IMLebanon

والشعب اللبناني يريد أن يعرف

حال الجمهورية اللبنانية الثانية، أو الثالثة، الرابعة، لا يختلف بشيء أو بحرف عن حال غابة سائبة تماماً، تسودها شريعة القوي والأقوى، وتسورها الفوضى بكل طقوسها، ويتسلطن عليها الفراغ، ويقود خطاها الفساد بكل أنواعه وأسمائه.

ولولا المصادفة الحلوة التي دفعت الوزير وائل أبو فاعور لكشف الغطاء عن هذا “العالم الخفي” من الفضائح والكوارث والمآسي والتعفّن والانحطاط، لبقي اللبنانيّون يأكلون الأمراض ويشربون الأوبئة إلى ما لا نهاية…

أبو فاعور يواصل زحفه.

والعين الساهرة تواصل كشف الغطاء عن المزيد من البلاء، وآخر ما أُتحِفَ به الناس “الغلابة” من لدن الفاسدين و”إبداعاتهم” تجلّى بالكشف عن كميّات هائلة من المواد المشعّة المعدّة للاستعمال في كل المنازل، والتي من شأنها الإبادة الجماعيّة وعلى نطاق واسع.

ماذا تريد أن تقول، أن تضيف في هذا المقام؟ بلد تتحكّم فيه سياسة القوي والأقوى، والدويلة والمربّع الأمني، وهذا المخيّم وذاك المحور، وتلك الفئة وهاتيك الجماعة. فلتان وتسيّب واستهتار في غياب شبه تام لما يُسمّى عادة دولة القانون أو سلطة القانون أو جمهورية الثواب والعقاب والنظام فوق الجميع وقبل الجميع.

وفي غياب تام للمنصب الأول الذي يملأه عادة رئيس الجمهورية، والذي بمجرّد حضوره في قصر بعبدا يمنح الجمهورية مناعة الصمود والمواجهة، ويضفي على المؤسسات والدوائر هيبة القانون وحضور السلطة.

فأين رئيس الجمهورية؟ المنصب الرئاسي فارغ…

وما سبب الفراغ كل هذه الأشهر من غير أن يتكرّم مرجعٌ ويطلّ على البلاد والعباد بوريقة تحمل جملة مفيدة، توجز القصة والأسباب والعوامل، مع الفاعل والمفعول به؟

لم يعد يهمّ الشعب معرفة ما يجري في دول المنطقة بلوغاً الحدود اللبنانية المفتوحة على مصاريعها، إنما يريد أن يعرف مَنْ المسؤول عن عرقلة انتخاب رئيس للجمهورية طوال هذه المدة وهذه الأشهر؟

يريد الشعب أن يعرف أيضاً من مسؤول ما، هل في الأمر صفقة معيّنة تستعمل لبنان المشلَّع والمخلَّع وسيلة للمساومة والمبادلة، مما يبقي بلد المليوني لاجئ بلا رئيس ولا سلطة ولا دولة ولا مَنْ يحكمون.

وإلى متى سيظلّ اللبنانيّون ينتظرون غودو الرئاسة؟

هذه هي الأسئلة المطلوب من المتسابقين على المناصب والمكاسب أن يتفضّلوا ويجيبوا عنها بصراحة إذا أمكن، ولو كانت الصراحة لا تخدم مصالحهم وشهواتهم.

الشعب مع الحوار الثنائي، إلا أنه يريد أن يعرف، فتحدّثوا إليه!