Site icon IMLebanon

لبنان سقط من أولويات الدول  فماذا سيفعل سياسيوه؟

لم يمر لبنان، في تاريخه المعاصر، بما يمرُّ به في هذه المرحلة، من أن يكون بلداً متروكاً، ليس بسبب الإهمال بل لأنَّ الدول التي كانت تهتم به أو تتدخَّل بشؤونه، منهمكة في قضاياها وهمومها وحروبها، وليس بإمكانها التطلع إلى الخارج.

لنبدأ بالجار الأقرب سوريا، هي في حربٍ داخلية منذ أعوام، لم تبقَ دولةٌ في الأرض إلا وتدخلت في شؤونها، إما عسكرياً وإما دبلوماسياً، واليوم أكثر من أيِّ يومٍ مضى تجد نفسها منهمكة في شؤونها الداخلية وليس بإمكانها التطلع إلى الخارج.

سوريا تعاطت، رسمياً، في الشأن اللبناني منذ العام 1976 وحتى العام 2005، وهكذا بعد ثلاثين عاماً تتطلَّع إلى حربها المدمِّرة ولا انشغال لها في لبنان.

دول الخليج، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، معنيَّة بعاصفة الحزم في اليمن، وهي تهتمُّ بالشأن اللبناني من دون أن يكون هذا الإهتمام أولوية بالنسبة إليها.

مصر أكثر من أيِّ يومٍ مضى منهمكة بنفسها وبحربها على الإرهاب وبإقتصادها المترنّح من جراء الإرهاب، فالضربة التي تلقتها في شرم الشيخ تكاد أن تقصم ظهر السياحة لديها والتي هي عماد إقتصادها.

الغرب عموماً، وفرنسا خصوصاً منهمكة بالحروب التي تخوضها:

من الشانزيليزيه إلى الرقة في سوريا، تواجه فرنسا حرباً لا هوادة فيها ضد الإرهاب، وبالتأكيد فقد انحدر اهتمامها بالشأن اللبناني إلى الحدود الدنيا.

الولايات المتحدة الأميركية معنية بالحرب على الإرهاب وكذلك بالإتفاق النووي مع إيران وبأمن إسرائيل وبأسعار النفط، لبنان بالنسبة إليها ليس أولوية على الإطلاق.

***

إذا كانت كلُّ هذه الدول لم تعد تهتم بلبنان، أو على الأقل أسقطته من أولوياتها، فماذا على قادته ومسؤوليه ومراجعه وسياسييه أن يفعلوا؟

آن الأوان لهؤلاء جميعاً أن يدركوا أن:

لا مؤتمر طائف جديد، لا لجنة عربية ثلاثية عليا ولا لجنة سداسية، لا دوحة جديد، لاجنيف ولوزان، لا سان كلو لا باريس 2 ولا باريس 3. إنتهى زمن الإهتمام بلبنان، فهذا البلد لم يعد في رأس أولويات أحد، فليكفَّ المراهنون عن المراهنة على تدخل من هذا البلد أو إهتمام من ذلك البلد.

هذا الترف انتهى فلنفتِّش عن الإنقاذ من الداخل لأنَّ الترياق لن يأتي لا من العراق ولا من أيِّ بلد.

***

هذا هو الوضع وهذه هي الحقيقة، والمعنيون يجب أن يُدرِكوا أنَّ شوك الأزمات يجب أن تقلعه أياديهم، فزمن الدلع السياسي ولَّى، وزمن الإتكال على الآخرين لن يعود. إذا جرى تفهُّم واستيعاب هذه الحقيقة، فإنَّ بصيص أمل سيلوح، أما إذا بقي المعنيون يعيشون على مفاهيم الماضي فإنهم سيبقون في الماضي وسيتحوَّل لبنان إلى بلد منسي.