في خضمّ الصراع العسكري الدائر، جاء إطلاق سراح الأسرى من غياهب السجون السورية بمفاجآت مذهلة، إذ ظهر أشخاص كانوا مُختفين منذ حوالي أربعة عقود من الزمن، ويُعدّون من بين الأموات!
قام النظام السوري أثناء احتلاله للبنان بارتكاب العديد من الفظائع، كما قام باختطاف كل من عارضه سياسياً، أو تصدّى له في الميدان، أو حتى بسبب مزاج المسؤولين السوريين واستنسابهم، واقتادوا المعتقلين عنوة إلى الأراضي السورية خلافاً للقوانين المرعية الإجراء، ثم اختفوا هناك إما تحت التراب، أو في دهاليز السجون المظلمة وأقبيتها.
ثم نشطت سوق السماسرة الذين ابتزّوا الأهالي على مدى سنوات، يعرضون حيناً تأمين المعلومات عن أبنائهم وأهاليهم المختفين المحتجزين، أو يعرضون عليهم أحياناً أخرى تأمين زيارتهم في السجون، أو العمل على إطلاق سراحهم!
صراحة، انا لم أتمكن من استيعاب لماذا احتفظ النظام السوري المجرم بهؤلاء المساجين طيلة هذه السنوات… فهم لم يُسخّروهم للعمل عنوة كعبيد لهم في المصانع والمزارع، وليس معروفاً إذا تاجروا بأعضائهم الحيوية، علماً أن لا طائل من الاحتفاظ بهم للحصول على فدية قيّمة من أهلهم الفقراء، ولا يُمثل معظم المعتقلين خطورة فكرية أو سياسية أو أمنية على النظام، وليس لدى المعتقلين أسرار ومعلومات هامة تستوجب الانتزاع والاستخلاص ولو على مرِّ السنين… ولا عمل النظام على غسيل دماغ المعتقلين وإعادة إطلاقهم في بيئتهم وتحويلهم إلى عملاء وأذناب لهم… أنا لم أفهم لماذا اعتقلوهم لعقود واخفوا ذلك؟! فهل اعتقلوهم ونسوا أمرهم… هكذا ببساطة واستخفاف؟!
وما هو موقف المسؤولين أصدقاء النظام السوري، الذين نفوا مراراً وتكراراً وفي كلّ مناسبة، وجود أي معتقل لبناني في سجون سوريا، وعلى رأسهم الرئيس إميل لحود والرئيس ميشال عون!