Site icon IMLebanon

اللبنانيّون الشيعة و«العونيّون» على لوائح الترحيل من السعوديّة

 

مع كل ازمة مستعــصية تنشأ بين لبنان ودول الخليج يدفع اللبنانيون العاملون هناك الثمن الباهظ، وما نشهده اليوم من علاقة سيئة بين لبنان والسعودية ومن غموض حول مصير رئيس الحكومة سعد الحريري وقصة إستـقالته من هناك، وما تبعها من تداعيات وتأويلات لم يفهمها احد، تشير هذه الوقـائع الى الاسوأ من حيث تفاقمها كمشكلة بين لبنان والمملكة، بحيث بدا الانتهاك لسيادة لبنان  قائماً بعد إحتجاز حرية رئيس حكومته بهذه الطريقة.

ومن ابرز تداعيات ما يجري سياسياً، تبدو قصة ترحيل اللبنانيين من المملكة غير جديدة لانها تتكرّر كل فترة، وهذا ما حصل قبل سنوات وتحديداً في ايلول من العام 2013، حين تم إبعاد العديد منهم من السعودية والامارات، بسبب مذهبهم او تأييدهم سياسياً لحزب الله، او كل من له علاقة به من قريب او من بعيد، بعد قرار مجلس التعاون الخليجي القاضي بفرض عقوبات شاملة على الحزب. والنتيجة أن اللبنانيين هناك باتوا يخشون من إمكانية ترحيلهم في أي لحظة، خصوصاً في موعد تجديد إقامتهم كذريعة لإقصائهم ، فتمتنع عن تجديد الاقامة لهم، وسط معلومات عن رفض منح عدد من اللبنانيين تأشيرة إقامة، على الرغم من حصولهم على عروض عمل، ما يجعل اللبناني يعيش كرهينة للسياسة فيدفع وحده ثمن المنازعات.

الى ذلك تنقل مصادر اللبنانيين العاملين في السعودية بأن ملف ترحيلهم اصبح على فوهة بركان، بحيث لا تعرف متى تحدّد ساعة إنفجاره، بعد تلقيّ اللبنانيين الشيعة العاملين في المملكة تحذيرات مشدّدة من الانتماء او التعامل مع حزب الله بحسب ما اشار مواطـــنون شيعة لـ «الديار»، مؤكدين بأنهم لا ينتمون الى الحزب ولا يتعاطون السياسة مطلقاً ، بل سافروا من اجل لقمة العيش وتأمــين عائلاتهم، لكنهم اليوم باتوا يخافون التحدث مع أي فرد من افراد عائلاتهم او اصدقائهم، كي لا يفسّر أي حديث كدليل قد يُستخدم ضدهم.

كما ينقل اهلهم في لبنان بأنهم لا يستـطيعون التحدث عن هواجسهم عبر الهاتف، لانهم مراقبون في كل خطوة وبالتالي فالوضع على ما يبدو ينذر بالأسوأ، وقد اعترانا الخوف كثيراً على مصيرهم حين سمعنا بخطف مواطن سعودي في منطقة العقيبة مقابل فدية مالية كبيرة، مشيرين الى ان العاملين المؤيدين لسياسة التيار الوطني الحر يتلقون تحذيرات مماثلة وبالتالي فالاسماء باتت على لائحة الترحيل قريباً. لان مصيرهم بات على المحك، وينذر بتداعيات خطيرة على كل الاصعدة، وفي طليعتها الدور الاقتصادي والمالي الذي تلعبه الجاليات اللبنانية المنتشرة في السعودية التي أسهمت في تنمية مختلف القطاعات هناك، وابدوا إستياءهم من اللعبة السياسية التي يدفع  ثمنها  اللبنانيون العاملون هناك، وسألوا عن دور المسؤولين اللبنانيين إزاء ما يحصل؟، وبالتالي من يؤمّن لهم فرص العمل في بلاد تحكمها البطالة الدائمة؟، بعد ان كانت دول الخليج المتنفس الوحيد أمام كل اللبنانيين بحثاً عن فرص عمل ضائعة، واعتبروا بأن الهجرة اللبنانية لطالما كانت مثمرة وبناءة في اتجاه دول العالم وخصوصاً منطقة الخليج.

