Site icon IMLebanon

الرئاسة اللبنانية آخر هموم العالم

يخطئ من يعتقد من المسؤولين اللبنانيين أن المجتمع الدولي، وحتى العربي يستعجل إتمام الاستحقاق الرئاسي اللبناني بانتخاب رئيس جديد، بمعنى أن أحدا لا يضع الاستحقاق الرئاسي اللبناني في سلم اولوياته الدولية، أو يدرس إمكان القيام بمبادرة دولية – عربية لإخراج لبنان من عنق الزجاجة. ويخطئ من يعتقد ان لبنان بوضعه الحالي يحضر على طاولة الاجتماعات الدولية والاقليمية الكبرى بأكثر من ملف اللاجئين السوريين، الذي يؤرق العالم بأسره، فضلا عن دول الجوار السوري، ويحضر بدرجة أقل عندما يتعلق الامر بخطط محاربة تنظيم “داعش” والتنظيمات المصنفة إرهابية من روسيا والغرب. فدعم لبنان بالحد الادنى اقتصاديا لإعانته على استيعاب الموجة غير المسبوقة من اللاجئين السوريين (مليون ونصف مليون لاجئ في أقل تقدير) مطروح على طاولة المنظمات الاممية، وفي العواصم الكبرى المعنية، ولا سيما الاوروبية. أما موضوع الجيش اللبناني، بصرف النظر عن قيادته وغموض علاقته العملانية مع “حزب الله”، فإنه المؤسسة الوحيدة الموضوعة في حسابات المجتمع الدولي، فيما يقبع استحقاق الرئاسة في مرتبة متدنية، حيث لا استعجال دوليا ولا عربيا لانتاج مبادرة تنهي فترة الشغور التي قاربت العامين، وهي مستمرة من دون أفق واضح المعالم، بالرغم من حركة الرئيس سعد الحريري لتحريك الملف في الداخل والخارج!

في لبنان مؤسستان لا تحتملان المسّ بهما في الوقت الراهن: الجيش والمصرف المركزي. وهما تتقدمان الرئاسة، ويا للاسف، في سلم اولويات المجتمع الدولي. الجيش نظرا الى ارتباطه بحرب إقليمية على تنظيم “داعش” وتوافق القوى السياسية الداخلية في لبنان، بمن فيها “حزب الله” المتمسك بسلاحه على الحفاظ على مؤسسة الجيش قائمة بالحد الذي نراه اليوم. أما المصرف المركزي فينظر اليه المجتمع الدولي من زاوية إسهامه في الاستقرار الأمني في لبنان، باعتبار ان انهيار المالية اللبنانية من شأنه تعريض الاستقرار الهش المتوافق حوله لهزة خطيرة، وتسهيل تسلل تنظيمات مصنفة إرهابية الى عمق النسيج اللبناني، بأدوات مادية.

يستفاد مما تقدم أن الاستحقاق الرئاسي واقع في أسفل سلم الاولويات الدولية، في وقت تبدو المنطقة مشتعلة من اليمن الى سوريا والعراق. وقد أسهم الاستقرار النسبي في لبنان، على الرغم من كل المشكلات الداخلية، في إعراض مختلف القوى الكبرى عن التدخل جديا في ملف الرئاسة، معتبرة أنه ملف داخلي، وإن يكن تعطيل “حزب الله” الذراع العسكرية – الامنية التابعة لايران واضح المعالم، فالمجتمع الدولي بدءا بالولايات المتحدة، مرورا بأوروبا ووصولا الى روسيا، غير مستعد لوضع ورقة الاستحقاق الرئاسي على طاولة المقايضات الاقليمية مع ايران. والخلاصة أن الرئاسة لبنانية الى الآن، وعلى اللبنانيين أن يحدثوا الاختراق الجدي وينتخبوا رئيسا للجمهورية هو من الاهتمامات الهامشية في كبرى عواصم العالم: لن يحرم استمرار الشغور الرئاسي في لبنان كلا من باراك اوباما وفلاديمير بوتين وفرنسوا هولاند وانغيلا ميركل النوم عميقا في الليل!