IMLebanon

إصرار لبناني رئاسي – ديبلوماسي على تحييد عودة النازحين عن الاعتبارات السياسية

إصرار لبناني رئاسي – ديبلوماسي على تحييد عودة النازحين عن الاعتبارات السياسية

تشكيل اللجنة المشتركة يؤكِّد أن المبادرة الروسية حيّة تُرزَق رغم كل الصخب

 

7 آلاف نازح من مجموع 900 ألف مسجلين لدى مفوضية اللاجئين عادوا طوعياً ما يؤكِّد سقوط معظم الذرائع سابقاً

 

لم يحجب كل الصخب السياسي – الحكومي، وغالبيته مفتعل على خلفية التشكيل المعلّق والصلاحيات المتخيَّل تآكلها، دأب رئاسة الجمهورية على متابعة ملف عودة اللاجئين السوريين من باب المبادرة الروسية التي سبق أن جرت محاولة تعطيلها غربيا، بمصاحبة نيران داخلية، من غير أن تنال منها.

صحيح أن 7 آلاف نازح من مجمل 900 ألف مسجلين لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، قد يسّر الأمن العام عودتهم الطوعية، لكن أهمية هذه العودة لا تكمن في العدد (المحدود نسبيا) بقدر ما ترتبط إرتباطا وثيقا بسقوط معظم الذرائع التي سيقت سابقا، وخصوصا تلك المتعلقة إما بأمن مناطق العودة داخل سوريا وإما بعلاقة نازحين من المعارضين بالنظام لناحية وجود شبهات او تحفظات امنية، وإما لناحيتي القانون رقم 10 وخدمة العلم اللذين نُظر اليهما لبنانيا على أنهما ذريعة النظام لمنع هذه العودة. كما تكمن أهمية هذه العودة بأنها إتخذت طابعا عائليا، بمعنى أن عائلات بكاملها عادت الى سوريا أو تسجّلت لهذه الغاية.

جاء تشكيل اللجنة اللبنانية – الروسية للنازحين في سياق هذا الإصرار الرئاسي على إنجاز كامل الخطوات المطلوبة لبنانيا، على رغم بعض الممانعة الخجولة بخلفية سياسية مرتبطة برغبة بعض الممانعين في ملاقاة المناخ الغربي – الأميركي الذي لا يبدو أنه يحبّذ راهنا تقديم إنتصارات سورية الى موسكو، ويسعى الى إبقاء ملف النازحين ورقة ضاغطة على الداخل السوري وعلى دول النزوح بغية إستخدامها في مخرجات أي حل نهائي سوري وفقا لمسارات الحوار القائمة.

ولئن تختلف مهمة اللجنة اللبنانية – الروسية المشكّلة حديثا والتي نالت منها، بلا مسوّغ واضح، سهام رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، عن تلك اللجنة الأمنية اللبنانية – السورية – الروسية التي لم تكتمل بعد عوامل تشكيلها وهي التي من المتوقع أن تضم حصرا عن لبنان مسؤولين أمنيين يمثلون وزارتي الدفاع والداخلية، فإن مجرّد التشكيل يؤشر الى عزم رئاسة الجمهورية ومعها الديبلوماسية اللبنانية على المضي قدما في هذه المسألة بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى هي في الغالب سياسية، ناتجة من المقاربة الملتبسة لدى البعض لمآل الحل السوري وموقع النظام ورئيسه فيه. كما أنها تؤشر الى القدرة الرئاسية – الديبلوماسية على تحييد مسألة عودة النازحين عن الخلافات السياسية الداخلية، كونها مصلحة وطنية عليا تتعلق بالأمن القومي وهو أسمى مراتب المصلحة وأشدها تاثيرا، ولأن المظلة الروسية شكّلت مخرجا لأفرقاء محليين لا يزالون متمسكين بمقاطعة النظام السوري، الطرف الآخر المعني بالعودة، وفي إعتقادهم أن هذا النظام يرمي الى تسجيل عودته الدولية من البوابة اللبنانية، ليستخدم الحوار حول النازحين ورقة إعادة اعتبار لشرعيته.

يرتكز عمل اللجنة اللبنانية – الروسية على آلية محددة مرتبطة بمعلومات تتلقاها، خصوصا من الأمن العام، بالتعاون مع البلديات التي تعمل على إحصاء أعداد النازحين وجمع المعلومات المتعلقة بهم في إستمارة وزعها عليها الأمن العام، مما مكّنه من ترتيب داتا كاملة على شاكلة قيود رسمية. كما تستند اللجنة إلى ما يردها من معطيات من أحزاب سبق أن أعلنت تشكيل لجان مختصة بتسهيل العودة، كالتيار الوطني الحر وحزب الله. وتنتهي هذه المعطيات المجمّعة عند السفارة الروسية التي بنتيجة ما يتوفر لها ستتواصل مع مركز المصالحة الروسي في حميميم، الى جانب التواصل الأمني اللبناني – الروسي عبر قناة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

في نهاية المطاف، ينتقل الراغبون بالعودة إلى مراكز قريبة من المعابر الحدودية برعاية روسية، ومن ثم إلى بيوت جاهزة ستشيّدها السلطات الروسية في أماكن استقبال العائدين، وهي مكان آمنة إنتهت فيها العمليات العسكرية.