية رأي في قانون الانتخاب.

وعليه، فإن اللجنة، إن عادت إلى الاجتماع، لن يكون هدفها الاتفاق على قانون الانتخاب إنما تقليل التباينات بشأنه إلى الحد الأدنى. أما التوافق النهائي، فلا بد أن يترك لتسوية اللحظة الأخيرة، وهي حكماً لن تنفذ على مستوى النواب الذين سيكونون، على الأرجح، خارج تفاصيل التسوية، حيث يمكن معها التنازل في ملف مقابل مكاسب في ملف آخر.. وهكذا دواليك.