Site icon IMLebanon

أسبوع التجدّد اللبناني

 

اليوم مجلس نواب جديد، ومجلس وزراء على أبواب التجدد، وأواسط هذا الأسبوع تكتمل أوصاف مجلس النواب، بهيئة رئاسية متجددة، وفي نهايته، تظهر معالم الحكومة، برئيسها المتجدد أيضا.

لا تغييرات جذرية، بل مجرد تصحيحات في المشهد، ضمن حدود ما تسمح به التسوية السياسية، الراعية للمرحلة اللبنانية، المضبوطة، على ايقاع الحالة الاقليمية، الذاهبة باتجاه إخماد البراكين الواقدة، لتصفو الأيام للكبار وحدهم.

من هنا، فان رئاسة مجلس النواب، محسومة لباريها الرئيس نبيه بري، أما نيابة الرئاسة، فمتروكة للأقوياء لبنان القوي والجمهورية القوية، حزب الله وحركة أمل، والتيار الحر، الى جانب الحليف القديم النائب المنتخب ايلي الفرزلي، والقوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب وبعض المستقلين، أو غير المنضبطين من الكتل الأخرى، مع النائب المنتخب أنيس نصّار.

أما المواجهة الجادة فستكون على ملعب تشكيل الحكومة، حيث لا منافس للرئيس سعد الحريري في الصورة الظاهرة، لكن بمقابل الأريحية في تسميته، ستكون هناك مطالب وشروط، محورها الاعداد والحقائب، سيادية وخدماتية.

 

في الافطار التكريمي الذي أقامه القائم بالأعمال السعودي الوزير المفوض وليد البخاري وبحضور حامل ملف لبنان في الخارجية السعودية المستشار الدكتور نزار العلولا بدا من خلال الحضور انه افطار لفريق ١٤ آذار، رغم الحرص السعودي التقليدي على المسافة بين الجميع.

هذه الخلاصة يمكن قراءتها من أسماء الحاضرين، أو حتى من أسماء المتغيبين، ممن اعتذروا أو أرسلوا من يمثلهم، أو ممن لم تصلهم الدعوات، علما ان بين المعتذرين من لهم اعتباراتهم الخاصة، كالرئيس نجيب ميقاتي، الذي لا زال متأثرا بما ناله من التراشقات السياسية والاعلامية خلال المعمعة الانتخابية، أو النائب وليد جنبلاط ونجله النائب المنتخب تيمور جنبلاط، البالغ الاستياء من ملابسات الموقف الرسمي حيال حادث الشويفات الدامي وما قبله، وربما ما بعده.

ويبدو من مجمل التطورات ان الإنقسام السياسي المعبّر عنه ب ٨ و١٤ آذار ما زال، رغم تفككه، باقيا في الذهن والذاكرة، وربما سيبقى طالما ليس من عنوان جديد، او صيغة جديدة، على قياس الحالة الإنقسامية المستمرة الرؤى والتوجهات، والمغلفة برداء التفاهمات السياسية الشفاف..

لقد جرت محاولات لصياغة تشكيل سياسي متعدد الطرف، ذلك الذي تمثّل بالتفاهم الذي عقده التيار الوطني الحر مع حزب الله، ثم مع القوات اللبنانية، والذي أوصل الى التسوية السياسية التي أتت بالعماد ميشال عون الى بعبدا وبالشيخ سعد الحريري الى السرايا الحكومية، لكن مع التجربة والإختبار لم تثبت قدرة التيار الحر على لعب دور الجامع المشترك، بين المتفرقين رغم قبول تيار المستقبل بنظرية ربط النزاع مع حزب الله تسهيلاً لمهمة العهد، وتغاضي القوات اللبنانية، عن المسائل الجوهرية التي تبعدها عن حزب الله، ودليل ذلك الهبوط المريع لمستوى التفاهم بين التيار الحر والقوات اللبنانية، إبان الإنتخابات، وما يظهر من ارتدادات التفاهم على عملية تشكيل الحكومة.

وبمواجهة هذه التعقيدات، هناك إصرار دولي وعربي على تسريع تشكيل الحكومة، ضماناً للإستقرار الممسوك، ولتبرير مطالبة دول مؤتمرات روما وباريس وبروكسل، بدفع ما عليها لدعم لبنان في مواجهة ضغط النزوح السوري، بمقابل استعجال الرئيس عون، ومثله الرئيس الحريري، ضرب الحديد وهو حامٍ، قبل أن يبرد، وتبرد معه همّة الإقتصاد المنهك، وتشتعل نار الديون الدولارية.

البعض بدأ يتحدث عن عملية حكومية قيصرية، عند الضرورة، لكن في مثل التوازن القائم في لبنان، يبقى التفاهم أقصر الطرق وأسلمها، ولا يغرّن أحداً، تهليل الجمهور وتزميره لأولي الأمر، فاللبناني يضحك من الألم أحياناً…