Site icon IMLebanon

التسوية اللبنانية إلى التسريع بعد فصل الملفات الإقليمية؟

فرض الواقع الأمني الخطير، الذي تعيشه البلاد نتيجة تنامي أعمال الشبكات الإرهابية، نفسه على الأجندة السياسية، وأدى إلى تراجع في حدة الخطاب السياسي وإلى مسعى للبحث عن ترتيبات ما تريح الوضع الداخلي، برغم بعض التشويش.

لكن ثمة من يضيف عوامل اخرى فرضت نفسها على بعض القوى السياسية ودفعتها الى إعادة حساباتها الداخلية، بعد النتائج الميدانية في سوريا التي تحققت بفعل «عاصفة السوخوي الروسية» لمصلحة الجيش السوري وحلفائه.

وبدا واضحاً أنّ مبادرة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، الداعية إلى تسوية شاملة لكل الأزمات التي يعيشها البلد، قد لاقت صدى إيجابياً لدى الرئيس سعد الحريري ومعظم القوى السياسية الاخرى.. حتى المعارضة لـ «الحزب». إلا أن تسييل هذه المبادرة والأجواء الإيجابية المصاحبة لها، يحتاج ايضا الى قرار كبير بالجلوس الى طاولة واحدة للبحث في تفاصيل سلة الحلول المتكاملة، التي باتت عناوينها واضحة وان اختلف الأطراف على أولوياتها: من انتخاب رئيس للجمهورية الى وضع قانون انتخابات، الى إجراء انتخابات نيابية، الى شكل الحكومة المقبلة.. وبالانتظار، إعادة تفعيل حكومة الرئيس تمام سلام، بعدما تم تفعيل المجلس النيابي بجلسة «تشريع الضرورة».

ولكن ثمة من يرى أن سلة الحلول المتكاملة لا بد أن تواكبها أجواء إقليمية مؤاتية ومشجعة، بل دافعة للتوصل الى حلول. وهنا يكمن السؤال: هل الجو الإقليمي مساعد على مقاربة الوضع اللبناني بمعزل عما يجري في المنطقة؟ وهل يمكن عزل الملفات الإقليمية بعضها عن بعض ما دامت أطراف الصراع فيها هي ذاتها، من سوريا الى العراق فاليمن وليبيا مرورا بلبنان؟

لقد جاءت التفجيرات الإرهابية في برج البراجنة والتحضيرات لتفجيرات اخرى في مناطق اخرى، لتسهم في فصل ملف لبنان جزئياً عن ملفي سوريا والعراق، نظراً لخطورة حصول اختراقات أمنية خطيرة في لبنان على المساعي القائمة لحل الأزمتين في سوريا والعراق. بالإضافة إلى ما يمكن أن تشكله الفوضى الامنية من فوضى على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، عدا ما أصاب أوروبا من جرائم الإرهاب فدفعها الى التفكير جدياً بإعادة حساباتها وسياساتها في المنطقة.

لم يطرح السيد نصرالله مبادرته من موقع الضعيف، بل من موقع القوي الحاصل على إنجازات ميدانية كبيرة في سوريا، برغم العبء الأمني الذي قد يفرضه عليه تفجيرا برج البراجنة، لكنه عبء سبق وعاناه وتخطاه بعد معركة القصير التي أعقبها عدد كبير من التفجيرات في الضاحية، وواصل قتاله في سوريا.

ولطالما نبّه نصرالله القيادات اللبنانية الى ضرورة فصل الملفات وعدم الرهان على تدخلات خارجية لمعالجة الأزمة السياسية اللبنانية، بل دعا الى مقاربات محلية للوضع والعودة الى التوافق الذي طالما حكم الساحة اللبنانية.

ويبدو من رد الرئيس الحريري الإيجابي أن ثمة قناعة بدأت تتبلور لدى الطرف المحلي الآخر، وربما بغطاء سعودي، بإنجاز ترتيبات لبنانية داخلية لا تؤثر على مسارات الأوضاع الاقليمية، لا بل تشكل فسحة راحة لها للتفرغ لمعالجتها، وذلك بعدما أيقنت الدول المتدخلة في الحرب السورية أن لا حل إلا بالتسوية السياسية فيها ولو طال أمدها، فكيف إذا كان الميدان السوري يتحول لمصلحة النظام والجيش لاستعادة ميزان القوى، والإرهاب بدأ يطاول أوروبا؟