Site icon IMLebanon

الأحزاب اللبنانية والإقبال الأنثوي المتصاعد (2)

يعترف المعنيون بأنّ المرأة المنتسبة الى الاحزاب ذات الطابع الإسلامي الغالب أو العقائدي لم تنَل حقّها في «الطلّة» السياسية المعاصرة، على الرغم من وجودها الفعّال داخل الحزب، فيما كثيرات منهنّ برَعنَ في حقول عدة، لكنّ إطلالاتهنّ السياسية لم يفرَج عنها حتى الآن.

تكشف العضو النسائي الوحيد في المجلس السياسي لـ«حزب الله» الحاجّة ريما فخري لـ«الجمهورية» أنّ الإقبال النسائي على الانتساب في تصاعد، مع الإشارة إلى أنّ عاملين يسهمان في تصاعده، هما:

1 – الحزب هو حزب عقائدي والمنتسب اليه يشعر أنه لا ينجز عملاً إضافياً بل يشعر بالالتزام وبأنّه يقوم بواجب عقائدي وديني كما الصوم والصلاة.

2 – الإقبال الأنثوي الى صفوف الحزب لا يقلّ بل بالعكس هو في تزايد مستمر ويكاد يناصف الرقم الإجمالي للمنتسبين ويصل الى 50 في المئة من نسبة الانتساب، مع الإشارة الى أنّ هذه النسبة لا تشمل المنتسبين الى الجناح العسكري، فلا نساء مسلّحات بل النسبة الخمسينية هي نسبة تعادلها مع الرقم الإجمالي للمنتسبين غير الملتحقين في صفوف العسكر، وهي النسبة المئوية للحزبيين والحزبيات الملتحقين في قطاعات أخرى ضمن الحزب وفي كلّ المناطق. أما الكشف عن عدد الانتساب الإجمالي الى الحزب فهو ليس مسموحاً لكنّ عناصره أيضاً لا يملكون بطاقات انتساب معلنة.

وتضيف: «لا بطاقات انتساب في صفوف «حزب الله» عموماً، بل طلبات انتساب حسب مكان إقامة الراغبين بالإلتحاق في صفوفه، فإذا اختاروا العمل الميداني أو في مؤسسات الحزب يتوجّهون الى مراكز الدراسات أو المدارس أو الحسينيات لتقديم الطلبات، والحزب لديه برنامج تحقيق أو تدقيق عن وضع الشخص الراغب بالالتحاق في صفوفه.

والقيّمون على العمل في المنطقة يدرسون الطلب حسب الحاجة والمؤهّلات وتفاصيل عدة. والمنتسبة الى الحزب تصبح معروفة في منطقتها، يقصدها الناس من أجل الخدمة في الحقل المتخصّصة فيه. على أن يُعقد اجتماعٌ أسبوعي كلّ ثلثاء للجنة المنطقة وهذا الاجتماع حضوره إلزامي ووقته محدّد».

وتكشف فخري أنّها السيّدة الوحيدة عضو المجلس السياسي في «حزب الله»، لافتة الى أنه لا يمكنها البوح عن مدة التحاقها بالمجلس السياسي كما لا يحق لها الكشف عن عدد الأعضاء التابعين للمجلس السياسي مراعاةً لقوانين الحزب ومبادئه. لكنها في الوقت عينه تؤكد أن لا موانع تنظيمية أو دينية تمنع تعيين نساء داخل المجلس السياسي.

وفي السياق، تعلن فخري، وهي مهندسة زراعية، عن أقدميّتها في الحزب وعن تجاربها الغنية، وقد عملت لفترة طويلة في المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق وكانت مسؤولة عن قطاع الهيئات النسائية في منطقة بيروت بكاملها، معتبرةً أنّ تعيينها في منصبها الدقيق جاء مكافأة لتجربتها وإيماناً من الحزب بالدور الرائد الذي من الممكن أن تلعبه المرأة في الحياة السياسية كما في الاجتماعية.

«الحزب» والمرأة وظلم «الكوتا»

يعدّ الحزب دراسات دورية تقييمية هدفها تعزيز دور المرأة ليصبح أكثر إنتاجاً ولتأخذ ادواراً إعلامية بارزة، لذلك تعتبر فخري انّ مجرّد طرح مبدأ الكوتا هو طرح ظالم، متسائلة: لماذا تمنين المرأة إذا أرادوا إعطاءها دوراً إن في مجلس النواب أو حتى في مجلس الوزراء.

