تسارعت الإجراءات التي اتخذتها الدول لمكافحة انتشار وباء الكورونا وتفاوتت في ما بينها، فباغتت الطلاب اللبنانيين في الخارج وأربكتهم. ومنهم من استطاع العودة إلى لبنان قبل إغلاق مطار رفيق الحريري الدولي، فيما بقي قسم آخر عالقاً في حجره في بلاد الإغتراب. ويناشد بعض هؤلاء عبر “نداء الوطن” دولتهم العمل على إجلائهم للعودة إلى بلدهم، وقضاء هذه الفترة العصيبة بين أهلهم، وللتخلص من الأعباء المالية الضخمة ومصاريف الإغتراب، والتي ضاعفت منها أزمة الدولار.
وفيما هم يترقبون قرارات الحكومة على أمل أن تلتفت إليهم بسرعة، عرض وزير الخارجية ناصيف حتي أمام الحكومة، أمس، شؤون الطلاب المحجورين في غربتهم. فطلب رئيس الحكومة حسان دياب من حتي إعداد خطة تلحظ بعض التسهيلات النقدية لمساعدة هؤلاء. فيما لم تشر مقررات مجلس الوزراء إلى السعي لإعادة الطلاب الراغبين بذلك إلى وطنهم، على الرغم من مطالبتهم بذلك.
وبانتظار إقرار الخطة ووضعها موضع التنفيذ يعاني طلاب من أزمة مالية تمنعهم من تأمين احتياجاتهم الأساسية، فيما يحاولون التعويض عن تقصير الدولة عبر التكافل والتضامن في ما بينهم. وتواصلت “نداء الوطن” مع أحمد حسين، أحد الطلاب اللبنانيين العالقين في إيطاليا. وكان حسين قد حجز تذكرة سفر للقدوم إلى لبنان، لكن رحلته أجلت إلى موعد آخر ومن ثم ألغيت بعد قرار دياب ايقاف الرحلات القادمة من إيطاليا قبل إقفال المطار. ووفق حسين فقد طلب منهم التنسيق مع السفارة اللبنانية، التي وعدت بالتنسيق مع وزارة الخارجية وإرسال طائرة لإعادة الطلاب إلى لبنان، لكن ذلك لم يحصل. ويشكو الطلاب من القيود التي تفرضها المصارف على المبالغ التي يريدون سحبها من حساباتهم المصرفية. كما أن هبوط سعر صرف الليرة مقابل الدولار قد فرض عبئاً إضافياً على الأهل، وفق حسين، فما عاد بإمكانهم إرسال المبالغ ذاتها التي كانوا يرسلونها، “لأن الـ300 يورو باتت توازي أجر رب الأسرة”.
لكنّ اللبنانيين في الغربة لم يتخلوا عن بعضهم، على الرغم من ضيق الحال. وفي حين توقف عمل بعض الطلاب وفقدوا مصدر دخلهم، يتبرع أفراد وجمعيات للمساعدة، ومن يعجز عن دفع إجرة مسكنه يتشارك السكن مع طالب آخر. “لا فكرة لدينا عن المدة التي يمكننا الصمود خلالها، وتختلف القدرة بحسب الأشخاص. منّا من يمكنه الصمود أسبوعاً، غيره يمكنه الصمود أكثر. وهناك طلاب لا يملكون ثمن الطعام”، يقول الطالب. ويلفت إلى أنه لم يتمكن وغيره من استرجاع ثمن تذكرة السفر على الرغم من إلغاء الرحلات. بدوره يتحدّث الدكتور علي فولادكار، من جمعية الجامعيين اللبنانيين في فرنسا، عن معاناة الطلاب اللبنانيين هناك. والذين يعاني بعضهم أيضاً من عدم القدرة على العودة إلى لبنان، ومن الضيقة المالية. “فسقف السحوبات الذي حددته المصارف لا يؤمن للطلاب متطلبات الحياة لأن كلفة المعيشة هنا مرتفعة”. ووفق فولادكار فإن بعض الطلاب كان ينوي العودة إلى لبنان قبل إغلاق مطار بيروت لكنهم فوجئوا بأن أقفلت فرنسا مطاراتها قبل يوم من إقفال مطار بيروت. ويشير فولادكار إلى إمكانية عودة الطلاب في حال جرى اتفاق بين البلدين. وعن كيفية تخطي الطلاب للأزمة المالية التي يواجهونها، يقول الدكتور أن الحكومة الفرنسية تقدم مساعدة إجتماعية للطلاب الذين تثبت حاجتهم، وتحتاج دراسة الطلب وتقديم المساعدة لحوالى أسبوعين. وكما في إيطاليا كذلك في فرنسا تضامن اللبنانيون في ما بينهم لتأمين المساعدات لمن يحتاجها.