لا تخفي القوى الفلسطينية مصلحتها بالانخراط في معركة مكافحة ما تسمّيه «وباء المجموعات التكفيرية»، وهذه الرغبة تشمل الفصائل المنضوية في «منظمة التحرير الفلسطينية» و «قوى التحالف الفلسطيني». هؤلاء يدركون ضرورة تفادي كأس أي تورط تخريبي يهدّد أمن المخيمات والأمن الوطني اللبناني، ويُضرّ بالقضية الأساس للفلسطينيين في لبنان، الا وهي قضية اللاجئين.
كان من المؤسف ألا تقدم اللجنة الأمنية الفلسطينية إجابة على السؤال الهام المتمحور حول مكافحة التكفير، مع أن العنوان الذي تشكلت من أجله هو «حفظ الأمن والاستقرار» في عين الحلوة.
لكن الـ 200 عنصر الذين تشكلت منهم اللجنة، وهم 60 في المئة من «منظمة التحرير» و30 في المئة من «التحالف» و10 في المئة من «القوى الإسلامية»، لا يبدو أنهم حققوا إنجازات ميدانية على الأرض بوجه التكفيريين حتى الآن.
مع ذلك، ثمة إيجابيات أمنية تحققت في الآونة الأخيرة:
أولاً، يقول مصدر فلسطيني أن اللجنة الأمنية قد تلقت أخيراً تعهدات من قبل بعض المتهمين المختبئين في أحياء خارج سلطة اللجنة، بأنهم لن يقوموا على الإطلاق بأي عمل يهدد الجوار اللبناني. وقد جاء هذا الأمر بعد أن تم إبلاغ تلك العناصر بأنها تحت المراقبة، وبأنه سيتم التعامل معها بحزم وبقوة، في حال شكلت أي تهديد للاستقرار الفلسطيني او للعلاقة مع الجوار اللبناني.
ثانياً، لم يتم رصد حالات انتقال لعناصر من «داعش» و «النصرة» الى الداخل السوري في الأسابيع الأخيرة، بعد الإعلان عن مقتل سبعة عناصر تكفيرية في سوريا، في شهر حزيران الماضي فقط.
ثالثاً، التطمينات التي قدمتها قيادات الفصائل الى فاعليات صيدا وقواها السياسية، إضافة الى «حزب الله»، بأن الأمور تحت السيطرة في عين الحلوة، وأن لا إمكانية للعناصر التكفيرية في المخيم من زعزعة أمن الجوار. ورفض استجلاب التوترات الإقليمية الى لبنان وعدم تحول العامل الفلسطيني إلى أداة شحن مذهبي.
رابعاً، قيام سبعة عناصر من جماعة الشيخ أحمد الأسير، بتسليم نفسها الى السلطات اللبنانية.
على أن تلك الإيجابيات لا يبدو انها كافية اليوم بالنسبة الى السلطات اللبنانية. وقد وجه مسؤول أمني لبناني انتقادات لقيادات تلك الفصائل التي التقاها في مقر السفارة الفلسطينية في بيروت قبل أيام، وبينها عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» ومسؤول الملف اللبناني في الحركة عزام الأحمد. المسؤول نفسه قال للمجتمعين «نريد مرجعية فلسطينية واحدة في المخيمات، تكون صاحبة موقف وقرار».
كان الردّ الفلسطيني إيجابياً: «نريد أمناً واستقراراً فلسطينياً ـ لبنانياً»، كما «أننا لا نريد التدخل في الشأن اللبناني الداخلي»، و «لا نريد تحويل المخيمات الى ملجأ أو مأوى لضرب الوجود الفلسطيني وزعزعة الاستقرار اللبناني».
لكن، يبدو لسان حال الفصائل أنه «ما في اليد حيلة»، إذ إن هذه الفصائل قد نجحت في الحد من خطورة التكفيريين في عين الحلوة وغيره من المخيمات، إلا أن لا قرار فلسطينياً، حتى الآن، بمواجهة التكفيريين. وبينما يعيد البعض الأمر الى انقسامات داخل حركة «فتح» مع همس بعدم جدية تلك القيادات وتنافسها مع بعضها البعض، يؤكد البعض الآخر أن «اللجنة الامنية الفلسطينية» قادرة على بسط سلطتها في المخيم، إذا أرادت، في الوقت الذي يشير فيه كثيرون الى ان الأمر برمته مرتبط بالوضع الإقليمي!