تتجه الأنظار الى النتائج التي سيحملها فوز الجمهوري دونالد ترامب للرئاسة الأميركية، وانعكاس ذلك على الوضع اللبناني وعلى ملفات المنطقة عموماً، مع أن بروز أية معطيات جديدة في السياسة الأميركية الخارجية لن تظهر قبل الربيع المقبل بعد أن تكون الإدارة الجديدة تسلمت الحكم في 20 كانون الثاني، ودرست الملفات كافة.
وتفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن فوز أي مرشح في الولايات المتحدة لن يغيّر من ثابتة أساسية حيال لبنان في أنه لن يكون أولوية في السياسة الخارجية.
وباستثناء الحفاظ على الاستقرار، لبنان ليس أولوية. بل الاولوية للوضع السوري، والموضوع العراقي، ولليمن وللعلاقات مع روسيا ومع الخليج وإيران. ويصبح الملف اللبناني أولوية إذا صعّد «حزب الله» وعمل على تكبير حجمه اقليمياً. إنما لا يبدو أن هناك مصلحة دولية بإعادة لبنان الى زمن الحملة الأميركية والعربية على «حزب الله»، وفي الوقت نفسه لا يعني ذلك، أنّ هذا التوجه سيستمر طويلاً ومن دون أفق. ولكن يبقى هناك اهتمام خاص، بمواقف ترامب حول «حزب الله» وصولاً الى مواقفه التصعيدية من إيران أيضاً. وبالتالي، قد تكون سياسته أقرب الى وضع ضغوط أكثر على الحزب، ولا سيما أن جماعته ومن يتوقع أن يشكلوا فريق عمله ينوون السير في هذا التوجه. لكن لا يمكن التأكد منذ الآن من التوجه الحقيقي لا سيما وأنه بعد استلام السلطة تطرأ تغييرات على الأداء تبعاً لتطورات الظروف الدولية والداخلية. إلا أن ترامب وفي حملته لم يقدم برنامجاً شاملاً وواضحاً لرؤيته الخارجية، وهو الأمر الذي يجعل من فريقه منكباً على العمل لدراسة الملفات وجوجلة الملفات لوضع سياسة شاملة ومتكاملة. في كل الأحوال وبغض النظر عن المرشح الذي يفوز في واشنطن، فإن دور إيران تأخرت معالجته، وكان يفترض بحسب المصادر، أن تتنبه الولايات المتحدة للأمر قبل فوات الأوان.
لذلك، لم يعد لبنان أولوية أميركياً، المهم فقط الاستقرار. وانتخاب رئيس الجمهورية جاء نتيجة اتفاق داخلي، ولا يستمر هذا الاتفاق، وينطلق الا بوجود عدم عرقلة من الخارج، لماذا الحفاظ على الاستقرار؟ السبب يعود الى الرغبة في انتظار ما سيحصل في سوريا، من أجل أن يتخذ قرار حول التعاطي مع لبنان، مع الإشارة الى أن إعادة إعمار سوريا فيما بعد ستمر حتماً في لبنان.
وتقول المصادر، إن الوضع اللبناني حالياً لم يعد «ستاتيكو»، بل خطا خطوة الى الأمام بوجود رئيس للجمهورية وتحالفات داخلية جديدة، فهناك تعديل في آلية عمل 14 آذار وكذلك 8 آذار.
الترشيحات التي حصلت لرئاسة الجمهورية والتسميات من أفرقاء، وعدم وجود تسميات من أفرقاء آخرين، دليل على وجود تحالفات مختلفة ضمن 8 آذار.
الرئيس انتخب بـ83 صوتاً، في حين أن 112 نائباً سمّوا الرئيس المكلّف سعد الحريري.
«حزب الله» أعطى أصواته لعون، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي أعطى أصواته للرئيس الحريري، وليس لعون، وبالتالي، لم يعد لبنان «ستاتيكو» في وضعه. فضلاً عن ذلك هناك الإصرار الداخلي على عدم اللجوء الى «الخربطة الأمنية»، وعلى الاشادات بدور الجيش اللبناني. وهذا الدور لم يكن قادراً على القيام به كاملاً، لولا الدعم المعلوماتي من الأطراف الخارجية والدعم في التجهيز للحفاظ على قدراته من أجل الحفاظ على الاستقرار. إذاً هناك انتقال من مكان الى آخر.
إذا تمّ الاسراع في تأليف الحكومة الجديدة، وهذا هو الجو السائد، فذلك لأن الشلل في البلد لم يعد مقبولاً الاستمرار فيه، ويمكن أن يؤدي الى خربطة الوضع أمنياً. وبالتالي، كان من الضروري أن يسهّل الخارج التوافق الداخلي الذي حصل واعطاءه دفعاً وإيجابية.
بعد الانتخاب، وبعد تشكيل الحكومة لاحقاً، بات المطلوب دولياً من لبنان الكثير. ولم يعد هناك من عذر أمام اللبنانيين بالنسبة الى واشنطن والمجتمع الدولي أيضاً، في أن لا تعمل المؤسسات وأن لا تسير الأمور وتنطلق كما يجب.. وفي هذا الإطار البيان الرئاسي الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي غداة انتخاب الرئيس عون، لم يرحب بحصول الاستحقاق فحسب، إنما أيضاً رسم «خارطة طريق» لما يجب أن يحصل في لبنان بعد الانتخاب، ونص على تشكيل حكومة مُمثلة وفاعلة، وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها أي في أيار المقبل.
ما يعني أنه من الآن ولفترة وجيزة تكون قد تشكلت الحكومة، ونالت الثقة من المجلس النيابي وفقاً لبيانها الوزاري، ويكون تمّ الاتفاق على قانون للانتخابات.
ما يعني أيضاً أنّ العالم قال للبنان ما يجب القيام به وما هو المطلوب منه.