وتأسف لطبيعة العقدة الذكورية وطبيعة الظلم ومشكلة التصدّي الذكوري والسياسي الذي يُعتبر حاله دون سواه كفوءاً، من هنا تَجد المرأة نفسها مضطرة لفرض الكوتا إن في لبنان وفي العالم العربي.

إنما وكسيدات في الحزب نأمل أن يأتي يوم تترشّح فيه المرأة التي تتفوّق على الرجل بمقدار كفاءتها وليس جنسها، وسواءٌ كانوا متعادلين في الترشيح أو تفوّقت النسبة الأنثوية على نسبة الذكور، المهم الكفاءة. وتشير إلى أنّ قصة الكفاءة تلزمها تربية في المنازل ليخلُص المجتمع ويخرج من هذه العقدة.

وعن طموح المرأة المنتسبة الى «حزب الله» الترشح يوماً الى كتلة الحزب في المجلس النيابي، تؤكد أن لا موانع تنظيمية أو دينية تمنع، لذلك لا أحد يدري ولكن احياناً الظروف تفرض خيارات أخرى أو مختلفة.

حركة «أمل»

تَعتبر الدكتورة رباب عون، المسؤولة عن مكتب شؤون المرأة المركزيّ في حركة «أمل»، في حديثها لـ»الجمهورية» أنّ «المطلوب إيصال المرأة الى كلّ القطاعات بما فيها المجلس النيابي أو حتّى الحكومة، خصوصاً أنّها انخرطت في القوى العسكرية والأمنية وضمن الفئات الأولى». وتسأل: «طالما أثبَتت المرأة أنّها تملك كفاءات تفوّقت فيها بشكل لافت على الرجل وفي مجالات عدّة، وخرَقت هذا الجدار الحادّ واستطاعت الوصول بجدارتها، فلماذا لا تكون شريكةً في القرار السياسيّ أيضاً؟!».

توضح عون أنّ الّذي يُميّز حركة «أمل»، أنّها ليست حزباً عادياً، بل إنها تنظيم شعبي انطلقَ من مشروع إنساني، عقائديّ وإيمانيّ لنصرةِ الضعفاء والمحرومين. أمّا بالنسبة إلى الولاء النسائي والذكوري لهذا التنظيم، فتَعتبر أنه وعلى الرغم من التهديدات، فجمهوره المكوَّن من الرجال والسيّدات ينزل الى الارض بثقة في مسيرات عاشورائية، وجمهوره يضمّ رجالاً وإناثاً بمن فيهم بنات الإمام موسى الصدر.

50 في المئة… منتسبات

أمّا عدد المنتسبات الى حركة «أمل» أو إلى التنظيم، كما تحب أن تطلق عليه، عون، فقد قاربَ الـ 50 في المئة، حسب الإحصاءات الاخيرة. لذلك تمّ إنشاء مكتب شؤون المرأة كهيئة تنفيذية وكفِئةٍ أولى، وحين يقال عضو هيئة تنفيذية فهذا معناه صاحب قرار.

تضمّ الهيئة التّنفيذيّة للحركة أربعَ نساء وفرَقاً للكشّافة تضمّ بدورها في صفوفها ذكوراً وإناثاً مناصفةً، وجميعهم يملكون بطاقات انتساب الى حركة «أمل». وهناك أيضاً المناصرات والمحايدات في الحركة.

وعن أهمّ الإنجازات التي حقّقها مكتب المرأة، فهو تعزيز دورها وقد أثبت هذا الواقع من خلال خوضِها هذه السنة الانتخابات البلدية حيث لاقَت تجاوباً من مراكز القيادة، فكان تنظيم حركة «أمل» من بين مختلف الأحزاب، الوحيد الذي أوصَل 36 سيّدة الى المجالس البلدية بعدما كان هناك 8 نساء فقط، وجميعهنّ يملكن بطاقات انتساب وهنّ حاليّاً في المجالس البلدية أو الاختيارية أو نائبات رؤساء في المجلس البلدي.

«التقدّمي الاشتراكي»

تبلغ نسبة المنتسبات إلى الحزب التقدمي الاشتراكي 10 في المئة، أمّا السبب الأبرز لعدم تزايدِ هذه النسبة فهو انتسابهنّ الى المؤسسة الرافدة للحزب، وهي الاتّحاد النسائي التقدمي في قطاع المرأة، ولكن في الوقت نفسه نسبة الانتساب النسائية تبقى لا بأسَ بها.

