يحزن اللبناني حين يرى أن دول العالم قاطبة تجتمع في باريس من أجل المناخ والإحتباس الحراري والتلوث فيما هو يعاني منذ شهور من إحتباس النفايات ومسؤولوه لم يعرفوا حتى الآن كيف يواجهون هذه العقدة الكأداء.
يحزن اللبناني حين يجد أن عسكرييه المخطوفين يكون قد مضى على اختطافهم أكثر من سنة فيما كل المعالجات تكاد تصل إلى عنق الزجاجة من دون أن تخرج منها.
يحزن اللبناني حين يجد أن موقع رئاسة الجمهورية مازال في حال من الشغور منذ ثمانية عشر شهراً بإنتظار وضع حدّ لهذه المأساة.
يحزن اللبناني أنه يرى سلطته التنفيذية غير قادرة على تحمل مسؤوليتها تجاهه فيما هو يعاني الأمرَّين من البنى التحتية المتمثلة في المياه والكهرباء، وكذلك من البنى الفوقية المتمثلة في الشغور في موقع رئاسة الجمهورية وفي مجلس نيابي ممدد له، وفي حكومة يعتبر كل وزير فيها أنه رئيس جمهورية.
هل من نهاية لهذا القعر؟
لماذا كلما تلوح بارقة أمل يتم وأدها في مهدها؟
يحزن اللبناني حين يجد أن لبنانيين في الخارج ناجحين ومتفوقين ومُجِلِّين، وكذلك هناك كثيرون مثلهم في الداخل، فلماذا دفعهم إلى الإحباط؟
هناك شعب يريد أن يعيش ويحق له أن يعيش.
هناك مطلب أساسي ومُلِح ويتمثَّل في إعادة تكوين السلطة، وهذا لا يتحقق إلا من خلال إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، ألا تكفي ثمانية عشر شهراً من الشغور؟
حيال هذا الواقع، وفي مقابله، يبقى هناك مؤمنون بهذا البلد وبالمعالجات وبالمخارج وبالحلول، هؤلاء لا يعرفون الإحباط ولا الكلل ولا الملل، كل ما يعرفونه أن صبرهم مثال وأن طول أناتهم يُحتذى به. هُم ليسوا مؤمنون بأنفسهم فحسب بل بشعبهم الذي لولا تفاؤله وإيمانه لكان منذ زمن جَهَر بيأسه.
هناك خارطة طريق في طورها إلى النضوج، وأصحاب هذه الخارطة يعرفون أن طريق السياسة في لبنان غير معبّدة بالورود والرياحين بل بأشواك المكائد والمؤامرات.
بمعنى آخر لا أحد يريد الخير لأحد خصوصاً أولئك ضعاف النفوس، ولهذا فإن كل خطوة سياسية مشرقة تُواجَه بشحوب سياسي من البعض الذين لا دور لهم ولا وظيفة سوى عدم الرضى ربما حتى على أنفسهم.
هل يُدرِكون أن ترف المماحكات يمكن أن ينطبق على شعوب مرتاحة وليس على شعب يكاد يحتفل بمرور نصف قرن على الحروب المتلاحقة فيه، وأنه آن له أن يستحق الراحة.
ولكن كيف نرحّل المتشائمون؟