Site icon IMLebanon

أساتذة «اللبنانية»: ماضون في الإضراب وشهيّب «مِش مَمنون»

 

من كلية الهندسة، الآداب، الإعلام، إدارة الأعمال، التربية، العلوم، الصحة، الزراعة، الطب… من كليات الجامعة اللبنانية ومعاهدها كافة، من الشمال، الجنوب، بيروت والبقاع، من كافة الفروع أتى اساتذة «اللبنانية» متفرّغين ومتعاقدين للمشاركة بالإعتصام امام وزارة التربية، رافعين 3 لاءات، «لا للّعب بمصير الجامعة»، «لا للمَسّ بحقوق الأساتذة»، «لا لتدمير مستقبل الطلاب». في هذا السياق أكّد مصدر خاص لـ«الجمهورية»، «أنّ غضب الأساتذة هذه المرة «مش مزحة»، و«المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين»، سبق ولم ينلوا درجاتهم كما وُعدوا أسوة بالقضاة، لذا آن الوقت للضرب بيد من حديد، فإما تُحصَّن مكانة الأستاذ، وإما على الحقوق والمكتسبات السلام!».

 

رافعي الرأس أتوا، وكلهم ثقة أنهم وشهاداتهم وإنجازاتهم وأبحاثهم وسنين خبرتهم، ومع مئات الآلاف من الطلاب الذين تخرّجوا على أيديهم «والحق أكثرية»، في وجه سلطة تُحاول ممارسة سياسة النعامة في سلبها لهم حقوقهم ومكتسباتهم، متناسية أنّ ما نالوه من مطالب في الأعوام المنصرمة، دفعوا ثمنه ساعاتٍ إضافية ولم يكن من «كيس» الدولة ولا منّةً من أحد.

 

في التفاصيل

 

حالٌ من التمرد والغضب عمّت محيط وزارة التربية طوال يوم أمس، فمنذ ساعات الصباح الأولى حضرت القوى الأمنية، طوّق الجيش كاملَ محيط الوزارة، وبقي في حال تأهّب مع بدء توافد الأساتذة للمشاركة بالاعتصام الذي دعت إليه رابطة الأساتذة المتفرغين.

 

«من الجامعة تنطلق الثورات»، «يا أهلَ السلطة أوقفوا مزاريبَ الهدر عوضاً من قضم حقوقنا»، «المشكلة مشكلة جامعة ووطن تتسلط عليها قوى الفساد»… الشعاراتُ التي رفعها الأساتذة تعددت، والمطلبُ واحد: «ارحموا الجامعة يرحمكم مَن في السماء». فمعظم الأساتذة على تعدد إنتماءاتهم الحزبية والطائفية وقفوا كتفاً إلى كتف في بهو الوزارة رافعين الصوتَ دفاعاً عن مؤسسة «الجيش الثاني للوطن»، وسط تغطية إعلامية.

 

«ألو وينك؟ تاع مرح تدافع عن مكتسباتك من بيتك!»، الرسالة نفسها وجّهها الأساتذة المشاركون في الاعتصام لحثّ زملائهم على الانضمام إليهم، لذا سرعان ما غصّ بهو الوزارة بالمحتجين.

 

وعند الساعة 11 قبل الظهر، خاطب رئيس الهيئة التنفيذية للرابطة الدكتور يوسف ضاهر المعتصمين قائلاً: «ماذا يعني هذا الهجوم الصاعق على الجامعة، والتصميم على خفض الرواتب وقضم التقديمات الاجتماعية التي تعطي للأستاذ الجامعي خصوصية يستحقها؟ وماذا يعني خفضُ موازنة الجامعة، ورفضُ الاستجابة لكل المطالب المحِقة؟ هذا يعني أنهم يريدون القضم من طلابها لصالح بعض دكاكين التعليم العالي. والقضم من أساتذتها بالتيئيس والإحباط».

 

وأضاف: «هل تعرفون جامعة في العالم تغطي بفروعها وأهلها وأعمالها وتأثيراتها كامل أرض الوطن، يكون فيها فقط 1/7 من أساتذتها مثبتين في الملاك و1/7 مثبتين لكن خارج الملاك ويعيشون في قلق دائم على أمنهم الوظيفي والاجتماعي؟».

