Site icon IMLebanon

الواقع اللبناني سيبقى في حالة المدّ والجزر بإنتظار التسوية الكبرى للمنطقة

الواقع اللبناني سيبقى في حالة المدّ والجزر بإنتظار التسوية الكبرى للمنطقة

بري ماضٍ في ضخّ الجرعات التفاؤلية ويؤكّد بأن المواقف التصعيدية لن تؤثّر على الحوار

جلسة عامة في النصف الثاني من نيسان لإقرار سلّة من المشاريع.. وغياب عضوين يؤخّر إلتئام هيئة مكتب المجلس

بات يصح القول على المسؤولين اللبنانيين أنهم يعيشون في وادٍ فيما العالم حولهم في وادٍ آخر، ففي الوقت الذي يتم فيه الحديث عن أن الاتفاق الأميركي – الإيراني على الملف النووي بات قاب قوسين أو أدنى من التوقيع عليه، وأن هذا الأمر إن حصل فإن ارتداداته الإيجابية ستكون مدوية على المنطقة الحبلى بالصراعات السياسية والحروب الميدانية، وسيكون لبنان أول المستفيدين من هذا الاتفاق، فإن المسؤولين اللبنانيين يصبّون الزيت على نار خلافاتهم ويرفعون من منسوب جدالهم البيزنطي غير آبهين بالخسائر الفادحة الناجمة عن هذا السلوك السياسي البغيض على كافة المستويات.

وكان المشهد النيابي بالأمس خير دليل على أن الانقسام العامودي في البلاد ما زال في أرفع مستوياته، وأن مصالح الناس في أدنى مستوى أولويات ممثليهم في البرلمان الذين يستكثرون عليهم تحسين وضعهم المعيشي في هذه الظروف الحالكة.

هذا المشهد السياسي غير الصحي الذي يتزامن مع استمرار الحوار بين «حزب الله» و«المستقبل» والتحضيرات الجارية لانطلاق الحوار بين الرابية ومعراب يبث على الاعتقاد بأن لا حلولاً مرتقبة على المستوى الداخلي لأي من الملفات والاستحقاقات، وأن الانتظار لا يزال سيّد الموقف، إلى أن تتظَّهر صورة المشهد الإقليمي من اليمن إلى العراق حتى سوريا، وما بين ذلك فتح قنوات الاتصال بين إيران والسعودية.

وبانتظار بلورة الأوضاع المحيطة بلبنان ويدخل من ضمنها نتائج الانتخابات الاسرائيلية التي حصلت بالأمس، فإن الرئيس نبيه بري ماضٍ في ضخّ الجرعات التفاؤلية في محاولة منه لإبقاء المناخات الداخلية محافظة على برودتها ولكي لا تتحول مجدداً إلى اشتباكات سياسية على غرار ما كان حاصلاً في الأشهر الماضية، وهو في هذا الإطار أبلغ زواره ليل أمس أن الحوار بين «حزب الله» و«المستقبل» سيتابع اليوم في لقاء ليلي سيتم فيه مواصلة البحث في الوضع الأمني على مستوى تنفيذ خطة الضاحية الجنوبية إضافة الى ملف الانتخابات الرئاسية، وأن هذا الحوار لن يتأثر عل الاطلاق بالمواقف التصعيدية التي أطلقت في اليومين الماضيين.

وفي موازاة الحوار فإن الرئيس بري يعطي بالغ الأهمية للعمل التشريعي وهو كان قد أجرى مروحة من الاتصالات قبل الدعوة لجلسة اللجان النيابية لمواصلة البحث في مشروع سلسلة الرتب والرواتب، وقد تبلغ وفق ما قاله أمام زواره من جميع الكتل بأنها ستحضر هذه الدعوة غير أنه فوجئ بما حصل من مقاطعة، متمنياً تجاوز العقبات والولوج في درس وإقرار هذه السلسلة.

ويُعرب الرئيس بري عن اعتقاده بأن النصف الثاني من نيسان المقبل سيكون بداية إطلاق ورشة تشريعية تبدأ بالدعوة الى جلسة عامة لإقرار العديد من مشاريع واقتراحات القوانين المقرة في اللجان النيابية المختصة، مشيراً إلى أن ما يؤخر دعوة مكتب المجلس لوضع جدول أعمال الجلسة عدم إنجاز السلسلة وقانون الإيجارات ومشاريع أخرى إضافة إلى غياب عضوين من الهيئة موجودان في الخارج (فريد مكاري وأحمد فتفت).

وفي رأي مصادر سياسية متابعة أن الرئيس بري يحاول من خلال رعايته لحوار عين التينة ومباركته لأي حوار آخر ينطلق من طي صفحة النزاعات الداخلية لاستشعاره الخطر الآتي من الخارج والذي تطلب تحصيناً داخلياً لمواجهته، من دون الجزم بأن كل هذه الحوارات وحدها من الممكن أن تؤدي إلى النتائج المرجوة على صعيد الاستحقاقات الكبرى المعلقة على حبال الصراعات الإقليمية والدولية.

وتعتبر المصادر أنه من العبث القول بإمكانية ترتيب البيت الداخلي على كافة المستويات قبل الإعلان عن التسوية السياسية في المنطقة والتي إن حصلت ستكون في سياق سلة واحدة للكثير من الملفات المفتوحة على مساحة الشرق الأوسط، وهو ما يعني أننا سنبقى في دائرة المراوحة مدة ليست بقصيرة، مع بقاء المظلة الدولية حامية للاستقرار الأمني الذي قد يشهد بعض الحرتقات التي تبقى محصورة في مناطق محددة، لا سيّما على الحدود الشرقية مع سوريا مع ما يحكى عن تحضيرات ميدانية بانتظار ذوبان الثلوج، من دون أن تتوسع دائرة هذه المعركة لاعتبارات أبرزها إتفاق جميع القوى السياسية على ضرورة تجنيب البلد شرارة النار المندلعة في سوريا، إضافة إلى غياب البيئة الحاضنة للمجموعات الارهابية إن هي فكرت بتجاوز المساحة الجغرافية المتواجدة فيها في الجرود، وهاتان المسلمتان تجعلان أمر تمدد أي معركة مع الارهابيين مستبعداً وإن كان البعض يعتقد بأن بعض المجموعات الموجودة داخل المخيمات الفلسطينية قد تحاول خلق واقع أمني معين، لأن الممسكين بزمام الأمور في هذه المخيمات سيمنعون مثل هذه الأعمال حفاظاً على المخيمات في الدرجة الأولى وثانياً التزاماً بالوعود التي قطعوها بأنهم لن يكونوا جزءاً من أي واقع أمني داخلي وأنهم يلتزمون بحماية استقرار لبنان وسيادته.

وفي تقدير المصادر ذاتها أن الواقع اللبناني على المستوى السياسي سيبقى في حالة من المدّ والجزر، غير أنه لن يغيّر من واقع الحال شيئاً، لأنه يأتي من باب تعبئة الوقت في ظل الفراغ الحاصل لا أكثر ولا أقل، مشددة على أن كل فريق سياسي سيحاول في هذه الفترة تحصين موقعه لكي لا تأتي أي تسوية من خارج الحدود على حسابه.