IMLebanon

طلّاب لبنان يستعدون للامتحانات الرسمية… إحذروا فخ «الترجيحات»

 

يومان وينطلق قطار الامتحانات الرسمية التي يُمتحَن فيها 41 ألف و157 مرشّحاً في الثانوية العامة، و59 ألف و505 مرشّحين في الشهادة المتوسطة. إستحقاق يتجنّد له لبنان بأجهزته التربوية والأمنية، سباق تتنافس فيه معظم العائلات اللبنانية عبر أولادها المرشحين، إختبار يَمتحن أعصابَ الأهالي وقدرات التلامذة. فما هي أبرز التغييرات التي أدخِلت على خط الإعداد للامتحانات الرسمية؟ ماذا عن طبيعة الأسئلة وأسسِ التصحيح لهذا العام؟ ما جدوى الترشيحات في اللحظات الأخيرة؟… أسئلة كثيرة حملتها «الجمهورية» إلى رئيس دائرة الامتحانات في وزارة التربية هيلدا الخوري.

كخلية نحل تغلي وزارة التربية من رأس الهرم حتى القاعدة، العد العكسي إنطلق، حال تأهّب في الطوابق كافة لا سيما في الطابقين العاشر حيث مكتب المدير العام والاجتماعات المكثفة، وفي الأول دائرة الامتحانات والطريق إلى بنك أسئلة الامتحانات. المذكرات والتعليمات التي ضاقت بها «البانوهات»، لُصقت على الأبواب والجدران، باختصار «الإستحقاق وطني بامتياز، ممنوع الغلط»، وفق ما أجمعت عليه الاجتماعات اللوجستية كافة.

يشارك في المحطة الاولى من الامتحانات الرسمية، والتي ستنظّم في قطر وكنشاسا وغانا في الوقت نفسه، طلاب الشهادة المتوسطة، 52 ألف و914 لبنانياً، و6 آلاف و591 غير لبناني. من بينهم 1199 طلب حر: 1069 لبناني، و130 غير لبناني. أما في الدفعة الثانية من الامتحانات فيشارك طلاب الثانوية العامة والتي تبدأ في 6 حزيران حتى 12 منه، وتضم 41157 مرشحاً: 38772 لبنانياً و2385 غير لبناني. وقد بلغ مجموع الطلبات الحرة 2021، من بينها 1816 لبنانياً، و205 غير لبناني.

حيال هذه الاعداد الضخمة للمرشحين، جنّدت الوزارة مدارس رسمية واستعانت بمجموعة من المدارس الخاصة، توزّعت على النحو التالي: 112 مركزاً في جبل لبنان، 27 في بيروت، 63 في الشمال، 23 في بعلبك الهرمل، 27 في البقاع، 35 في الجنوب، 25 في النبطية.

 

طبيعة المسابقات

مع اقتراب المواعيد يتحوّل بنك الأسئلة إلى نجم الإستحقاق، فيخطف أنظار الأساتذة الذين يغذّونه على الدوام بأسئلتهم ويطمحون ليتم اختيار أحدها، ويحبس أنفاس المرشحين متمنيين «انشالله تكون الاسئلة سهلة». في هذا السياق، توضح الخوري «ليس المطلوب «تعجيز» الطلاب وإثارة بلبلة حول مسابقة معيّنة لشدة صعوبتها، كل ما في الامر أنه يتم اختبار مهارات طلابنا وقدراتهم الفكرية». وتضيف مؤكدة: «لا تغيير هذه السنة في طبيعة منهج الاسئلة، فهي تنسجم مع تصنيفات مركز البحوث التي صدرت منذ نحو سنتين، وهي قياس المعلومات التي يملكها الطالب، وقياس الكفايات التي تعلّمها. لذا، ما من مفاجآت أو تعديلات في طبيعة الاسئلة».

 

إحذروا «الواتس آب»

كالنار في الهشيم تنتشر اسئلة وأحياناً مسابقات بالكامل على هواتف المرشحين في اللحظة الاخيرة من موعد الامتحان، فتؤكّد الخوري «انّ الاسئلة المتداولة عبر الواتس آب هي مجرد «ترجيحات»، لا جدوى منها، هدفها إضاعة الطلاب وتشتيتهم فكرياً. فالمسابقات يتمّ اختيارها عشوائياً من بنك الاسئلة الذي تحيط به مراقبة أمنية مشددة ويغيب عنه الإرسال». وتضيف: «عشيّة كل مسابقة تلتئم مجموعة من اللجان الفاحصة المعينة من المدير العام فادي يرق، وتبدأ بوضع الأسئلة وتنسيق المسابقة ليتم إرسالها إلى المناطق التربوية عند الرابعة فجراً بمغلفات خاصة محميّة لا يمكن فتحها، إنما يُمزّقها المراقب أمام أعين المرشحين في الصف، فلا يمكن أبداً الحديث عن تسريبات أو «ترجيحات».

