IMLebanon

المُصطلحات السياسيّة اللبنانيّة

 

فقدت اللغة العربية سجيتها وبراءتها في لبنان، وتمَّ تحوير مصطلحات عديدة عن معناها الأصلي، فأصبحت تعني مفاهيم مُغايرة قد تثير لدى الناس مشاعر الهزء والسخرية، أو أحاسيس الاستفزاز والغضب، أو الاشمئزاز والاستنكار، أو الإعجاب والتأييد، وقد تشكّل للصحافيين والكتّاب محظورات ومتاهات ومطبّات ضمن مختلف أنواع الخطوط  الحمر.

من هذه الكلمات والمفردات والمصطلحات: الأممية، القومية، المؤامرة الإمبريالية، الوحدة، التضامن العربي، القمة العربية، الحرية، الكرامة، النضال، الرفيق، الحركة العمالية، الأحزاب، الطبقة الوسطى، التنمية المتوازنة، تظاهرة، الحراك، مطلب شعبي، العدالة الاجتماعية، الشفافية، الدستور، المساواة، العيش المشترك، الإرهاب، المواطنية، الديمقراطية، التلاحم، الصلاحيات، القانون، الطائف، الدوحة، المرجعيات، الحوار، الدين العام، دولة المؤسّسات..

وبعض الكلمات صارت بحاجة إلى صفات تلازمها وتنفي عنها اللبس أو الشبهات! مثل القضاء المُستقل (أي ليس مُسيساً)، عملية جهادية استشهادية (أي ليست إرهابية أو انتحارية أو انغماسيّة)، الوفاق الوطني (أي ليس «تُطبيقة» بين طرفين)، حكومة الوحدة الوطنية (أي حكومة تجمّع الأضداد)…

والكلمة ذاتها قد تحتاج إلى مُرادف كي يتم تحديدها بدقة مثل: مصدر مسؤول، مصدر مُطلع، مصدر مُقرّب، مصدر رفض الكشف عن اسمه، مصدر معني، مصدر أمني، مصدر رفيع المستوى، مصدر أمين، مصدر واسع الاطلاع، مصدر موثوق، مصدر على صلة بكذا…

وقد تمّت إضافة تعابير جديدة إلى المُصطلحات السياسيّة مثل الأكثرية الشعبيّة، الجوجلة، الاستئناس، الاستشفاف، الاستنهاض، القوى الظلاميّة، الشعوبيّة، زمر البغي والعدوان، الأجواء السياسيّة، حزب السلاح…

كما أصبحت أسماء بعض المناطق مرادفة لشخصيات أو تجمّعات سياسيّة مثل: بعبدا، عمشيت، قريطم، المصيطبة، مجدليون، عين التينة، المصيلح، عائشة بكار، المختارة، معراب، الرابية، عوكر، الديمان، بنشعي …

وهناك كلمات وصفات ومفردات بل وأرقام تحوّلت إلى أسماء علم مثل: المعلم، العماد، الأستاذ، الشيخ، الجنرال، الحكيم، ضمير لبنان، الشقيقة، الأم الحنون، دولة الاستكبار، القوّات، التيار، الزعيم، الحقيقة، 10452!

وفي هذا المضمار لا ننسى التبعية والانتماء في الألوان وأصوات نفير السيارات (الزمور)، ومعاني المُناصرة والتحيّز للنوادي الرياضيّة!

ولا أبالغ إذا زعمت أنّ الكثير من اللبنانيين لا يفهمون المُصطلحات والتعابير الجديدة التي يزدحم بها قاموس السياسة اللبنانية هذه الأيام … بالأحرى كيف يمكن لغير اللبنانيين أنْ يفهموها؟ كيف نشرح لهؤلاء مفهوم الديمقراطية التوافقيّة؟ كيف نعلّل مشاركة المعارضة للموالاة في الحكم؟ وكيف نفسّر معاني الثلث الضامن، والثلث المعطّل، والثلث المشارك، والحصة الوازنة، والوزير الملك؟ ومعنى الحقائب الوزاريّة السياديّة؟ وهذا كله مجرّد غيض من فيض!

وبسبب محاولة تجنـّب إثارة هذه الجهة أو الصدام مع تلك، أو التصنيف مع هذه الفئة أو الإتهام من قبل تلك ، يُصبح الحديث والكتابة مخاضاً عسيراً ومسيرة  خطرة في حقل من الألغام.  وتسألون لماذا يلزمنا ساعات لتسطير خاطرة من عشرة سطور؟!