IMLebanon

لبنان يعيش مع سلاح “حزب الله” الزمن الذي عاشه مع السلاح الفلسطيني

يعيش لبنان من خلال ما يجري فيه وحوله المرحلة التي عاشها زمن فلتان السلاح الفلسطيني على أرضه بحيث أقام شبه دولة الى جانب الدولة اللبنانية ما جعل إسرائيل المتضررة من عمليات الفدائيين الفلسطينيين المنطلقة من جنوب لبنان تكرر اعتداءاتها عليه وتحمّله مسؤولية عدم وقف هذه العمليات. وقد عانى لبنان الكثير من جرّاء جعله أرض جهاد ضد اسرائيل وهو عاجز عن منع ذلك لأن دولاً عربية لم تقف معه بل وقفت مع منظمة التحرير الفلسطينية التي اختارت لبنان منطلقاً لعملياتها وهجوماتها على اسرائيل، فوجد لبنان نفسه مغلوباً على أمره وعاجزاً عن عمل شيء لوقفها فأصبح “مكسر عصا” لاسرائيل ويقف بين نارين: نار اسرائيل ونار المقاومة الفلسطينية يتقلّب عليهما باشتعال حروب داخلية واجتياحات اسرائيلية دمّرت قرى الجنوب وشرّدت أبناءها سنوات طويلة ودول عربية لا تحرّك ساكناً.

وعندما قرر الرئيس سليمان فرنجيه التصدي للفلتان الفلسطيني ليرتاح لبنان من الفعل وردّ الفعل على أرضه، وقفت دول عربية مع الفلسطينيين ضد لبنان وهددت بإغلاق حدودها معه ليبقى ساحة ونقطة انطلاق لعمليات ضد اسرائيل ومنصة لإطلاق الصواريخ، الى أن كان البديل من عجز لبنان عن وضع حد لفلتان السلاح الفلسطيني إخضاعه لوصاية سورية تستطيع ذلك.

وإذ بهذه الوصاية التي طابت لها الاقامة في لبنان تستمر 30 سنة وليس سنتين كما نص اتفاق الطائف ولا تقيم دولة فيه تعتمد على قواتها الذاتية في حفظ الأمن وليس على أي قوة مستعارة. وأبقت الوصاية السورية السلاح داخل المخيمات مكتفية بحلّ الميليشيات اللبنانية ونزع سلاحها، ونقل عدد من المسلحين الفلسطينيين من لبنان الى تونس، تاركة لبنان بعد انتهاء هذه الوصاية بانتفاضة شعبية عُرفت بـ”ثورة الأرز” سيارة مفخخة…

وكما كانت اسرائيل تحمّل الدولة اللبنانية الضعيفة مسؤولية الوجود الفلسطيني المسلح على أرضه وإلا دفع الثمن، وقد دفعه فعلاً أمنياً واقتصادياً ومالياً، فإنها تواجه الشيء نفسه اليوم، ويا للأسف، من قبل أشقاء عرب يطلبون منها وضع حد لنشاطات “حزب الله” العسكرية المضرة بها والاعلامية المسيئة إليها، مع انهم يعلمون علم اليقين أن الدولة اللبنانية راغبة لكنها غير قادرة، كما كانت تعلم اسرائيل ذلك، الى ان اشتعلت حرب داخلية دمرته. فإذا كانت اسرائيل لا يهمها مصير لبنان، فهل يعقل ألا يهمّ ذلك الدول الشقيقة والصديقة التي عليها تقوية الدولة اللبنانية ومساعدتها مالياً وعسكرياً كي تستطيع تطبيق القانون على الجميع ومعاقبة كل مخالف، ليس بحجب المساعدات عنها لتصبح أكثر ضعفاً وعجزاً. فضبط السلاح الفلسطيني في لبنان لم يتم حتى بعد عقد “اتفاق القاهرة” بل في مؤتمر الرياض الذي قرر إرسال “قوة ردع عربية” الى لبنان للقيام بذلك. وضبط سلاح “حزب الله” لا يتم أيضاً إلا بقرار إقليمي أو دولي وليس بتدفيع لبنان الثمن فيصبح عاجزاً حتى عن الصمود.

الواقع أن الدول العربية وغير العربية المتضررة من نشاطات “حزب الله” السياسية والعسكرية والاعلامية، تعلم أن القادة في لبنان منقسمون سياسياً ومذهبياً انقساماً حاداً حول الموقف من نشاطات الحزب، وأن مواجهتها تضع لبنان بين خيارين: إما التصدي لها حتى الانزلاق الى فتنة داخلية، وهو ما حصل عند التصدي للسلاح الفلسطيني في لبنان، وإما انتظار حل إقليمي أو دولي لسلاح الحزب حرصاً على بقاء لبنان. فالسعودية، وهي الدولة العربية القوية القادرة، تخوض منذ أشهر حرباً في اليمن ضد الحوثيين الذين يشبه وضعهم وضع “حزب الله” في لبنان، ولم تستطع حتى الآن التخلّص منهم، فكيف بلبنان الدولة الضعيفة التي يزيدها قطع المساعدات عنها ضعفاً ويزيد قوة الحزب عليها ليصبح هو الدولة؟ فهل هذا هو المطلوب؟!