يبدو مستبعداً تسجيل أي خرق في الجدار المنصوب في وجه تشكيل الحكومة، فالتصلب سمة المرحلة، والاتهامات المتبادلة عنوانها العريض، والمراوحة في المكان قاتلة… أما الوقت فسلاح ذو حد واحد: انهيار الى ما لا نهاية، مع تلاشي آخر مقومات الصمود، وأيضا ذوبان النذر القليل المتبقي من معالم هذه الدولة، وهذا الوطن الذي كان، ذات زمن، زينة بلدان المنطقة، وأحد أنقى وجوهها وأكثرها إشراقاً، وأبرزها حضوراً إقليمياً ودولياً.
وعليه فليس في الأفق ما يشير الى أننا على موعد مع انفراج، ولا حتى أي بصيص أمل في هذا النفق المظلم الذي أدخلتنا فيه المطامع والحسابات القائمة على المصالح الذاتية وتقديمها على مصلحة البلد وشعبه التعس المغرر به بالخطاب الطائفي والمذهبي التحريضي، والكذب على الأتباع والرعايا المخدرين بنفاق «معلميهم» الفاسدين والمرتكبين والغارقين حتى آذانهم في الارتكابات بأبشع أنواعها، فإذا هم يتمتعون في الدور والقصور والمال الحرام، بينما الأتباع والرعايا في جوع وتعاسة… يتململون من القيظ في طوابير الذل الطويلة أمام محطات المحروقات، وخناقات المهانة في السوبرماركات بحثاً عن حفنة رز أو عبوة حليب، وخيبة البحث عبثاً عن دواء لداء عضال أو مرض مزمن. الخ…
هذا ليس فقط الزمن الرديء. هذا هو أيضاً زمن الظلم والقهر والعسف والحرمان. زمن يتحكم فيه
المجرمون بالناس الطيبين، والزعران بالأوادم، والأشرار بالصالحين، والمعتوهين بذوي العقول والألباب(…).
إنه زمن السنين العجاف… وقد كتب فيه على اللبنانيين أن يتحملوا ما ليس للجبال طاقة على حمله، وأن يتحملوا ما ليس للجبابرة قدرة على احتماله.
والأكثر بشاعة أن لا أمل في مستقبل منظور يبشر بأي نذر، مهمها كان ضئيلاً بالفرج في المستقبل المنظور.
هل هذا غضب آلهي على البلاد والعباد، أو إنه نتيجة طبيعية تلقائية تسبب بها اللبنانيون لأنفسهم جراء اسلاسهم قيدهم الى هذا الجيل الهجين من القيادات؟