يمكن للسيدات الانتماء إلى الاتحاد النسائي التقدمي من دون أن يكنّ بالضرورة منتسبات الى الحزب، فهنّ جميعهنّ تقدّميات ولهنّ بطاقات انتساب الى الاتّحاد، وهذه الحال تنطبق ايضاً على الشباب في منظمة الشباب التقدمي. فالاتحاديات لا يُدرَجن في عداد الحزبيين حاملي بطاقات الانتساب الذين يبلغ عددهم نحو 20 ألف، حسب مصادر قيادية في الحزب، وهنّ لا يشاركن في الانتخابات الداخلية.

وفي الوقت عينه، هناك قرى في الجبل تُدير فروعَها سيدات منتسبات الى الحزب وليس الى الاتحاد النسائي ويحقّ لهنّ الانتخاب في الحزب. أمّا المنتسبة الى الاتحاد وفي حال انتسابها الى الحزب فيمكنها تولّي أيّ مركز قيادي.

الاتحاد النسائي موجود على الارض منذ العام 1975، وعدد المنتسبات إليه بلغ 1200 منتسبة. وهيكليته تشبه هيكلية الحزب، أمّا المفوّضيات في «الاشتراكي»، فهي معنيّة بالملفات القضائية، فوظيفة مفوّضية الشؤون النسائية هي صلة الوصلِ والإشراف بين سياسة الحزب وتوجّهاته مع الاتحاد النسائي التقدمي، وهي تشرف على عمل الاتحاد النسائي التقدمي، والعضو في مفوّضية يجب ان يكون حُكماً منتسباً إلى الحزب في مجلس القيادة.

وفي السياق، توضح السيّدة وفاء عبد، رئيسة الاتحاد النسائي في الحزب التقدمي الاشتراكي، أنّ نسبة السيّدات المنتسبات ارتفعَت خلال العامين الماضيين وبلغت استناداً الى الإحصاءات الاخيرة التي جرت عام 2014، 25 في المئة من عدد المنتسبين الإجمالي، مشيرةً إلى وجود سيّدتين من أصل 12 في مجلس القيادة، أي بنسبة 16 في المئة، فيما يضمّ مجلس المفوضين سيّدة من أصل 16، أي 6 في المئة.

تيار «المستقبل»

للمرة الأولى، تتربّع 7 نساء في المكتب السياسي لتيار «المستقبل»، وهي المرّة الأولى التي يصل فيها عدد النساء في مكتب سياسي لحزب لبناني الى هذا الرقم، بعد إصرار الرئيس سعد الحريري على تعيين 5 سيّدات في المكتب السياسي وانتخاب اثنتين، علماً أنّ المكتب السياسي هو عبارة عن الهيئة العليا للتيار، فكان لافتاً هذا العدد من السيّدات لتيّار كبير معروف بهيكليته السنّية على الرغم من طابع الإعتدال الذي يرفع شعاره.

بحسب مصادر قيادية مطّلعة، فقد بلغَ عدد المنتسبين الى صفوف التيار الأزرق 15 ألف منتسب، وصلت نسبة المرأة ضمنهم الى 25 في المئة.

عضو مكتب الهيئة السياسية المعيّنة من الحريري، الدكتورة شذا الأسعد تتمنّى أن يطبق هذا النموذج في البرلمان والحكومة لتكون المرأة اللبنانية بألف خير، داعيةً بقيةَ الأحزاب إلى ملاقاتهم في هذه التجربة الواقعية، مذكّرةً بعهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان البادئَ بدعم وصول المرأة الى مراكز القرار، بعدما ساهمَ في توزير النائب بهية الحريري والسيّدتين غنوى جلول وريّا الحسن.

عام 2010 فُتح باب الانتساب في تيار «المستقبل»، وبَعدها أعيدَت صياغة التنظيم الداخلي لأنه لم يكن حزباً، بل كان تياراً شعبياً. لكنّ الرئيس الحريري قرّر جعلَه حزباً منظماً، وصدرَت الجريدة الرسمية لتيار «المستقبل» بعد انتهاء المؤتمر التأسيسي، وتمّت تعبئة المراكز من خلال التعيين وفتحِ باب الانتساب وإجراء الانتخاب.

لطالما كانت المرأة حاضرةً في «المستقبل» من خلال جمعية «نساء المستقبل» منذ عهد الرئيس رفيق الحريري.

عام 2016 عندما أقِرّت انتخابات المندوبين، أعيدَ فتحُ باب الانتساب الى تيار «المستقبل» وما زال، لكن لا بطاقات انتساب رسمية حتى اليوم، كما فُتِح باب الكوتا النسائية وباب الانتساب لكلّ منطقة ولكلّ دائرة. «المستقبليون» لا يحملون بطاقات حزبية وحتى اللحظة ليس هناك قرارٌ بإصدار بطاقات حزبية.