 

وتابع مستغرباً: «أتقبلون أن تُحرموا من الثلاث درجات؟ وأن لا تتحقق عدالة الرواتب؟ طبعاً لا. إنّ هذا المطلب هو في أوّل أوّلوياتنا اليوم. أتقبلون بأن يبقى مشروع الخمس سنوات للجميع، أي مشروع القانون 5120، في أدراج مجلس النواب؟ ويبقى الظلم لاحقاً بالمتقاعدين الذين أفنوا العمر في سبيل الوطن والجامعة؟ طبعاً لا».

 

بعدها توجه ضاهر مع وفد من الرابطة الى مكتب وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيب.

 

كواليس الطابق 15…

 

فيما بقي الاساتذة «بطقّة الشمس» ينتظرون نتيجة إجتماع الوفد مع شهيب، بدا الوضع في الطابق الـ15 «مشقلباً» كحال اللوحة الفنية المعلقة في صالون مكتب شهيب، والموضوعة «بالقِلب».

 

جلس شهيب الى رأس الطاولة وعن شماله رئيس الجامعة البروفسور فؤاد أيوب الذي كان مُصغياً أكثر منه متحدِّثاً، ورغم أنّ الإعلام مُنع من حضور الجلسة، علمت «الجمهورية»، أنّ الوئام لم يكن سيد الموقف، ولم يخلُ الاجتماع من الحماوة، نظراً إلى أنّ شهيب لم يكن من الأساس ممنوناً من توقيت وجدوى التحرّك.

 

نحو ساعة و10 دقائق دام اللقاء، أعرب خلاله الوفد عن هواجس الأساتذة كافة من متفرغين ومتعاقدين، وأبرز ما طُرح، رفضهم خفض تقديمات الصندوق التعاضدي، والمَسّ بالرواتب، إعادة العدالة الاجتماعية لمكانة الأستاذ الجامعي وما وُعد به من 3 درجات، الإسراع بالتفرّغ.

 

وبعد الاجتماع خرج شهيّب غيرَ منفرج الأسارير، وقال: «الموازنة تُقرّ في مجلس الوزراء ثم تذهب إلى لجنة المال ومن ثم إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي، ويمكن أن تبدأ بيضاءَ وتنتهي حمراء. وبالتالي فإنّ الموازنة مرحلة طويلة فيها إمكانيةٌ للبحث عن الواقع والأرقام العلمية وضمن المستطاع خصوصاً في هذا الوقت الصعب والدقيق الذي تمر به البلاد مالياً واقتصادياً».

 

وأضاف: «رايي أنّ الإضراب لم يأتِ في موقعه وليس في وقته. لكن لكم الحق الديمقراطي بالتعبير بالطريقة التي ترونها مناسِبة، ولكن «لننتظر ما سيقرّ في مجلس الوزراء وعلى ضوء ذلك يمكن بالحقّ الديمقراطي أن يتمّ اتّخاذُ القرار من أيِّ جهة كان».

 

إضرابٌ مفتوح!

 

من جهته، أكّد ضاهر: «في الجمعية العامة التي عقدناها أكثرية مطلقة طالبت بالإضراب، والأساتذة لا يزالون يصرون على قرارهم بالإضراب إلى حين صدور إقرار الموازنة من مجلس الوزراء، وإذا صدر هذا القرار ولم يُمس بالرواتب ولا بالنظام التقاعدي ولا بصندوق التعاضد والتقديمات عندها ستجتمع الهيئةُ ونعتبر أنّ الإضراب يمكن أن يُرفع ونعود إلى التعليم الجامعي».

 

وأضاف: «بعض الوزراء تحدثوا عن إمكان خفض الرواتب، لذا سنبقى مستنفَرين حتى إنهاء الموازنة ونحن متفاهمون مع طلابنا وسوف نعوّض عليهم أيَّ دروس متأخرة، وعندنا خطةُ تحرك بعد إنهاء الموازنة في مجلس الوزراء وإحالتها إلى مجلس النواب».

 

ومساءً عقدت الرابطة إجتماعاً استثنائيّاً في مقرها، وقررت «استمرارَ الإضراب العام والشامل الذي أعلنته الهيئة التنفيذية بناءً على توصية الهيئة العامة للأساتذة»، ودعت الجمعيات العمومية للاجتماع في المناطق كافة.