في غضون ذلك تتفاءل مصادر سياسية مراقبة بزيارة  البطريرك بشارة الراعي الـــيوم الاثنين الى السعودية، بإمكانية ان تؤدي الى انفراجات لان بكركي دخلت على خـط الوساطات، وبأن يتم الافراج عن الحريري، وبأن يصل ملف العاملين هنالك الى مسار ايجابي بعد وضع عدد كبير من اســمائهم على اللائحة السوداء، آملة منهم  عدم التحدث على الهاتف في اي مسألة حتى ولو كانت تافهة، او إطلاق اي عبارة على مـواقع التواصل الاجتماعي، كي لا يثيروا الشبهات لان المراقبة استثنائية، وبالتالي فجميع السيناريوهات السلبية مطروحة والمخاوف فاقت التوقعات، خصوصاً ان الإجراءات جدّية لان المملكة وضعت لائحة العقوبات، واولها إقالة رئيس الحكومة اللبنانية وتبعتها بسحب الرعايا السعوديين من لبنان ومنع السفر اليه، واليوم تتصدّر اخبار ترحيلها للبنانيين قائمة هذه العقوبات والآتي اعظم.

وذكّرت هذه المصادر بأن الازمة الدبلوماسية بين لبنان والسعودية ليست وليدة اليوم وقد بدأت منذ ما يقارب العام ونصف العام، بعد قرارها  بوقف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني، وقدرها ثلاثة مليارات دولار، رداً على موقف وزير الخارجية جبران باسيل في الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية، الذي رفض إدانة الاعتداء على السفارة السعودية في إيران. وقد رافق ذلك هجوم من قيادة حزب الله على المملكة، فضلاً عن عرض الرياض لشريط مصوّر يكشف تسجيلات ومعلومات عن ضلوع عناصر من حزب الله بالتحضير لعمليات في السعودية.

ومع بدء هذه الازمة، تبع ذلك وقف التحويلات المالية من السعودية الى لبنان، فصدر تعميم عن المصارف اللبنانية بكل فروعها بوقف التحويلات المصرفية بين الريـاض وبيروت، وحينها طلبت المصارف السعودية مستندات واوراق ثبوتية وموافقة من قبل الكفيل السعودي وهي إجراءات لم تعتمدها في السابق، بهدف جعل عمليات التحويل صعبة جداً، وكل هذا أنذر بتداعيات كبيرة وبمفاجآت على صعيد العلاقة بين البلدين.

وختمت المصادر بأن البعض عوّل حينها على ان الاجراءات السعودية ضدّ لبنان ستقتصر على تجميد الهبة للجيش وقوى الامن اللبناني، وعلى تصنيف مجلس التعاون الخليجي حزب الله بمنظمة إرهابية، إلا ان الوقائع  وما تبعها اليوم يؤكد بأن مفاعيل الأزمة لا تزال مفتوحة على المزيد من المفاجآت السلبية، التي ستؤثر كثيراً من الان وصاعداً على الوضع الاقتصادي في لبنان، لان تحويلات اللبنانيين العاملين في المملكة لطالما أنعشت الاقتصاد اللبناني خصوصاً في معدلات النمو، لكن ما نسمعه اليوم من تهديدات المسؤولين السعوديين وابرزها مقولة «حكومة لبنان بمثابة حكومة حرب» تؤكد بأن الجرّة إنكسرت بين البلدين، مع الاشارة الى ان ما يُطلق من عبارات نابية من بعض  المواطنين السعوديين على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الشعب اللبناني مرفوض بشدة، لان اللبنانيين لطالما إستقبلوا السعوديين في بلدهم مع الترحيب والاحترام، وابدوا كل مودّة لهم ولا يجوز ابداً ان تطلق هذه الشتائم بحقهم.