أما بالنسبة إلى الوقت المخصص لكل مسابقة، والذي يتحوّل إلى عدو للطلاب، فتؤكد الخوري «انّ اللجان الفاحصة لا تتجاهل قطعاً مسألة الوقت، وتُحدد المسابقات بحسب الوقت المخصص لها، ولكن من يتلهّى في الصف سيضيق أمامه الوقت ويعجز عن إنهاء مسابقته ضمن الوقت المحدد لها فيعتقد أنّ الوقت قصير وما شابَه».

 

أسس التصحيح جديدة؟

في المقابل، تلفت الخوري إلى انّ تعديلاً استجَدّ على أسس التصحيح والذي يصبّ أكثر قي صالح المرشحين، فتوضح: «لبنان من أكثر البلدان دقة في التصحيح، لأننا نقوم سنوياً بعملية تقييم مع مقرري اللجان الفاحصة لتحسين نوعية التصحيح القائمة لأنّ المسابقة تخضع لمصححَين، وإذا كان فرق العلامات شاسعاً بينهما تخضع المسابقة لمدقق ثالث. فنحن نطمح إلى تصحيح دقيق تجاه الطلاب، وتخفيض هامش الوقوع في خطأ قدر المستطاع. لذا، هذه السنة اعتمدنا آليّة جديدة مع المصححين والمدققين».

 

وتتابع موضحة: «بعد الانتهاء من الامتحانات، سنمضي يوماً كاملاً مع المدققين في كل مادة، وسيتم أخذ 25 مسابقة مجهولة الاسم، من كل مادة، يتمّ تصويرها على عدد المدققين الذين سيجلسون معاً لتصحيح تلك المسابقات سعياً لتوحيد اللغة في ما بينهم وتحديد أسس التصحيح إنطلاقاً من عَيّنة المسابقات بين أيديهم، يُحددون الاجوبة الصحيحة والاخرى الخطأ، بهدف الوصول إلى دقة عالية من التصحيح وعدم ظلم أحد من الطلاب». وتتابع: «أسس التصحيح هذه سينقلها المختصون إلى المدققين بالمادة والمشرفين عليها في المناطق التربوية، بالتالي يخضع المرشحون كافة لمعايير التصحيح نفسها ولا يُظلم أحد».

 

الهواتف والساعات الذكية… «محرمات»

نظراً إلى تعمّد بعض الاهالي أو الإدارات بناء علاقة وطيدة مع رؤساء المراكز من عام إلى آخر، تحرص وزارة التربية على إعادة توزيع هؤلاء، فتقول الخوري: «توزيعهم يتمّ عشوائياً ضمن برنامج إلكتروني، كما أنّ صاحب المركز هو آخر من يُبلغ عن المركز المسؤول عنه، على عكس التلاميذ والمراقبين والمراقبين العامّين الذين يتبلّغون تباعاً».

وتلفت الالخوري إلى المسؤولية الكبيرة المنوطة برئيس المركز والفريق المتعاون معه في ضبط الامتحانات والمحافظة على الاجواء الهادئة، فتقول: «هناك من تعب ودرس فمن حقه أن ينعم بأجواء تخوّله التركيز والاجابة عن أسئلة المسابقة، أما من يعتمد على إدخال الهاتف الخلوي أو أي ساعة إلكترونية، فسيتم حرمانه فوراً من المسابقة». وتضيف: «كل عملية ضبط لهاتف ضمن غرفة الامتحان سواء تمّ استخدامه من قبل التلميذ أو لا فإنه يُقصى فوراً من امتحاناته. ممنوع إدخال الهواتف والساعات الذكية والآلة الحاسبة الخاضعة للبرمجة إلى المراكز منعاً تاماً، وإلّا يتعرض صاحبها للإقصاء الفوري».

وحيال تَذرّع بعض المرشحين بأوضاع صحية لإعفائهم من الامتحانات الرسمية، تقول الخوري: «أمضينا شهراً كاملاً ندرس الملفات وأجرينا مقابلات شخصية مع المرشحين للتأكّد من وضعهم الصحي، ولم نعف إلّا 55% من مجمل الذين تقدّموا بطلب إعفاء، أي الذين فعلاً يُعانون مشكلات صحية وطبية معقّدة».