Site icon IMLebanon

اللبنانيّون علقوا لساعات… هل يكفي الإعتذار؟

لا تكفّ الدولة اللبنانية العاجزة عن مفاجأة مواطنيها يومياً بإضفاء نكهة مميّزة على نهارهم. وعلى رغم أنّ زحمة السير باتت خبزهم اليومي، إلّا أنّ قضاء يوم كامل على الطرق بات أمراً يفوق قدرتهم على التحمّل، فيما الدولة تنفض عنها غبار الاتّهامات ببياناتها «التبريرية».

ما يراه الأجانب أزمة، يَعتبره اللبنانيون نمط حياة «مزعجاً»، وعلى رأس هذه الأزمات زحمة السير، فهذا الواقع المستمر بات وضعاً يُرثى له، فيما المعنيون يتقاذفون المسؤولية ويغيبون حين تسألهم عن سبب التقصير، ولماذا يحوّلون طرقاتنا مرآب سيارات، ومن الذي سَمح لهم بذلك، فهل يقبضون الرواتب من الشعب، لخلقِ مشاكل تثقِل كاهل المواطن المسكين الذي يَكويه ارتفاع أسعار المحروقات، علماً أنّه يَصرف معظمها في الزحمة وتحت الشمس الحارقة؟ 

كلّ ما تفعله الدولة هو إصدار بيانات اعتذارية، لكن هل تعوّض هذه البيانات للمواطنين؟ هل تُهدّئ العامل الذي وبَّخه ربّ عمله بسبب تأخّرِه؟ أو تعيد الميتَ الذي وصل متأخّراً إلى المستشفى؟ أو تعوّض على الشاب الذي خسرَ فرصة عملٍ بسبب تأخّره عن مقابلة؟ خصوصاً أنّ حجّة زحمة السير لم تعُد مقنعة، على أساس أنّها من يوميات المواطن وعليه أن يحسب لها ألف حساب.

في هذا الإطار، لا يمكن السكوت عن زحمة السير الخانقة التي حصلت أمس على المسلك الشرقي لأوتوستراد الكازينو، بسبب تنفيذ وزارة الأشغال استبدالَ الفواصل الحديدية على الأراضي اللبنانية كافة، منها جسر كازينو لبنان، ما أدّى إلى ازدحام شديد في حركة السير بسبب عدم وجود طرُق بديلة محاذية لجسر الكازينو، فيما صرخة المواطنين أصبحت «مبحوحة»، فأيّ دولة في العالم تقوم بأشغالها في وضح النهار؟».

وفيما أوقف القاضي داني شرابيه متعهد الأشغال، رفعت وزارة الأشغال المسؤولية عنها في بيان أصدرَه مكتبها الإعلامي، أكّد فيه أنّ «الأشغال تُنفَّذ ليلاً وتتوقّف نهاراً، تسهيلاً لحركة المرور وبمواكبة وتنسيق مع قوى الأمن الداخلي»، لافتاً إلى أنّ «الأشغال على جسر كازينو لبنان تنتهي خلال فترة أربعة أيام على أن تعاود الأشغال على الجسور الأخرى حيث تنتهي خلال شهر أيار على الأراضي اللبنانية كافّة».

وأشار إلى أنّ «المتعهّد الذي ينفّذ الأشغال أوقِف بسبب مخالفاته أصولَ العمل». فهل توقيفُه يُنسي المواطنين الساعات السوداء التي أمضوها على الطريق، حيث حرقوا من أعصابهم بقدر ما هدروا محروقات في قوافل سيارات امتدّت على عشرات الكيلومترات.

الحلول لهذه الأزمة بالعشرات، لا حاجة للتطرّق إليها، فهذا عمل المسؤولين المنتدَبين من المواطن لإيجادها، لكن ما يمكن التطرّق له هو حال هذا الأخير الذي سئم من الدولة بكلّ قطاعاتها.

عناصر قوى الأمن، كالعادة، هرَعت لمساعدة المواطنين، وتحمّلت نتائج ما لا ذنبَ لها فيه، فعناصر مفرزة سير جونية عملوا لتسهيل حركة المرور والتخفيف من الازدحام، وحوّلوا السير على الطريق البحرية في اتّجاه واحد نحو الشمال.

وفي هذا الإطار قال مصدر في قوى الأمن الداخلي لـ«الجمهورية»: «الإيجابي في الموضوع أنّ المتعهد أوقِف، خلافاً لِما كان يحصل في السابق، حيث لم يكن أحد يتحمّل المسؤولية»، مضيفاً: «ما فعَلته قوى الأمن كان استقدامها للتربة لردمِ الطريق من أجل مرور السيارات وتخفيف الزحمة، ريثما تُستكمَل الأشغال في الليل، كما فتحت الطريق البحرية».

وأكّد أنّ «القوى الأمنية تكون دائماً في الواجهة، وإن كانت لا ذنبَ لها بما يحصل، إلّا أنّها تأخذ دائماً على عاتقها الوقوف إلى جانب المواطنين».

بدوره، قال وزير التربية والتعليم الياس بوصعب عبر «تويتر»: «نتفهّم صيانة الطرق، لكن لا نفهم إهمال وغياب المقاول عن الموقع، وتركَ الناس محتجَزين لساعات من الكازينو إلى بيروت».

إذاً كفرَ الناس، خصوصاً من يمرّ على أوتوستراد جونية، من هذه الزحمة الدائمة، وهنا يسأل المواطنون: العالم وصل إلى القمر والمرّيخ ونحن لا نستطيع بناء جسر أو نفق، فهل يُعقل أن يستغرق عبور جونية وقتاً أطول من السفر إلى أيّ دولة؟ ومتى ستستفيق السلطة من نومها العميق لتنصرفَ إلى حلّ أزمات المواطنين؟ ومن يُحاسب في نهاية المطاف؟