Site icon IMLebanon

حصة لبنان من القمة السعودية – الأميركية

لم تكن السفارة الأميركية في بيروت مضطرة الى توزيع مقتطفات من البيان الختامي للقمة الأميركية – السعودية لو لم تكن معنيّة بما يمكن تسميته «حصّة لبنان» من هذه القمة التي تجاوزت عوائق كثيرة لترميم العلاقات بين البلدين ودخلت في ملفات أخرى من بوابات عدة. فما هي البوابة التي أعادت لبنان الى لائحة ملفاتها؟

يقول زوار العاصمة الأميركية الذين تابعوا وقائع القمة إنها لم تستثنِ أيّاً من الملفات الحادة في المنطقة والعالم. إذ أعدّ لها جيداً وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي أمضى نصف حياته الديبلوماسية حتى الآن في واشنطن غارقاً في أروقة الإدارة الأميركية والكونغرس وتمكّن بشبكة علاقاته من إجراء إعادة نظر سريعة في ملف العلاقات بين البلدين.

ويقول تقرير ديبلوماسي ورد من واشنطن إنّ الجُبير ومعه فريق من مجلس الأمن القومي والخارجية الأميركية والكونغرس تمكنا معاً من إعادة ترسيم العلاقات بين واشنطن والرياض في اسرع وقت ممكن. فالمخاطر الداهمة في المنطقة لا يمكن تجاهلها في ظلّ انغماس الإدارة الأميركية بمشكلاتها الداخلية،

ولا سيما منها المواجهة التي دارت بين البيت الأبيض والكونغرس الذي كان يُهدّد بتجميد العمل بمفاعيل الإتفاق النووي الإيراني لو لم تتراجع الإدارة الأميركيّة خطوة الى الوراء في تسويق ايران في المنطقة، وكأنّها عامل إيجابي وليس لها أيّ تدخل في العراق وسوريا واليمن والبحرين، او فك العقوبات عنها بهدف تقوية المعتدلين فيها على حساب المتطرّفين من دون إغفال مخاطر ذلك على توسعها في محيطها.

ويتحدّث التقرير عن إشارات أميركية أكثر تشدّداً إزاء ايران ترجمها الرئيس الأميركي في تبنّي وجهة النظر السعودية من دور ايران وخطورته في المنطقة العربية والخليج تحديداً، وهو ما يرضي الداخل الأميركي ايضاً، وجاءت القمة في التوقيت المناسب لضرب عصفورين بحجر واحد، فانفرجت على خطَّيْ الأزمة مع الكونغرس والمملكة في آن.

ولفتت المعلومات الى أنّ الرئيس باراك اوباما لم يخرج عن البرتوكول الأميركي المعتمَد في استقبال الملك سلمان بلا غاية أو مغزى. فقد قصد ملاقاة الإيجابية السعودية من الإتفاق الإيراني في هذه المرحلة بالذات ما أنتَج قراءة موحّدة للمخاطر وشبك الأيدي في مواجهة «ايران الجديدة» ما بعد التفاهم النووي. وعليه توقف التقرير عند مؤشرات أخرى تستدعي من الطرفين خطوات أكثر تشدداً في الملف السوري.

فالإستعدادات الروسية للدخول على خطّ المواجهة مع «داعش» من خلال دعمها النظام السوري فرَض على قادة الحلف الإسراع في ترتيباتهم لئلّا تتحوّل الحاجة الى الجيش السوري النظامي مُلِحة في هذه المواجهة كما يقترح الروس ولا يكون ذلك إلّا من باب تعزيز العلاقات بين دول الحلف وتركيا والرياض لتزخيم الحرب على «داعش».

وفي إشارة اميركية – سعودية مشترَكة أظهرت القمة احتمال بناء استراتيجية اميركية ـ دولية جديدة لمواجهة «داعش» وايران معاً. فالحضور الروسي المستجدّ في البحر المتوسط والتحضيرات لحماية الساحل السوري وما يمثله بالنسبة الى النظام وتركيبته السكانية فرض إعادة نظر سريعة.

فالعاصمتان تراقبان بحذر شديد التعزيزات الروسية في شمال سوريا والمتوسط، وواشنطن استعجلت التحذير المباشَر من حجم الوجود العسكري الروسي المستجدّ وسط معلومات عن وضع اليد على منشآت سورية حيوية برّية وجوّية ونقل قوات عسكرية مدرّعة للمرة الأولى الى البرّ بعدما إقتصر حضورها على الخبراء والمستشارين وفي قاعدتي طرطوس واللاذقية البحريّتين، قبل أن تنتشر وحدات مدرَّعة في ريف اللاذقية وعلى طول الشريط الساحلي من الحدود التركية – السورية الى بانياس وطرطوس، في إشارة الى رسم خطوط حمر روسية جديدة يستحيل على أحد تجاوزها والإقتراب من الساحل السوري لتغيير المعادلات في المنطقة.

من هنا، تنتظر المراجع اللبنانية التي تبلّغت هذه القراءة الأوّلية للقمة إمكان إستفادة لبنان من المعادلات الجديدة للنفاذ بالإستحقاقات الداخلية التي تعزّز الإستقرار الداخلي في ظلّ التوافق الدولي على حمايته مما يجري في محيطه، فتكون الهيئة الوطنية للحوار مسرحاً أو مدخلاً للبننة المخارج مما يعانيه.

ولا تغفل هذه المراجع أهميّة ما رسمته القمة الأميركية – السعودية من خريطة طريق الى الحلّ على خلفية تشديد الطرفين على «الأهمية القصوى المتمثلة بإنتخاب مجلس النواب رئيساً جديداً للجمهورية استناداً الى أحكام الدستور المعمول به في لبنان»، وتأييدهما سيادته وأمنه واستقراره، ودعمهما للقوات المسلَّحة اللبنانية في تأمين سلامة حدوده الاقليمية في مقاومة التهديد الذي يمثله التطرّف. وعليه طُرح السؤال هل تُلاقي ايران هذه الخريطة بإيجابية للنفاذ بالإستحقاق الرئاسي على الأقل ودخول مرحلة جديدة.