IMLebanon

الطلاب اللبنانيون في الجامعات السورية: حل وفق «التجربة الأوكرانية»؟

عباس عثمان

بين الحياة الآمنة في لبنان والشهادة المؤمّنة في سوريا، تتأرجح مخاوف مئات الطلاب اللبنانيين العائدين من الجامعات في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد. وحتى اللحظة، لا يعرف هؤلاء كيف سيكون مصيرهم وفي بالهم تتلاحق الأسئلة حول ما ستحمله الأيام المقبلة، فهل سيعودون إلى جامعاتهم التي أمضوا فيها معظم سنوات دراستهم؟ أم سيتمكّنون من حجز مقاعد لهم في كليات الجامعات اللبنانية؟

على عجل، غادر محمد، الطالب في كلية طب الأسنان، إلى لبنان بعد وصول المعارضة السورية إلى المحافظة التي تقع فيها جامعته، لكنه يعتزم العودة إلى سوريا بعد عطلة رأس السنة لإتمام امتحانات التخرّج، لا يملك الشاب سوى هذا الخيار. فبالنسبة إليه، مصيره اليوم مرتبط بسوريا لا لبنان، في ظل غياب أي حلول له ولغيره من الطلاب الذين يُعدّون حوالى 150 طالباً، منهم على الأقل ما يقرب من 100 طالب في الكليات الطبية، وهو ما يجعل خيار استكمال الدراسة هنا محفوفاً بالكثير من المخاطر، ومنها عدم الموافقة على معادلة الشهادات.

صحيح أن بعض الطلاب اجتازوا الامتحانات الوطنية النهائية في الطب بنجاح، إلا أنهم لم يتمكّنوا من تسلّم شهاداتهم، وهو ما يعني عملياً «ضياع ست سنوات من عمري»، يقول مهدي، أحد هؤلاء الطلاب. ورغم قبوله اليوم في أحد المستشفيات للعمل، إلا أنهم لم ينجزوا معه أي عقد رسمي في انتظار حصوله على أوراقه الرسمية. وهو أمر قد يطول، خصوصاً أنه يعتقد بأنه يجب التريث في المطالبة بتلك الأوراق حالياً لكي لا يعتبر ذلك استفزازاً للمعارضة.

 

حوالى 150 طالباً بينهم نحو 100 طالب في الكليات الطبية

 

 

 

من جهته، يروي حسين، الطالب في كلية الطب الذي اضطر عقب سقوط النظام إلى «التخفي في المنزل»، أنه «مع شيوع الفوضى، تلقّى الطلاب إنذاراً من الجامعة بالمغادرة إلى لبنان»، ما تركهم أمام واقع يفرض عليهم التحرك الفردي والجماعي من دون التنسيق مع أي جهة. وقد قام بعض الطلاب بدفع أجرة النقل إلى لبنان لآخرين لم يكن باستطاعتهم توفير المبلغ للعودة.

وبموازاة ذلك، أُنشئت مجموعات واتساب لإحصاء الأعداد والتخصصات، لتقديمها للدولة اللبنانية كي تؤمّن للطلاب الأوراق الرسمية المطلوبة من الجامعات السورية لاستكمال دراستهم في لبنان أو للعمل. فالعودة إلى سوريا تنطوي على مخاطر.

والسؤال هنا: هل يستطيع هؤلاء أن يؤمّنوا مقاعد لهم في الجامعات في لبنان؟ بالنسبة إلى الجامعة اللبنانية لا يبدو أن الطريق معبّد نحو الدخول إلى كلياتها، إما لصعوبة استيعابهم من دون وجود شهادات أو مستندات، وإما للصعوبة في قبولهم في بعض الكليات، بسبب شروط الدخول الصارمة إليها، ولا سيما الكليات الطبية.

وإن كان حتى اللحظة، لم يتواصل أي من المجموعات الطالبية مع الجامعة اللبنانية، إلا أن ثمة مساراً منطقياً يصعب الخروج عنه عند الحديث عن طلاب الكليات الطبية بشكل خاص. ويشير مصدر في الجامعة اللبنانية عاين تجربة شبيهة في عام 2012 مع عودة الطلاب اللبنانيين من الجامعات السورية بسبب الاضطرابات في حينها، إلى أن الالتحاق بأي من كليات الجامعة يجب أن يكون وفق شروطها، من دون أن يخفي وجود محاذير وتعقيدات في هذا الملف، استناداً إلى تجربة عام 2012 «التي لم تكن موفّقة». في ثاني الأمور التي يجب الالتفات إليها ما يتعلّق بسنوات الدراسة، فإن كان يمكن إخضاع من لم يتم نصف سنوات دراسته في سوريا لشروط كل كلية، إلا أن هناك «مشكلة كبيرة لدى من أنهى أكثر من نصف سنوات الدراسة هناك، إذ لا يمكن أن تمنحه الجامعة اللبنانية شهادتها وهو لم يتمّ معظم سنوات دراسته فيها». ليس تمرّداً وإنما هو التزام بنص القانون 285 (قانون التعليم العالي). وفي تلك الحال، ينصح المصدر الطلاب «بالتواصل مع جامعاتهم لإتمام مراحل تخرّجهم، فإن كان على سبيل المثال في السنة السابعة من الطب وهي سنة يفترض أن يقوم فيها الطالب بالتدرّب في أحد المستشفيات، فعندها يمكن أن يقوم بالتنسيق مع جامعته والتدرّب في أحد المستشفيات اللبنانية على أن تكون هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن شهادته».

في ثالث الأسباب، هناك حساسية بعض الاختصاصات التي لا يمكن أن «يقطع» معها أي شخص، وهي كليات تتشدّد في مستويات طلابها، ولا يمكن لهذه الكليات المخاطرة بـ«سمعتها ومهنيتها». وانطلاقاً من كل تلك الأسباب، يقول المصدر إن الأفضل في هذا السياق التعاطي مع الطلاب على شاكلة ما حصل مع طلاب الجامعات الأوكرانية. وهذا لا يجري من دون العبور بوزارة التربية والتعليم العالي، حيث يتعيّن على هؤلاء الطلاب تقديم ملفاتهم، على أن يُعمل على دراساتها و«غربلتها» لمعرفة من يمكنه الخضوع لشروط الكليات في الجامعات اللبنانية من عدمه، علماً أن تلك السيناريوهات قد تسقط في «لحظة تواصل» ما بين وزارتي التربية اللبنانية والسورية في حال استقرار الأوضاع والعمل على صيغة تضمن عودة الطلاب إلى جامعاتهم أو سحب أوراقهم الرسمية من هناك لمن يرغب.