Site icon IMLebanon

الغرق بفنجان شاي

 

أضفت خبرية “الشاي السيلاني” نكهة لذيذة على قتامة المشهد اللبناني. وضجّ الرأي العام بالهدية الـ”سريلانكية” الرمزية والمعبّرة والمنعشة. في المقابل عاب حُماة مقام الرئاسة على الظرفاء أن يبهجوا قرّاءهم على مواقع التواصل الإجتماعي بنكات جديدة وتعليقات تنم عن موهبة،”مستكترين” على “المفجوعين” بهزال السلطة وعجزها، أن يرسموا مشروع ضحكة على وجوههم المتعبة.

 

بدأت الخبرية مع تغريدة للرئاسة الأولى نشرت في حساب Lebanese presidency في 24 آب وفيها أن “الرئيس عون إلتقى سفيرة سريلانكا في لبنان التي نقلت إليه تعازي بلادها بضحايا انفجار مرفأ بيروت، وأعلنت أن سريلانكا قدمت 1675 كيلوغراماً من الشاي السيلاني لصالح المتضررين من الإنفجار”.

 

إذاً الرئاسة حددت وجهة التقدمة. هكذا فهمها الرئيس أو الزميل رفيق أو من صاغ التغريدة. ولا يحتمل مثل هذا النص أي اجتهاد، وفي اليوم نفسه صدرت تتمة عن مكتب الرئاسة اللبنانية “رئيس الجمهورية ميشال عون وجه رسالة إلى رئيس سريلانكا غاوتابايا راجاباكسا شكره فيها على إرساله هدية عبارة عن كمية من الشاي السيلاني، تسلمها الجيش وسلمها إلى دوائر رئاسة الجمهورية تمّ توزيع الشاي على عائلات العسكريين في لواء الحرس الجمهوري”.

 

التقدمة ممكن أن تفسّر هدية إلى الشعب اللبناني وليس هدية خاصة للسيد الرئيس. يفهم أن يُهدى رؤساء الجمهورية set شاي كاملاً مشغولاً يدوياً يعود تاريخ صنعه إلى منتصف القرن التاسع عشر مع كيلو شاي فاخر لا أن يهدى شاياً أسود بما يوازي حمولة كميون! وبالتالي فالخطأ صادر عن بعبدا والبلبلة تسبب بها إعلام القصر ولم ينفع بعده ما نشرته الخارجية اللبنانية عن الهبة “السريلانكية” المشكورة. وبدلاً من صدور إجراء رئاسي يحاسب “الكتَبة” المتملّقين، تحول الأمر إلى دفاع عن وجهة سير الهدية وأحقية الجنود بها لأن بين عوائل أفراد الحرس الجمهوري من تضرر بالإنفجار!

 

وكعادتهم في الزود عن “المقام” المقدس، ردّ العونيون عبر “نخبهم” الإعلامية والفنية،على موجات السخرية بكلام معيب بحق ناس وجدوا في الهدية التي ضلّت وجهتها مساحة حرة لتفجير مواهبهم الإستثنائية كالمطالبة بهدية من كعك أو علب جبنة البيكون، لتتكامل مع كاسات الشاي في ليالي أيلول الطريفة، كما استذكر آخرون أغنيات “ما اشربش الشاي أشرب كازوزة أنا ” و”يا صبّابين الشاي” أو “الشاي الشاي الشاي أوصفلك يا حبيبي الشاي”، كما غناها الكوميدي المصري أحمد حلمي. كما تمنى الآخرون أن تحذو كوبا واسكوتلندا وسويسرا وبلجيكا حذو سريلانكا وترسل إلينا هدايا من إنتاجها الوطني!

 

البلد غارق في أخطر أزمة في تاريخه.

 

ودوائر القصر غرقت بفنجان شاي.