IMLebanon

قراءة لبنانية للاتفاق الأميركي – الإيراني: “زلزال” ستكون له انعكاسات على الاصطفافات

جلسة اليوم لمجلس النواب والتي تحمل الرقم 26 في سياق الدعوات المتتالية لرئيس المجلس نبيه بري لانتخاب رئيس للجمهورية، ليست كسابقاتها، فهي تتميز بأنها الاولى بعد اعلان الاتفاق الاميركي – الايراني. ولعله من محاسن الصدف أن يأتي اعلان الاتفاق عشية موعد الجلسة. طبعاً التزامن ليس متعمداً، لا من اميركا والغرب وايران، ولا من لبنان بالتأكيد… ولطالما انتظر هذا الاتفاق “لعل وعسى” يتم الافراج عن استحقاقه الرئاسي، اذا صح القول انه كان ولا يزال ورقة ضغط في يد المفاوض الايراني، وهذا ما يعتقده اطراف اساسيون في لبنان، وفي صدارتهم فريق 14 آذار، وهؤلاء يتهمون فريق 8 آذار ولا سيما “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” بتعطيل جلسات الانتخاب الرئاسية، بناء على طلب ايراني…

وما بين هذا الفريق وذاك، يقف الرئيس بري في الوسط، حليفاً لـ8 آذار وأحد مكوناته من دون قطع التواصل مع 14 آذار، وقد بدا في احدى المراحل صلة الوصل الوحيدة بين الطرفين، ومن هذا الموقع، قال ذات يوم إن الانتخابات الرئاسية في لبنان ستكون الاستحقاق الاسهل بعد انجاز الاتفاق النووي الاميركي – الايراني… هنا يمكن افتراض “سوء النية” ان يفسح المجال أمام الاعتقاد أن كلام بري يستبطن اقراراً بصحة الكلام على وضع الاستحقاق الرئاسي في الأسر بضغط من ايران، في انتظار انتهاء المفاوضات مع الاميركيين، ولكنه في الوقت نفسه يمكن أن يوضع في اطار الانفراجات الاقليمية التي يمكن ان تنجم عن اتفاق بهذا الحجم، ومنها تداعيات محتملة على لبنان، يؤمل ان تكون ايجابية. وقد تذكر كثيرون كلام بري لدى اعلان الاتفاق في فيينا.

واذا تم اطلاق سراح الاستحقاق الرئاسي، وهذا ليس مستبعداً أو مستحيلاً، أقله استناداً الى كلام رئيس مجلس النواب، فإن كرة الاستحقاق الرئاسي تصبح في الملعب اللبناني، وعندئذ يخشى ان تعود المراوحة المملة من جديد اذا بقي التشبث بالمواقف والحسابات الشخصية سيد الموقف، وتصبح الحاجة ملحة الى حوار بين ابناء الفريق الواحد، وتحديداً بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، اي بين السيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون، وسيكون السؤال: هل يتمكن السيد من اقناع حليفه بالتخلي عن شروطه للتوقف عن التغيب عن جلسات الانتخاب وتعطيل النصاب؟ وماذا اذا اصر الجنرال على شروطه السابقة، ومنها انه اذا كان هناك مرشح آخر غيره، فلا يرضى بغير المرشح الآخر المعروف وهو رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع. وثمة سؤال استطرادي: هل هذا الشرط لا يزال قائماً بعد “اعلان النيات” بين عون وجعجع؟ وهل تهتز النيات في حال تجدد هذا الشرط؟

تساؤلات طبيعية ومشروعة، على المستوى السياسي المحلي الضيق، ولكن السؤال الاهم الآن، ما هي الانعكاسات المحتملة للاتفاق الاميركي – الايراني على المنطقة عموماً، ومنها لبنان؟

يقول سياسي عرف بتميزه في تحليلاته ومعلوماته. وبأنه مقلّ في الكلام وينتمي الى فريق 14 آذار: “ان ما حصل ليس بالشيء العادي على الاطلاق، انه زلزال، بمعنى انه ستكون له انعكاسات وارتدادات كثيرة في المنطقة… انه كامب ديفيد جديد، هو اتفاق استراتيجي وان يكن عنوانه نووياً، كل الكلام الذي سمعناه لم يكن في مجمله عن النووي، بل كان عن مرحلة جديدة”. ويرى ان “كلام الرئيس الاميركي باراك اوباما، كان متعمداً قبل كلام الرئيس الايراني حسن روحاني. التوقيت واضح ومتعمد، وان صورة اوباما على شاشة تلفزيون “حزب الله”، على محطة “المنار” في ظل اجواء احتفالية، أمر غير عادي، معبر جدا، ماذا نريد اكثر من تلك الصورة البليغة لنقرأ متغيرات متوقعة في المرحلة المقبلة؟” ويرى ان “روحاني حاول ان يغطي على التنازلات التي قدمها الجانب الايراني، فالاتفاق كان جاهزاً نهار الجمعة الماضي، صعد الايرانيون بطرح مطالب جديدة اعلنها السيد علي خامنئي ومنها ان التفتيش خط احمر. كان الاعتقاد ان اوباما مستميت على الاتفاق، ولكن عندما توجه وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى طهران وعرض المعطيات والاجواء في فيينا، تغير الوضع”.

واذ يلاحظ السياسي المشار اليه ان “من فاوض الاميركيين عن الجانب الايراني، كانوا اميركيين، محمد جواد ظريف درس في اميركا، وعلي اكبر صالحي خريج الجامعة الاميركية في بيروت”، فانه يضيف مازحاً: “هل لا يزال المجال متاحاً امام افطار للاميركيين في مطعم الساحة؟ ثم يقول “ان فريق 14 آذار لم يحسن قراءة المرحلة وان ثمة انعكاسات جيوسياسية للاتفاق ستعطي ايران دوراً في المنطقة، لن يكون في دول مجلس التعاون الخليجي، ولا في الاردن او عند الاسرائيليين، ومناطق النفوذ التي تريدها ايران، حددها ظريف نفسه، اكثر من مرة في العراق وسوريا ولبنان، والاميركيون سيعطونهم هذا النفوذ مقابل ان تأخذ ايران على عاتقها محاربة الارهاب”.

ويتوقع اخيراً “متغيرات في التحالفات على المستوى السياسي المحلي” وان الاتفاق سينعكس على كل الاصطفافات، وان كل الذين كانوا على مسافة واحدة من ايران واميركا اصبحت اوضاعهم افضل وحضورهم أقوى.